غزة عام 1957 يغطيها الخَضار

غزة عام 1957: يغطيها الخَضار

غزة عام 1957: يغطيها الخَضار

 لبنان اليوم -

غزة عام 1957 يغطيها الخَضار

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

... وبدا أن اتصالاتهم المتجددة مع اللاجئين أتاحت فرصة لبدء المفاوضات من أجل عودة البعض وتعويض البعض الآخر، لكنّ الفرصة أُهملت. يمكن استخلاص الخط الإسرائيلي الشعبي بشأن غزة بعد الانسحاب من مقالة كتبها «مراسل د دبلوماسي» على الصفحة الأولى من صحيفة «جيروزاليم بوست»، يوم الثلاثاء الماضي: «إن الاستمرار في إدارة جزيرة البؤس والكراهية هذه سيكون أمراً مرهقاً ومكلفاً. ربما يكون أفضل شيء بالنسبة إلى اللاجئين أنفسهم هي الطريقة التي اختارها ما يقرب من مليون يهودي: الهجرة».

إن معرفتي بغزة تعود إلى عشرة أيام فقط، ولكن كان من حسن حظي في وقت مبكر من زيارتي أن أكتسب وجهة نظر رجل عرفها منذ فترة طويلة. لقد كان الجنرال رفعت بيلي، قائد فيلق الجيش التركي الذي دافع عن المدينة قبل أربعين عاماً ضد البريطانيين. جلس الجنرال تحت أشعة الشمس بعد الأكل على شرفة أحد المنازل الأنيقة وراح ينظر بتسلية متحفظة إلى الفيلات السليمة المحيطة به. يقع المنزل بعيداً عن الجزء العربي القديم من المدينة ويقف بين مساكن كبار ملاك الأراضي.

كان رجلا صغيراً، نحيفاً، برأس صقر، يبدو كبيراً بالنسبة إلى رقبته المنكمشة، وكان أنيقاً يرتدي بدلة من المربعات الصغيرة، ويبلغ من العمر خمسة وسبعين عاماً، على حد تعبيره. والجنرال هو الممثل التركي في اللجنة الاستشارية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ويتمتع برتبة سفير. وتوفر «أونروا» الغذاء والدواء والتعليم للاجئين الذي بلغ عددهم في آخر إحصاء 219.423 ألف في غزة.

أخبرني الجنرال بيلي أنه عندما دخلت تركيا حربها، كان رائداً في الثالثة والثلاثين، وبعد ثلاث سنوات كان يقود فيلقاً. وقال لي: «بصفتي رائداً، أخذت مفرزة من فلسطين إلى قناة السويس، عند القنطرة، لكن لم تكن لديّ القوة الكافية للاستيلاء على القناة. ومع ذلك، أشاد البريطانيون بي كثيراً، مما أدى إلى (ترقيتي)». وتنهد، كما لو كان في ذكرى اختار عدم الكشف عنها. وأضاف: «العدو الكريم أكثر فائدة من الصديق الغيور».

وأخبرني أن هذه كانت زيارته الأولى لغزة منذ استيلاء الإسرائيليين عليها من المصريين العام الماضي، (كان الإسرائيليون لا يزالون هناك بالطبع)، ثم أعطاني دليلاً على الفرح الذي رأيته على وجهه. وقال: «عندما دافعت عن غزة، تركتها مسطحة تماماً. ولم يكن هناك بيت واحد قائم». حرَّك يده اليمنى في قوس أفقي، وكفه إلى الأسفل. أستطيع أن أرى أنه كان يشعر بالإطراء بسبب تدهور نوعية الحرب منذ أيامه.

سألته كيف كانت فلسطين في ظل الدولة العثمانية، فقال: «بلد السعادة الرعوية. عاش اليهودي والعربي والمسيحي معاً في أمان. لقد شعروا أن لديهم (أباً)». لقد شعر أن إثارة القومية العربية من البريطانيين قد فتحت صندوق باندورا، وأعرب عن أسفه لزوال الإمبراطوريتين النمساوية، المجرية، والعثمانية. وقال: «لم يكونوا أقوياء بما يكفي لإثارة الخوف، ولكن بمساعدة ألمانيا نجحوا في موازنة روسيا العملاقة... قد جرى تدميرهم، واليوم يرى المرء النتيجة!».

تركته تحت الشمس، وهو الرجل الأكثر هدوءاً وعقلانية الذي قابلته في غزة. لكنّ الجنرال ليس محاصَراً هنا. انتهت جولته التفقدية وعاد إلى ساحات القتال، وسيعود إلى منزله حاملاً هدايا لطفله الأخير، البالغ من العمر سبع سنوات.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة عام 1957 يغطيها الخَضار غزة عام 1957 يغطيها الخَضار



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 20:45 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 11 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:08 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

ربيع سفياني يكشف أسباب تألقه مع التعاون

GMT 19:29 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نائب رئيس الشباب أحمد العقيل يستقيل من منصبه

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 22:12 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجدي الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:14 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 03:49 2024 الأحد ,17 آذار/ مارس

"Dior" تجمع عاشقات الموضة في حفل سحور بدبي

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 09:48 2022 الأحد ,17 تموز / يوليو

تيك توك ينهى الجدل ويعيد هيكلة قسم السلامة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon