وراثة التوحش

وراثة التوحش

وراثة التوحش

 لبنان اليوم -

وراثة التوحش

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

من الجائز أن يرث الإنسان مالا، أو عقارا، أو أرضا، أو أى شىء مما يمكن أن يرثه الشخص عن سابقيه، لكن اليهود على العكس من هذا كله ورثوا التوحش.. ورثوا ما لم يحدث أن ورثه سواهم، لكنهم لم ينتبهوا وهُم يمارسون ما ورثوه فى حق الفلسطينيين إلى أن هؤلاء الفلسطينيين يمكن أن يرثوه هُم أيضا عنهم!.
فاليهودى ينسى كل شىء وقع لأجداده فى حياتهم، إلا أن يكون هذا الشىء هو ما قام به الزعيم الألمانى أدولڤ هتلر فى حق اليهود أيام الحرب العالمية الثانية.

وعندما تقرأ فى تاريخ الحرب، تكتشف أن هتلر كان فى منتهى القسوة معهم، وأنه كان متوحشا، وأنه مارس مع كل يهودى صادفه فى طريقه ألوانا من التوحش صارت مشهورة، وكان أشهرها حين أرسلهم إلى المحارق وأفران الغاز.

من بعدها تفرق اليهود فى كل أرض، وهاجروا إلى كل مكان، لكنهم كانوا يحملون التوحش الهتلرى فى داخلهم، وكانوا يحتفظون به فى أعماقهم، ولم يكن يفارق ذاكرتهم العامة مهما مرت الأيام، ومهما ابتعد بهم الزمان عن وقت الحرب.

كانوا قد حملوا توحش هتلر فى الجينات، وكان توحشه قد انتقل إليهم كأنه عدوى، وكانت المفارقة أنهم مارسوا التوحش نفسه مع أهل فلسطين، منذ أن راحوا يتسربون إليها فى مرحلة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلى أن قامت لهم دولة على الأراضى الفلسطينية فى ١٥ مايو ١٩٤٨، إلى أن راحوا يطاردون أبناء الأرض ويستولون عليها!.

والمؤكد أن الفلسطينى لا علاقة له بالمحارق والأفران، بل إنه يستنكر ما وقع فيها ويرفضه، لكن الإسرائيليين يمارسون معه التوحش الهتلرى ذاته، وكأن هذا الفلسطينى هو الذى أحرقهم، أو كأنه هو الذى أشعل نار الأفران ثم قذف بهم فيها.. ولم يصل التوحش الإسرائيلى مداه فى فلسطين، كما وصل فى مرحلة ما بعد الحرب على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر.. وهل هناك ما هو أشد توحشا من قتل المرضى فى مستشفيات القطاع وفى مستشفى الشفاء بالذات؟.. ثم هل هناك ما هو أعنف من قتل العاملين فى منظمات الإغاثة من أونروا الى منظمة المطبخ المركزى العالمى؟.

لكن.. ما لا تنتبه إليه إسرائيل، وما لا تنتبه إليه حكومة التطرف فى تل أبيب أن الطفل الفلسطينى الذى رأى ويرى المجازر بعينيه فى حق أهله، لن ينشأ فيما بعد مسالما وديعا، لكنه سوف يرث التوحش بدوره، وسوف ينتقل إليه التوحش الإسرائيلى ليجرى فى دمه مدى حياته!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وراثة التوحش وراثة التوحش



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:42 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 22:08 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

حملة ميو ميو لصيف 2021 تصوّر المرأة من جوانبها المختلفة

GMT 15:01 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.6 يضرب منطقة شينجيانج الصينية

GMT 12:38 2020 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزيرة الإماراتي يجدد عقد خليفة الحمادي 5 مواسم

GMT 18:03 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

تصاميم ساعات بميناء من عرق اللؤلؤ الأسود لجميع المناسبات

GMT 14:06 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

إتيكيت عرض الزواج

GMT 19:33 2022 السبت ,07 أيار / مايو

البنطلون الأبيض لإطلالة مريحة وأنيقة

GMT 11:29 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف

GMT 10:06 2022 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار الأحذية النود المناسبة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon