بتحرز

بتحرز؟

بتحرز؟

 لبنان اليوم -

بتحرز

بقلم - سمير عطا الله

قد لا يدخل الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، السجن رغم الحكم الذي صدر عليه بتهمة الفساد. وتبلغ العقوبة ثلاث سنوات؛ واحدة منها لن تُنفّذ على الأرجح؛ لأن القانون الفرنسي مستديرات وطلعات ونزلات، الهدف منها «بهدلة» المذنب من دون القسوة عليه. غير أن القضاء (ومعه الدولة العميقة) حقق الهدف الأهم، وهو إنهاء حياة ساركوزي السياسية، وتبليغ الفرنسيين والعالم أجمع، أن البلد الذي رفع شعار «مساواة... حرية... أخوة»، يطبق القانون على الجميع. شغل ساركوزي منصب رئيس بلدية نويي، الضاحية الأجمل بين ضواحي باريس. ولكن هل يكفي ذلك، في باب الطموحات؟ العزيز «ساركو» أراد أن يصبح رئيساً لفرنسا كلها، وانتخبته فرنسا المزاجية رئيساً... وهنا بدأت مشكلاته.
فرنسا التي تكرم ابن مهاجر بتسليمه مفاتيح الإليزيه، وتأتمنه على قضايا دولة كبرى وإمبراطورية سابقة، تابعت مسيرة ساركوزي السياسية، من دون أي إعجاب، ولكن من ضمن العمل المهني. ابن مهاجر هنغاري، يتخذ دروب السياسة الفرنسية، ويتقن متعرجاتها، ويستخدم «المساواة» إلى أقصاها. فرنسي المولد، يعني فرنسيَّ سائر الحقوق.
مرة في الديغولية، مرة في الاشتراكية، أصبح «ساركو» وزيراً للخزانة، ووزيراً للداخلية تفترض فيه أن يكون في مستوى هذه الثقة. ساركو لم يكن. ورد اسمه في قضايا ملتبسة كثيرة، بينها تلقي 50 مليون يورو من معمر القذافي لمساعدته في حملة التجديد. كما ورد اسم فخامة الرئيس في وساطات وتعيينات غير شرعية. وفي تلقي «مغلفات مختومة» شهرياً من أغنى أرملة وسيدة أعمال في فرنسا.
وفرنسا تجيد الغناء، لكنها لا تجيد الصمت إطلاقاً. انتظرت خروج ساركو من الإليزيه لتفتح جميع الدفاتر. وصارت مشاوير الرجل إلى المخافر والمحاكم، مشهداً مألوفاً ومذلاً. والرئيس الذي أمضى شهر عسله الثالث في القصر الجمهوري، متزوجاً مغنية إيطالية جميلة، في جو من الزهو والأفراح، فقدَ ابتسامته، وارتفع صوته متوتراً في نفي ما ينسب إليه.
لكن هذه فرنسا التي تعلمت درسها التاريخي في نزاهة القضاء... في قضية الضابط دريفوس المتهم زوراً، والذي أصبح بطل رواية إميل زولا الشهير «إني أتّهم». سوف يكون المستحيل بعد ذلك تسخير القضاء واللعب بالقانون. ومن الصعب على الفرنسيين قبول نفي ساركوزي وتكذيب قضائهم.
والمرء يتساءل، بكل سذاجة، ألم يكفك مسيو ساركوزي كل ما حققت؟ ألم تكفك رئاسة فرنسا؟ هل تستحق الأموال التي تحصلت عليها هذه النهاية المهينة؟ هل تستحق رحلة واحدة إلى المحكمة، ومثولاً واحداً أمام قاضٍ كان إلى الأمس موظفاً في جمهوريتك؟ هل هناك شيء في الدنيا يستأهل أن تدخل التاريخ من هذا الباب؟ بتحرز...؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بتحرز بتحرز



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:05 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 15:08 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

هزة أرضية تضرب ولاية تبسة شرقي الجزائر

GMT 16:31 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

الجزائري عسله الأكثر تصديًا للكرات في الدوري

GMT 23:10 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 9 مايو/ أيار 2023

GMT 19:03 2022 السبت ,14 أيار / مايو

نصائح لاختيار ملابس العمل المناسبة

GMT 18:36 2023 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

حقائب فاخرة لأمسيات رمضان الأنيقة

GMT 15:28 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الكشف عن قائمة أفضل وجهات سفر عالمية في 2024
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon