الفخّ المنصوب لماكرون

الفخّ المنصوب لماكرون

الفخّ المنصوب لماكرون

 لبنان اليوم -

الفخّ المنصوب لماكرون

طوني عيسى
بقلم : طوني عيسى

ولذلك، منذ انطلاق انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، ظهر التباين بين ترامب وماكرون حول لبنان، بدءاً باللجنة الثلاثية على مستوى المدراء في وزارات الخارجية. فقد كان الأميركيون يرون أنّ لا حلّ إلّا في رفع منسوب الضغط على لبنان وقوى السلطة وعزل «حزب الله»، فيما بقي ماكرون يراهن على استمرار النهج السابق، أي «الأسلوب الناعم» وإشراك «الحزب».

وسياسة «الأسلوب الناعم» كان أرساها أقطاب 14 آذار أنفسهم في العام 2005، عندما أبلغوا الى إدارة الرئيس جورج بوش بما يأتي: شكراً لأنك ساعدتَنا لإخراج القوات السورية من لبنان وإصدار القرار 1559، ولكن، دَعْ مسألة «حزب الله» علينا. نحن نتكفَّل بـ»لبننة» «الحزب» من دون تدخّلات خارجية، فهذا أسلم للبلد.

في لحظة معينة، نضج لدى ماكرون الاقتناع بأنّ لا حلّ في لبنان إلّا بعزله عن المؤثرات الإقليمية وتطبيق إصلاحات حقيقية. وبهذا اقترب من الأميركيين، فأفسحوا له المجال لإنجاح مبادرته. وكان ذلك بعد انفجار المرفأ، وبعد معاناة طويلة عاشها الفرنسيون مع منظومة السلطة، منذ مؤتمر «سيدر»، وكانت مريرة في التصدّي لأي إصلاح.

في زيارة ماكرون الأولى لبيروت، ظهر إصراره، وبنحو قاسٍ، على تطبيق مبادرته بروحيتها وحذافيرها. ولكن، مع الوقت، تلاشى الضغط الفرنسي وأصبح مجرد وساطة لتأليف الحكومة «بمن حضر»، و»على الطريقة اللبنانية». وهنا اتسع الخلاف مع ترامب.

مشكلة ماكرون اليوم، هي أنّ بايدن لم يبدِّل نهج ترامب الأساسي تجاه إيران و»حزب الله»، وإنما قد يعدِّل في الأسلوب فقط. وهو في هذا الملف يسير على خطين متوازيين:

1- منع طهران من الحصول على القنبلة النووية، مع الاعتراف بأنّ الرئيس باراك أوباما لم يكن حازماً معها في ملف الصواريخ البالستية.

2- لا تنازل في مسألة أذرع إيران في الشرق الأوسط. وهذا ما ظهر واضحاً في الموقف الذي أطلقه قبل أيام رئيس الأكثرية الديموقراطية في مجلس النواب ستيني هوير، والذي عبّر فيه عن الرفض لاستمرار حضور «حزب الله» في الحكومة اللبنانية، ودعا إلى محاسبته.

العارفون يقولون إنّ المرحلة الحالية تذكّر بمرحلة 2004، على عتبة انتهاء عهد الرئيس إميل لحود. وكان هناك ضغط دولي لعدم التجديد. ولم يكن أحد يتوقع أن يصدر قرار دولي بمضمون القرار 1559.

في تلك الفترة، إعتذر الرئيس رفيق الحريري عن تشكيل حكومةٍ ليس مقتنعاً بالتوازنات فيها. وحدث ما حدث بعد ذلك من مواجهات واغتيالات سبقت انسحاب السوريين وأعقبته. ولم يتوقف الاهتزاز- نسبياً- إلّا بعد أحداث 7 أيار 2008.

في رأي العارفين، أنّ المرحلة الحالية توحي أيضاً بالمواجهات والعنف. وربما يكون البلد مقبلاً على تحوّلات كبيرة. ووفق هؤلاء، فإنّ «الحزب» تلمَّس عبر الأقنية من واشنطن، أنّ المراهنة على عهد بايدن لا يمكن الركون إليها.

لذلك، يحاول ماكرون كسب الوقت لإنجاح مبادرته وتشكيل حكومة، «بما تيسَّر»، إذا كان متعذراً تأمين الشروط لروحية المبادرة الأساسية. ولذلك، هو يشجّع الرئيس سعد الحريري على الإفادة من الفرصة السانحة، بالاستناد إلى الدعم المصري والإماراتي، في غياب الدعم السعودي، أو على الأقل لتشغيل القاهرة وأبو ظبي في الوساطة مع السعوديين.

وفي المحصلة، سيكون ماكرون أمام امتحان صعب بين أحد خيارين:

1- تشكيل الحكومة التي نادى بها في مبادرته، في لحظتها الأولى، أي حكومة مصطفى أديب، المؤلفة من مستقلّين والتي توحي بالثقة، وأدّى تعذّر تأليفها إلى اعتذاره.

2- القبول بحكومة الأمر الواقع، أي بنسخة جديدة من حكومة حسّان دياب، ولكن برئاسة الحريري. وفي معنى آخر، سيكون الحريري أمام تحدّي الموافقة على ترؤس الحكومة التي رفضها والده الرئيس رفيق الحريري في العام 2004. والمسألة تتعلق بما سيفعله ماكرون تحديداً، وعليها يتوقف مصير المأزق اللبناني.

المطلعون قلقون من التطورات الآتية. وهم يعتقدون أنّ «استسهال» الفرنسيين لتسوية سريعة وآنية قد يكون الفخّ المنصوب لمبادرتهم، والذي سيدمّرها ويقود إلى تفاقم المشكلة في لبنان، وإلى دفع أثمان أكبر.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفخّ المنصوب لماكرون الفخّ المنصوب لماكرون



GMT 18:19 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

كرة ثلج شيعية ضد ثنائية الحزب والحركة!

GMT 17:28 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

مقتطفات السبت

GMT 17:26 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

سؤالان حول مسرحية فيينا

GMT 08:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس التعاون حقاً

GMT 08:28 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم هي «الحفرة اللبنانية»

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:46 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحمل الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 22:52 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 19:30 2022 السبت ,07 أيار / مايو

حقائب يد صيفية موضة هذا الموسم

GMT 20:40 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

اتيكيت الأناقة عند النساء

GMT 20:18 2022 الثلاثاء ,10 أيار / مايو

أفكار لتنسيق الجينز مع البلوزات لحفلات الصيف

GMT 05:22 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

نصائح لاختيار أحذية الـ Pumps بشكل صحيح

GMT 13:22 2022 الأحد ,13 شباط / فبراير

مكياج خفيف وناعم للمناسبات في المنزل

GMT 12:49 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين

GMT 12:29 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أقوى اتجاهات الموضة لخريف وشتاء 2024-2025

GMT 08:43 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

موديلات حقائب ربيع وصيف 2023

GMT 12:48 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب السعودي يتقدم 3 مراكز في تصنيف فيفا
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon