برغم كل شيء

برغم كل شيء

برغم كل شيء

 لبنان اليوم -

برغم كل شيء

سمير عطا الله

العام المقبل هو عام مرور مائة عام على إعلان دولة «لبنان الكبير» بعدما ظل «جبل لبنان» لزمن طويل. العام 1943 أعلن استقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي، وكان الشيخ بشارة الخوري أول رئيس استقلالي. قبل شهرين توفيت ابنته، هوغيت، وذهبت لأداء واجب التعزية. أمسك بي شقيقها، الشيخ ميشال، وأجلسني إلى جانبه، وأدركت بالطبع أنه يريد التحدث عن حزن وطني يفوق حزنه الشخصي. قال دون مقدمات «العام المقبل نحتفل بولادة لبنان، لكنني أخشى أن نحتفل بدفنه. لقد بلغت الأربعة والتسعين من العمر وما شاهدت في حياتي حقبة أسوأ مما نحن فيه».
نويت ضمناً ألا أنقل هذا الكلام المفزع عن رجل في قامة ومكانة هذا الشاهد التاريخي لكي لا أزيد في يأس الناس. لكن مع 17 أكتوبر (تشرين الأول) شاهدنا لبنان يولد من جديد. لبنان لا يشبه الذين شوَّهوه، وأسقطوه، وأفلسوه، وأحرقوا جماله. منذ 17 أكتوبر يولد كل يوم لبنان جديد، مدهش، حقيقي، صادق وغير مزيف. مئات الآلاف من البشر نزلت إلى الشوارع ترفض صدأ الطبقة السياسية: أمهات، آباء، أطفال، صبايا، والآن الطلاب.

قبل أشهر قليلة خاطب الوزير جبران باسيل خصومه بغطرسته المعهودة، مهدداً بالنزول إلى الشارع، باعتباره يملك شعبية أكثر من سواه. فإذا خصومه يفتحون عليه كل شوارع وساحات لبنان. أنا واحد من الذين لا يصدقون هذه المشاهد. وعندما أبدى الشيخ ميشال الخوري تشاؤمه، كان يخامرني تشاؤم أقسى ويأس أعمق. فاتنا جميعاً أن اللبناني التاجر والسمسار الذي يبيع كل شيء، هو أيضاً المثقف وصاحب العنفوان ومدمن الطموح والحريات.

لم تجرؤ حكومته على إطلاق الرصاص عليه. ولم تحاول منع المنابر والبرامج التلفزيونية الصائحة. وبرغم كل شيء، أظهر الوجه الجميل برغم الوجه الذي لازم السلطة. ظل لبنان الكبير حياً، لطيفاً، بارعاً، دعابياً، مؤنساً، ضاحكاً وبطلاً عظيم الصدور، حديدي المناكب.

تسامحني الساحات العربية الأخرى حيث سقط القتلى وآلاف الجرحى ولم يعثر الثوار على برنامج تلفزيوني واحد يستضيفهم. هنا، في لبنان الكبير، التلفزيون الحكومي يستضيف المعارضين. ويمنحهم الوقت والحرية. ليس بفضل السلطة السياسية طبعاً، بل بقوة الدولة التي تُعلن ولادتها برغم كل شيء.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

برغم كل شيء برغم كل شيء



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:07 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منافسة قوية بين ريال مدريد وأرسنال على ضم فلاهوفيتش

GMT 14:58 2021 الثلاثاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

هيفاء وهبي تضج أنوثة بملابس كاجوال ناعمة

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 21:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

الأهلي المصري يعلن شفاء بانون من كورونا

GMT 15:59 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل أولمبياد طوكيو يكلف اليابان 2 مليار دولار

GMT 05:55 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هزة أرضية قوية تضرب وهران الجزائرية

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 15:58 2023 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل العطور الرجالية لهذا العام

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أحذية مسطحة عصرية وأنيقة موضة هذا الموسم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon