«النهر المتجمد»

«النهر المتجمد»

«النهر المتجمد»

 لبنان اليوم -

«النهر المتجمد»

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كان ميخائيل نعيمة أول لبناني، وربما أول عربي يهاجر إلى أوكرانيا العام 1906، ومعه منحة للدراسة في جامعة «بولتافا». وفيها كتب الشعر بالروسية، ومنها قصيدته «النهر المتجمد» عن نهر «صولا» الذي الآن في بولندا. ولم تكن أوكرانيا يومها في أوكرانيا بل في روسيا. وصحح نعيمة في مذكراته «سبعون» الطريقة التي يلفظ به الاسم الأهليّ وهو يوكرانييه، وقد جعله العرب أوكرانيا وشاع به.
عندما أتابع أخبار الحرب الأوكرانية، تقفز أمامي تلك الأسماء التي تحدث عنها نعيمة، غرّة القرن الماضي. مهاجر فقير من بلد فقير يقف فرحاً ومنبهراً في بلد متقدم وذي سعة. وإذ يُسأل من أي بلاد أتى؟ يجيب أنه عربي، فيعجب سائلوه، لأن العربي عندهم «ابن الخيام والبوادي ورفيق الجواد والبعير وخدين السيف والرمح». أما لبنان فلم يكن يعني عندهم شيئاً إلا إذا قلت إنه متاخم للأراضي المقدسة. وأكثرهم لم يكن يصدق أن فيه الجبال العالية، وفيه الثلج والزمهرير. فقد كانوا يتوهمون أن كل ما هو عربي، أو يمتّ إلى العرب بصلة، لا يمكن أن يبيت إلا في الصحاري حيث الشمس تُصلِي الناس ناراً حامية، ولا شجر ولا ماء. يُذكر أن نعيمة وُلد في سفح صنين، أعلى جبال لبنان وأشهرها.
تحدث نعيمة في انطباعاته عن الناس لا عن الأمكنة، على غرار أشهر رحالة العالم، الطنجي ابن بطوطة. ووصف طباع الأوكرانيين الحسنة وحُسن معشرهم، وروى أنه عاش هناك قصة الحب الوحيدة في حياته.
تتتالى أسماء المدن والقرى في أوكرانيا اليوم مع أصوات الصواريخ والمدافع، وصولاً إلى التهديد بالأسلحة النووية. وثمة من يقول باستمرار إن النظام العالمي الجديد سوف يخرج من ركام وخراب هذه المدن الهادئة، التي رأى فيها عالمه الجديد قبل أن يكمل ترحّله ويبلغ «العالم الجديد» الحقيقي، أي الولايات المتحدة، حيث التحق بإخوته، ومن ثمَّ بصداقة جبران خليل جبران ورفاق «الرابطة القلمية» أشهر جماعة أدبية عربية في ديار الاغتراب.
لكنَّ شيئاً من عجائب تلك الديار لم يستطع أن يغلب نداء الحنين إلى شقاء الحياة في الشخروب، حيث كان والده يقطع الحجر، وأمه تقطع كبدها في خدمة العائلة. وهكذا عاد إلى القرية تاركاً خلفه الأسماء الكبرى؛ نيويورك، وبولتافا، و«النهر المتجمد».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النهر المتجمد» «النهر المتجمد»



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon