هل تتقدّم الضربة على الاتفاق النووي

هل تتقدّم الضربة على الاتفاق النووي؟

هل تتقدّم الضربة على الاتفاق النووي؟

 لبنان اليوم -

هل تتقدّم الضربة على الاتفاق النووي

بقلم : نديم قطيش

تصاعد التحذيرات والتسريبات والتقديرات الاستخباراتية حول احتمال توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية، في حال فشل المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، يعيد تعريف الخطوط الحمراء بشأن ما تعتبره إسرائيل «تهديداً وجودياً» لها، في ضوء متغيرات إقليمية ودولية عميقة.

الحديث عن «ضربة وشيكة» لم يعد مجرد تكهنات صحافية، أو من أدبيات التوتر المعتاد بين الطرفين، بل بات مادة لتقارير استخباراتية، وتصريحات مباشرة وغير مباشرة من مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، ونقاشات مفتوحة في مراكز التفكير حول العالم. والأهم هو ما يرصده خبراء عسكريون من مناورات جوية وتحركات ذخيرة دقيقة، وتموضعات تشير إلى أن إسرائيل قد تكون قادرة على تنفيذ ضربة خلال سبع ساعات من اتخاذ القرار؛ ما يترك هامشاً زمنياً ضيقاً لأي تدخل أميركي محتمل. فهل نحن فعلاً أمام ساعة الصفر، أو أن ما يجري لا يزال جزءاً من لعبة الرسائل المعقدة التي تبعث بها إسرائيل والولايات المتحدة للضغط على إيران؟ وهل السياق الأوسع، لا سيما ما تغير على مستوى موازين القوى في المنطقة، يعزز احتمال الضربة أو يضعفه؟

إيران، رغم استمرارها في تخصيب اليورانيوم بنسبة تقترب من العتبة العسكرية (60 في المائة)، فقدت الكثير من مخالبها بعد الضربات القاسمة التي تعرض لها وكلاؤها الإقليميون، لا سيما «حزب الله» و«حماس»، وأفقدتهم جزءاً كبيراً من قدرات الردع والإسناد. كما أن الضربات الإسرائيلية المركّزة التي استهدفت منشآت عسكرية واستخباراتية إيرانية في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، والانفجارات الغامضة في ميناء شهيد رجائي في أبريل (نيسان) الفائت التي دمرت مخزون الوقود الصلب المُشغل للصواريخ الباليستية، تركت أثراً واضحاً على جاهزية طهران وقدرتها على التصعيد غير المتكافئ.

يشكل هذا التأكُّل في أدوات الردع الإيرانية أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الخيار العسكري الإسرائيلي أكثر احتمالاً، لا سيما مع وجود حكومة إسرائيلية تُعرّف الأمن الوطني بمنطق «الوقاية الوقائية»، وتقدم أحياناً الحسابات العسكرية على الحسابات السياسية.

زِد على ذلك أن الإجماعات الإسرائيلية تغيرت جذرياً بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023، بحيث باتت الغريزة الحاكمة أن التهديدات الوجودية، مثل البرنامج النووي الإيراني، لا تحتمل الانتظار أو الرهان على المسارات الدبلوماسية البطيئة.

وعليه، يُفهم تلويح واشنطن لتل أبيب بسحب التنسيق العسكري والدبلوماسي في حال أقدمت إسرائيل على تنفيذ الضربة خارج الإطار الزمني الذي تحدده الإدارة الأميركية، وعلى نحو يتعارض مع المسار التفاوضي الجاري مع طهران. ويعزز الانطباع أن في الولايات المتحدة من ينظر بجدية بالغة إلى احتمال توجيه ضربة إسرائيلية لإيران.

تلتقي المواقف العربية المحورية مع هذا التوجه؛ إذ أبدت عواصم رئيسية في المنطقة رفضها الصريح لأي خيار تصعيدي إسرائيلي يبدد فرصة الحلول الدبلوماسية، كما نقلت هذه الدول رسائل مباشرة إلى طهران، تحثها فيها على التجاوب مع مسار التهدئة وتجنب الانزلاق إلى مواجهة أوسع، قد تكون مدمرة لجميع الأطراف.

يؤمل لهذه المظلة الأميركية - العربية أن تضعف احتمال التصعيد العسكري. فنتنياهو، مهما بدا واثقاً بقدرة بلاده على التحرك المنفرد، يدرك تماماً أن أي خطوة كبرى دون غطاء أميركي، وبالتعارض الحاد مع مصالح دول إقليمية وازنة، قد تكلّف إسرائيل ثمناً استراتيجياً باهظاً.

وما يزيد المشهد تعقيداً هو أن الضربة الإسرائيلية، إن حصلت، لن تكون «جراحية» بالمعنى الكلاسيكي؛ فالمعلومات المتداولة تفيد بأنها ستكون عملية تمتد لأيام، تستهدف عدة مواقع ومنشآت في عمق إيران، وهو ما يعني أن احتمال الانزلاق إلى تصعيد مفتوح سيظل قائماً، ويفرض على إسرائيل حسابات أمنية ودفاعية معقدة، حتى لو لم يرتقِ الرد الإيراني المباشر إلى ما يُخشى منه.

وإن كان ترمب لا يمانع تسريب تهديدات إسرائيلية عبر الإعلام لإبقاء الضغط على الطرف الإيراني، فإن ذلك لا يعدو كونه التقاءً مؤقتاً بين الحسابات الإسرائيلية والأميركية، لا يتجاوز الاستثمار في التلويح بالخطر. فالأكيد أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يفضل إنجاز اتفاق نووي «جيد» يقي الولايات المتحدة الانجرار إلى مواجهة إقليمية، خدمة لحساباته السياسية الداخلية والانتخابية، وخدمة لحساباته الشخصية، ورغبته في الحصول على أكبر عدد من ميداليات السلام، لا سيما «جائزة نوبل». ولكن، سواء أقدمت إسرائيل على الضربة أو لا، فإن ما يجري حالياً يكشف عن تغيرات جوهرية في قواعد اللعبة: فإيران التي كانت تردع عبر وكلائها، باتت أقل قدرة على ذلك. وإسرائيل التي كانت تنتظر الضوء الأخضر الأميركي، باتت تمتلك هامشاً أكبر للحركة. والولايات المتحدة التي كانت تمسك بكل الخيوط، باتت أسيرة حسابات «أميركا أولاً».

إنها لحظة الحقيقة، بكل ما تعنيه من مخاطرة واستشراف. فإما أن تنجح الدبلوماسية في احتواء الانفجار عبر حل حقيقي ومستدام، أو نشهد أول فصول مواجهة قد تغيّر وجه الشرق الأوسط لعقود مقبلة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تتقدّم الضربة على الاتفاق النووي هل تتقدّم الضربة على الاتفاق النووي



GMT 19:39 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«حزب الله» خسر الحرب ويريد الربح في السياسة!

GMT 19:38 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الست»

GMT 19:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الانتقالي» فتح عشَّ الانفصاليين

GMT 19:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

عذابات الملياردير الرقمي!

GMT 19:36 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

صهيونيّتان وإسرائيلان؟!

GMT 19:35 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

عن توقيت المعارك

GMT 19:34 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

السردية الإسرائيلية التي دحضها أحمد الأحمد

GMT 19:33 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

التجاهل والتعامي بوصفهما حرفةً

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:40 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا
 لبنان اليوم - الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا

GMT 20:31 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين
 لبنان اليوم - تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين

GMT 09:53 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات تمنح منزلك الدفء وتجعله أكثر راحة

GMT 21:19 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة الطليعة" تعاقب اللاعبين بعد تدهور النتائج"

GMT 02:55 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أندية الأردن في أزمة كبيرة بسبب ملاعب التدريب

GMT 07:25 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

توقعات برج العقرب لعام 2024 من ماغي فرح

GMT 17:55 2023 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الباركيه في غرف النوم يمنحها الدفء والجاذبية

GMT 17:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

جنيفر ميتكالف ترتدي جاكت دون ملابس داخليه

GMT 15:16 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

قرداحي استقبل السفير التونسي وجرى البحث في الاوضاع العامة

GMT 17:29 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تصميمات Lanvin من وحي الخيال

GMT 11:27 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يستقبل عام 2021 بتحوله لـ"ملاكم" في كليب "Anyone"

GMT 05:03 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

"Roberto Cavalli" تطرح مجموعة من المجوهرات لعام 2017

GMT 06:30 2013 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

العمل مع "الزعيم" شرف كبير وأنا لست إعلاميًا

GMT 14:20 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

اجتماع لوزراء الصحة الأفارقة حول لقاح كوفيد ـ 19

GMT 14:47 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

النفط يبلغ أعلى مستوى منذ شهور وخام برنت 53.17 دولار للبرميل

GMT 03:53 2015 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

جزيرة فوليجاندروس أجمل مكان لمشاهدة غروب الشمس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon