«إسرائيل الكبرى» الحلم القديم الجديد

«إسرائيل الكبرى»: الحلم القديم الجديد

«إسرائيل الكبرى»: الحلم القديم الجديد

 لبنان اليوم -

«إسرائيل الكبرى» الحلم القديم الجديد

بقلم:د. آمال موسى

إسرائيلُ من دون أي تحاملٍ هي كيانٌ محتلٌّ وغَاشمٌ. فمنذ تاريخِ ظهوره تنفيذاً لوعد بلفور وهو يقترف الجرائمَ والمجازرَ، ويتجاوز القانونَ الدوليَّ ويضرب بكل القيم الأخلاقية والإنسانية عرضَ الحائط. بل إنَّه كيان مهووس بتصفية الشَّعب الفلسطيني؛ كي يهنأ بالأراضي الفلسطينية كاملةً وأكثر من ذلك.

هكذا هي إسرائيلُ. ولكن هذا الكيان الذي أصاب ضميرَ العالم في مقتل هو نفسه الذي - مع الأسف الشديد - نشاهد تشبُّثَه بوهمه وحلمه المزعوم المتمثل في إقامة «إسرائيل الكبرى». نشاهد تمسُّكَه بكذبةٍ تاريخية ونحن في المقابل رغم امتلاكِنا الحقَّ التاريخيَّ، فإنَّنا فعلنا كلَّ ما يؤدي إلى التفريط فيه. وهكذا نفهم كيف أنَّه حتى الأكذوبة والوهم يعيشان أطولَ زمناً عندما يجدان من يتمسَّك بهما.

هذا هو التعليق السريع الذي بدا لنا مناسباً لتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يكشف عن حلمِه بإقامة «إسرائيل الكبرى» في اللحظة التي يمزّق فيها الجوع أمعاء أهلِ غزة، وتتواتر علينا صور الأطفال الذين أصبحوا عبارةً عن هياكلَ عظمية من شدَّة الجوع وسوء التغذية.

لنتذكر جيداً أنَّ الوضع في غزة مأساوي جداً إنسانياً، ومن فرط المأساوية والإحراج العالمي رأينا كيف أنَّ دولاً هدَّدت بالاعتراف بفلسطين وأخرى اعترفت بها. وهو أمرٌ لم يكن سهلاً لولا أنَّ التجويع القاتل الذي تمارسه إسرائيلُ ضد أهالي غزة وأطفالِها لم يترك أي مجال للمناورة والصَّمت سياسياً.

وكي يحوِّلَ وجهةَ الرأي العام إلى موضوع آخر؛ انخرط نتنياهو في خطاب البوح بحلمه التاريخي والروحي، مطلقاً عبارة «إسرائيل الكبرى» أسلوباً يهدف إلى تلهية العالم لينسى الصورة المعدّة بالذكاء الاصطناعي المنتشرة حول شخصه وهو يسبح في دم الفلسطينيين.

فعلاً، لا شيء جديداً في هذا الخطاب الذي أدار الأعناقَ التي كانت ملتفتة للجائعين ولتعنت إسرائيل في السماح للمساعدات الدولية الإنسانية بالوصول إلى أهالي غزة. ذلك أنَّ «إسرائيل الكبرى» هي «أرض الميعاد» التي اعتمدها الخطاب التاريخي الإسرائيلي. فالاثنان واحد في الحلم والأكذوبة والحدود والخريطة والجغرافيا والوهم. فقط، سياسياً عبارة «إسرائيل الكبرى» مناسبة أكثر من «أرض الميعاد» ذات المرجعية اللغوية الروحية التاريخية وفق المزاعم الإسرائيلية. هذا علاوة على أنَّ عبارة «إسرائيل الكبرى» قد سبق استعمالها في عام 1967.

طبعاً استحضار هذا الحلم المزعوم في هذه اللحظة علاوة على ما يمثله من محاولة لتشتيت اهتمام الرأي العام، فإنَّه يعبر بوضوح عن الشعور الإسرائيلي بالتقدم في تحقيق الحلم بتعزيز مشروع إقامة إسرائيل، وفي إحراز خطوات مهمة، وفي الاستعداد للانتقال إلى «إسرائيل الكبرى».

بطريقة أخرى، فإنَّ إسرائيل الآن تعلن اكتمال فرض حلمها، بخاصة بعد القضاء على الممانعين والأطراف التي كانت تهدد أمنها وتعلن أيضاً عن الشروع في الجزء الثاني من الحلم: إقامة «إسرائيل الكبرى»، وهي بالضبط تحمل نفس جغرافية «أرض الميعاد» التي تقع - حسب مزاعم الإسرائيليين وبخاصة المتطرفون منهم - في منطقة الشرق الأوسط، وتشمل أجزاء من مصر، وفلسطين، ولبنان، وسوريا والأردن. لذلك؛ فإنَّ الرسالة من وراء استخدام عبارة «إسرائيل الكبرى» قد وصلت، وهو ما يفسر الإدانات الرسمية التي صدرت عن الأردن ومصر.

الملاحظة الأخرى الواضحة جداً، أنَّ خطاب إسرائيل رغم كل الضغوط من دول عدة في العالم، فإنَّها تبدو في وضع سياسي مرتاح، أي أنَّها تصرّح وتتصرَّف بوصفها دولة رابحة ومنتصرة وبفارق كبير جداً في النتيجة. وكي نؤكدَ هذه الملاحظة؛ فإنَّنا نطرح السؤال التالي:

في الوقت الذي يحاول فيه لبنان تقوية أجهزة دولته والاستئثار بالسلاح، يتم النفخ في مشروع «إسرائيل الكبرى» لبلبلة الأوضاع وإضعاف كل الأطراف التي تعمل من أجل معالجة التوتر في المنطقة. هو نوع من تأجيج الأوضاع والاستفزاز حتى يتم استدراج هذه الطراف لمعارك تخص مشروع «إسرائيل الكبرى » هذه المرة. السؤال: هل الدول العربية التي آمنت بالتفاوض وبالقبول الاضطراري بإسرائيل قد أخطأت؟ ألم توقّع مصر في عهد السادات على اتفاقية سلام ودفعت مقابل ذلك أثماناً باهظة؟ فهل يكون جزاء عقلاء منطقة الشرق الأوسط الانقلاب على البعض منهم باعتبار أن ذلك الانقلاب حتمية يفرضها مشروع «إسرائيل الكبرى»؟ الوضع حالياً إشكالي وكأنه يجر أخطاء بدايات الصراع العربي - الإسرائيلي.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إسرائيل الكبرى» الحلم القديم الجديد «إسرائيل الكبرى» الحلم القديم الجديد



GMT 22:09 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

سنوات الهباء

GMT 21:09 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

حضرموت ومنطق الدولة

GMT 20:52 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

عن هجاء «النظام الطائفي» في لبنان

GMT 20:51 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

الغرب يعالج مشاكله... على حساب الآخرين!

GMT 20:50 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

المشهد البريطاني تحت قبضة «الإصلاح»

GMT 20:49 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

أفكار حول التطوّر التقني وحيرة الإنسان

GMT 20:48 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

بدور نسجت تاريخها

GMT 20:45 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

على وزن المطار السري

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم
 لبنان اليوم - الجزر وفيتامين A عنصران أساسيان لصحة العين وتحسين الرؤية

GMT 13:42 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:53 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

فساتين زفاف من جيني بايكهام لخريف 2021

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تسريب صور مخلة للآداب للممثلة السورية لونا الحسن

GMT 21:23 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جبران باسيل يلتقي وكيل وزارة الخارجية الأميركية

GMT 16:36 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

النجمة يستعير لاعب الترجي التونسي شاونا

GMT 12:17 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

بوتين والسيسي يترأسان أول قمة روسية إفريقية

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon