العجلة اخترعتها تاتشر

العجلة اخترعتها تاتشر

العجلة اخترعتها تاتشر

 لبنان اليوم -

العجلة اخترعتها تاتشر

سليمان جودة
بقلم: سليمان جودة

عاشت مارجريت تاتشر حتى مشارف التسعين، ولما أصابها ألزهايمر فى سنواتها الأخيرة كانت تسأل عن زوجها وتنتظره، رغم أنه كان قد غادر الدنيا.. وكانت إذا استيقظت صباحًا طلبت تجهيز السيارة للذهاب إلى ١٠ داونينج ستريت، حيث مكتب رئيس الحكومة، ولم تكن تعرف أنها غادرت رئاسة الحكومة من سنين!.

وفى ذكرى رحيلها فى ٨ من هذا الشهر غرّد بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا السابق، فقال إن عشر سنوات انقضت على وفاتها، وإنها كانت قائدة عظيمة لبلاده، ولحزب المحافظين الذى يحكم حاليًا، والذى حكم جونسون باسمه إلى أن استقال فى ٦ سبتمبر ٢٠٢٢. أما عظمتها فتعود فى تقديره إلى أنها مكنت البريطانيين من تحقيق طموحاتهم وبناء حياة أفضل.

لم يجد جونسون أى حرج فى أن يرد الفضل إلى أهله، ولم يشأ أن يأخذ مما أنجزته تاتشر ثم ينسب لنفسه، وأراد فى ذكرى رحيلها أن يعيد تذكير الناس بها، وأن يضع ما قدمته فى برواز، وأن يقول إن سيدة صاحبة عقل كبير قد مرت ذات يوم من هنا.

وكانت تاتشر قد بدأت رئاسة الحكومة فى فبراير ١٩٧٩، ودامت سنواتها فى السلطة ١١ عامًا ونصف العام، ونقلت اقتصاد بريطانيا من مربع كان فيه يضعف ويتراجع، إلى دائرة صار فيها يتقدم ويزدهر.

وقد أدركت منذ لحظتها الأولى أن «المال السايب يعلم السرقة» كما نقول نحن هنا، وأن مال القطاع العام هو مال سايب، وأن الحل الوحيد لهذه القضية ألا يكون فى بلدها مال من هذا النوع.

أدركت هى ذلك فذهبت إلى هدفها من أقصر طريق، وقررت أن تكون الغلبة للقطاع الخاص لا العام، لأن مال القطاع العام لا يراقبه أحد، مهما قيل إن هناك رقابة على وجوه إنفاقه وعلى التعاملات فيه، ولكن القطاع الخاص تراقبه الدولة، وتنظم أداءه، وتفتح السبيل أمامه، وتكسب هى معه إذا كسب، ولا تخسر مليمًا إذا خسر هو ماله كله.

وفى ١١ سنة ونصف السنة بالضبط حققت للاقتصاد البريطانى ما لم يحققه رئيس وزراء سابق عليها، وغادرت منصبها بينما القطاع الخاص الذى فتحت الطريق أمامه يكسب ويدفع ضرائبه، ويخلق الكثير من فرص العمل، ويعلو بقيمة الجنيه الإسترلينى فى السماء.

ولم تشأ أن تغادر قبل أن تكتب تجربتها الناجحة، فأصدرتها فى مجلد ضخم لمن شاء، وكانت الهدف الذى أرادته من وراء تسجيل مسيرتها على الورق أن تقول إن القادمين من بعدها فى بريطانيا وفى غيرها، ليسوا فى حاجة لاختراع العجلة من جديدة.. فالعجلة قد اخترعتها هى ثم قدمتها فى كتاب مذكراتها بالمجان.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العجلة اخترعتها تاتشر العجلة اخترعتها تاتشر



GMT 21:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:00 2022 الأحد ,08 أيار / مايو

طرق ارتداء الأحذية المسطحة

GMT 07:11 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

المسحل ينسحب من الترشح لرئاسة اتحاد القدم

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 11:13 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب بحر إيجة جنوب غربي تركيا

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 12:25 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

أفضل العطور للنساء في صيف 2022

GMT 12:53 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 12:13 2024 السبت ,25 أيار / مايو

نانسي عجرم بإطلالات شبابية مرحة وحيوية

GMT 18:13 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

أسرة "آل هارون" تضم الفنانة مريم البحراوى للفيلم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon