بين عون والحريري خلاف يملأ الوقت

بين عون والحريري: خلاف يملأ الوقت

بين عون والحريري: خلاف يملأ الوقت

 لبنان اليوم -

بين عون والحريري خلاف يملأ الوقت

طوني عيسى
بقلم : طوني عيسى

إلى أي حدّ يُفتَرض أن يكون اللبنانيون ساذجين ليصدِّقوا أنّ أركان المنظومة السياسية، الذين تربطهم مصالحُ لا تُحرقها النار وأَلغازٌ عميقةٌ وتركيباتٌ عمرُها سنوات، عاجزون عن تأليف حكومة «بالتي هي أحسن»، وأنّ لا أحد في الداخل أو في الخارج «يمون عليهم» ليقفوا في الصف ويلتزموا حدودهم؟

هذا هو التقدير الذي يخرج به قطب سياسي معارض، ويقول: «لسنا نعرف تحديداً إذا كان الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري ينفِّذان عن قصدٍ عملية التعطيل، كلاهما أو أحدهما، أو أنّهما لا يعرفان تماماً الدور الذي يؤديانه في التعطيل. ولكن، على أرض الواقع، النتيجة واحدة».

القطب المعارض يميل إلى التحليل القائل إنّ مأزق التأليف يعبِّر اليوم عن تقاطع المصلحة الفرنسية والإيرانية في إمرار «قطوع» 20 كانون الثاني في واشنطن، وانتظار ما سيفعله الرئيس جو بايدن في ملف العلاقة مع طهران.

وفي تقديره أنّ الحريري تَقصَّد تقديم طروحاتٍ حول التمثيل المسيحي في الحكومة، يعرف مسبقاً أنّ عون سيرفضها، لأنّها تذكِّره بـ»الحلف الرباعي»، خصوصاً مع دخول العهد في ثلثه الأخير، حيث لا أحد يستطيع أن يتوقع السيناريو المنتظر في نهاياته. واستطراداً، تلقّى رئيس «التيار» جبران باسيل أفضل ذريعة لرفع الصوت والمناداة: «يا غيرة الدين. بَدّهُن ياكلونا!».

واضح أنّ عون «مدعوم»، ومعه باسيل طبعاً. وحتى اليوم، لا يفرِّط «حزب الله» بالحليف المسيحي الثمين، ويريده إلى جانبه في السرّاء والضرّاء.

فـ»الحزب» مرتاح على وضعه. والحريري، طبعاً، لم يجرؤ على المسّ بالحصّة الشيعية، والتمثيل في الحكومة محكوم حصراً بـ»الثنائي»، ولا أحد «يأتي صوبَه». وهو صار من المسلَّمات، كمسألة السلاح. والمشكلة يجري تظهيرها بين المسيحيين والسُنّة بدلاً عن ضائعٍ هو المشكلة بين الشيعة والسنّة، والشيعة والمسيحيين.

لذلك، يقوم «الحزب» بدعم رئيس الجمهورية كساترٍ ترابي، ليُبقيه صامداً، ولو ترنَّحت الجمهورية نفسها وبلغت الانهيار. والتكتيك الذي يتبعه في مقاربة «صراع» عون- الحريري هو: نمنح عون غطاءنا المباشر من دون بلوغ الدعم المُطلق، ونعارض الحريري من دون أن نسحب عنه غطاءَنا غير المباشر.

ويعاني ملف التأليف الحكومي حالة تشبه «الكورونا» المتفاقمة. فهو بدأ بعوارض خفيفة، واليوم يشهد صعوبات في التنفس. ومع الفيديو الذي لم تُعرف خلفيات تسريبه في هذه اللحظة، ولا الجهات التي تعمّدت ذلك، يمكن أن يذهب الملف إلى حدود الدعم بالأوكسيجين ودخول غرفة العناية الفائقة.

معلوم أنّ الإيرانيين هم أصحاب نظرية الانتظار ليرحل الرئيس دونالد ترامب عن البيت الأبيض. لكن الفرنسيين، الذين ذاقوا مرارة الفشل في لبنان، تحت وطأة الصراع بين طهران وواشنطن، لم يجدوا خياراً آخر سوى الانتظار أيضاً.

عملياً، التقت طهران وباريس على رحيل ترامب. ولكن، هل الرهان على تقاطع مع بايدن، صاحب المصلحة الثالث، سيكون في محلّه؟ وفي عبارة أكثر وضوحاً، هل سينقلب بايدن على سلوكيات ترامب في الملف الإيراني؟

يكون الإيرانيون محظوظين إذا كان الجواب: نعم. ولكن، غالبية مكاتب الأبحاث والخبراء في واشنطن يميلون إلى الاعتقاد، أنّ بايدن لن يخرج تماماً من «الكادر» الذي وضعه ترامب في العلاقة مع طهران، سواء في الملف النووي أو ملف التسلّح أو توسيع النفوذ غرباً حتى المتوسط وحدود إسرائيل.

وهذا يعني، أنّ رهان طهران على بايدن ليس في محلّه كثيراً. وعلى الأقل، ليس مناسباً الرهان على تحوّلات ذات شأن في الملف الإيراني- الأميركي على مدى الأشهر الأولى من ولاية الرئيس الجديد، أي حتى ما بعد الانتهاء من الانتخابات الإيرانية في حزيران.

ماذا يعني ذلك في لبنان والملف الحكومي وسائر الملفات المتفجرة؟

ستواصل منظومة السلطة لعبة إضاعة الوقت، لأنّ لا شيء عندها تفعله سوى ذلك. فهي سلّمت القوى الخارجية عنقَها وأعناقَ اللبنانيين. ولن ينجح الرئيس إيمانويل ماكرون، في هذه الحال، في تسويق مبادرته، لأنّ الطرفين الأميركي والإيراني لن يُفرجا عن التسوية إلاّ عندما تقتضي مصالحهما ذلك.

وللعلم فقط، حتى لو توصّل الطرفان إلى التسوية، يوماً ما، فليس مضموناً أن يحجزا مكاناً للفرنسي. ففي عالم المصالح، مكانُكَ تستحقه بحجم القوة التي تتمتع بها وحاجة الآخرين إليك. ولا يملك الفرنسيون كثيراً من الأوراق في المقايضات الكبرى. إذاً، «في انتظار بايدن»… ربما تكون على طريقة «في انتظار غودو».

وفي هذه الأثناء، سيملأ اللبنانيون وقتَهم بأنواع مختلفة من ألاعيب الموت: «الكورونا» التي تدخل البيوت فاتحة شِدقيها بلا حساب، والفقر والجوع الكافران، والقهر والهجرة وهواجس الأمن على أنواعه.

للتذكير أيضاً، وفيما لبنان يُقلى بنار جهنَّم، أعلن السعوديون عن مدينةٍ في «نيوم»، يريدونها الأرقى في العالم من حيث مراعاة البيئة والرفاهية، وستؤمّن 380 ألف وظيفة. والمأساة - المهزلة، هي أنّ هذا الطاقم الرديء، مستعد لأداء الأدوار الرديئة التي تتاح له أو تُملى عليه، مهما كانت عمليات الإخراج رديئة، وأياً كان المُخرِج... ومهما كان رديئاً.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين عون والحريري خلاف يملأ الوقت بين عون والحريري خلاف يملأ الوقت



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon