العيد بين «الاستقرار» و«الفوضى»

العيد بين «الاستقرار» و«الفوضى»

العيد بين «الاستقرار» و«الفوضى»

 لبنان اليوم -

العيد بين «الاستقرار» و«الفوضى»

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

الأعياد موسم للأفراح، حثت عليه الأديان أو اخترعته الشعوب أو تبنته الدول، فيها على الدوام مظاهر احتفالية تجدد البهجة وتجمع الناس وتجعل للفرح عنواناً دائماً مهما كانت الأحداث وتقلبت الأحوال.
في سنواتٍ مضت روّجت حركات الإسلام السياسي للكراهية والعنف، بل والكآبة، فكانت صحفهم وفتاواهم وخطب رموزهم وبياناتهم تسعى لتنغيص الأعياد على المسلمين، ولهم في كل عامٍ قضية يتعلقون بها أو حدث يعلقون عليه تنكيدهم الممنهج الذي ليس له منطق ديني سوى نشر الإحباط والسخط العام بين الشعوب والمجتمعات لأهدافٍ سياسيةٍ معروفة.
احتفل الرسول صلى الله عليه وسلم بالأعياد وحثّ عليها، بينما كان غالب البشر على الكرة الأرضية غير مسلمين، بل وكان المسلمون في ضعفٍ وقلةٍ ومصائب متتابعة، فحين يزايد البعض على الرسول الكريم فإنما يفضح نفسَه وخطابه وغاياته.
ولئن كان تحديد العيد فلكياً أكثر دقةً وهو ييسر للحكومات عملها ويضبط لرجال الأعمال والاقتصاد جداولهم ومشاريعهم، فإن تركه لرؤية الهلال يضفي مزيداً من المفاجأة المبهجة لعامة الناس وإن كان الفارق يوماً وليلةً لا أكثر، وهذا من إشاعة مزيد السعادة على حدثٍ مبهجٍ سنوياً، والسعادة والرفاه هي إحدى مهمات الدول حين تكون مستقرةً ومزدهرةً.
في بعض الدول العربية، وبخاصة في دول الخليج العربي، استقرار ضارب بأطنابه في التاريخ وأمن باسط مظلته على الشعوب والمجتمعات، حيث يتفرغ الناس للنجاح والإنجاز، وللسعادة والفرح، بينما في بعض الدول العربية «استقرار الفوضى» هو السائد وعبث العابثين يفرض نفسه، من حركات إسلامٍ سياسيٍ إلى تنظيماتٍ العنف الديني إلى الميليشيات الطائفية المسلحة، والتي تسعى جميعاً للحفاظ على الفوضى ونشر الكراهية والقتل واستباحة الدماء.
ولئن عبّر بعض شعراء العربية وأدبائها عن معاني الحزن في العيد، كقول المتنبي الشهير: عيدٌ بأية حالٍ عدت يا عيد، فإن إبداع الشعر في المبالغة التي يعلم الشاعر والمتلقي أن المراد بها هو تعميق التعبير لا تعميق الفكرة، وهذا شأن بشري طبيعي موجود لدى الكثير من الأمم والشعوب، وهو بطبيعة الحال يختلف عمّن يتعمد بشكل ممنهجٍ ومنظمٍ ومستمرٍ لخلق بيئةٍ خانقةٍ ومستفزةٍ تيسر على تلك الحركات والأحزاب مناكفة الدول والحكومات عبر التنغيص الثابت والمتكرر.
هناك الكثير مما يستحق الفرح، فهزيمة أحزاب «الفوضى» وتنظيمات «الإرهاب» ومحاور «الطائفية» أو «الأصولية» مدعاة للفرح، وهو ما يجري الكثير منه في هذا العام في منطقتنا، ونجاح خطط التنمية الطموحة وتحقق الإنجازات الكبرى للدول والحكومات والشعوب مثار للبهجة والسعادة والسرور، ومثل هذا يصح على المجتمعات والعوائل والأفراد، بحيث يحق للجميع الفرح في مواسمه المتعاقبة ولحظاته المتتابعة.
لقد بدأت بعض دول الفوضى تعود للاستقرار مجدداً منذ سنواتٍ ليست بالقصيرة، وتعود للأمن والرخاء بعد معاناةٍ طويلةٍ من الفوضى والإرهاب والأحزان، ولقد بدأ هذا الأمر يزداد انتشاراً وكثافةً في عددٍ من الدول العربية هذا العام، وهو مدعومٌ بقوةٍ من دول الاستقرار العربية سياسياً واقتصادياً، مادياً ومعنوياً، فمن حق الشعوب العربية أن تتخلص من أوزار أعدائها من داخلها وأن تجد طريقها سالكاً لصناعة الغد الأفضل والمستقبل المشرق.الفرح بالأعياد طبيعة بشرية وحاجة روحية وراحة نفسية، فهي مواسم للتواصل والصلة، للبهجة والتسامح، للترويح عن النفس ابتغاءَ تحريضها على مزيدٍ من العمل والنجاح، وهو وضعٌ للشيء في موضعه، وليس مثل من يقهقه في عزاء كما تطرح أحزاب الكآبة.
وأخيراً، فإن أغلبية الدول العربية تتفق على موعد العيد كل عامٍ، وبعضها يختلف لاختلاف مطالع القمر، وهو أمر معروف، والبعض يختار الاختلاف لأسبابٍ أخرى، وكل عامٍ وأنتم بخير.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العيد بين «الاستقرار» و«الفوضى» العيد بين «الاستقرار» و«الفوضى»



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة

GMT 00:19 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فوائد حب الرشاد للشعر وطرق تحضير خلطات منه

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 06:49 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تعرف علي توقعات درجات الحرارة المتوقعة في مصر الخميس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon