المكان معروف لكن الزمان مجهول

المكان معروف لكن الزمان مجهول

المكان معروف لكن الزمان مجهول

 لبنان اليوم -

المكان معروف لكن الزمان مجهول

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

لا ينتهي الجدل والاختلاف حول طبيعة العلاقة بين الحركة الصهيونية واسرائيل من ناحية وسلطات اتخاذ القرار في الولايات المتحدة الأميركية في الناحية الأخرى.هل اسرائيل هي الولاية الثالثة والخمسون، أم انها الولاية التي تتحكم في سياسات الاثنين وخمسين ولاية أميركية؟.في الواقع فإن الأمر لا يخرج عن اطار العلاقة بين الاستعمار وأدواته وآليات تحقيق مصالحة، فبعد افول الامبراطوريات الاوروبية التقليدية التي تنافست ثم اتفقت على تنفيذ المشروع الصهيوني، كان لا بد من أن يودع ذلك المشروع لدى رأس الاستعمار العالمي الجديد.

في ضوء تبدل الأزمان، والثورات التكنولوجية المتعاقبة والتطور الهائل والسريع لوسائل الاتصال وتطور آليات الرأسمالية والانتاج، لم تعد ثمة ضرورة دائما للتعريف بوجود الاستعمار من خلال عدد الجيوش والآليات التي تحقق السيطرة لدولة على دولة اخرى.الولايات المتحدة هي امبراطورية العصر الحديث التي تتحكم إلى حد كبير في حركة المال والأعمال وتتدخل حتى في الحياة الخاصة للأفراد، وبالتالي هي تمارس دور الدولة الاستعمارية بامتياز.اسرائيل تركب على ظهر هذه الامبراطورية التي تستمد قراراتها وسياساتها من واقع حاجاتها ومتطلبات بقائها على رأس النظام الدولي فتكون اسرائيل اداة وشريكا صغيرا وموثوقا.

الاثارة في هذا الموضوع هذه الأيام مرتبطة بوجود ادارة ينتمي غالبية موظفيها الكبار لليهودية أو المسيحية الصهيونية، وكان الانتماء الديني هو العامل الاساسي الذي يقرر السياسات والاستراتيجيات بالاضافة إلى المسؤولية عن دفع السياسة الأميركية إلى مستوى التطابق مع سياسات اليمين وكسر قرارات ومواثيق دولية.اليهود الأميركيون هم جزء من مكونات المجتمع والنخبة الرأسمالية التي تمتلك امكانيات هائلة لكي تكون بصماتها موجودة ومؤثرة في كل مستويات القرار بما في ذلك الادارة ومجلسا النواب والشيوخ.

ثمة من يدعي معرفة آليات التأثير في اميركا كان قد قال إن عدد الاصوات التي يحصل عليها المرشح عادة تساوي أو تقترب إلى حد كبير من كمية الاموال التي تنفق على الحملة الانتخابية.اذا كان المال يقرر في معظم الاحيان، ولا تسأل فلسطينيا عن ذلك، فإن تهور السياسة الاميركية نحو دعم التوسعية والعنصرية انما يعكس طبيعة الشراكات المقررة في الولايات المتحدة ويحظى منها المال اليهودي بجزء مهم ومؤثر.قد يعترض البعض بدعوى ان ترامب شكل خروجا فظا عن السياسة التقليدية للولايات المتحدة فالمال اليهودي كان موجودا قبل ترامب.

في الحقيقة ان وصول ترامب بكل صفاته الفظة وأسلوب تفكيره وعمله له علاقة بالمرحلة الانتقالية بين بقاء اميركا على قمة الهرم العالمي وبين بداية تراجع مكانتها لصالح قوة اخرى.ما يدعو لمثل هذا الحديث الذي قد يبدو مفتعلا او غير ضروري هو الحماسة الزائدة من قبل مسؤولين كبار من ادارة ترامب بشأن دعم أميركا لسياسة ضم نحو ثلاثين في المئة من ارض الضفة للسيادة الاسرائيلية.قولوا ما تشاؤون عن ديفيد فريدمان لكنه سفير الولايات المتحدة في اسرائيل، هو يهودي أميركي يؤيد الاستيطان ويعبر عن سياسة استعمارية.

رغم تضارب التصريحات الصادرة عن الخارجية الأميركية، بشأن صلاحيات وشروط إقدام اسرائيل على ضم أراضٍ فلسطينية، إلا أن فريدمان يعلن أن أميركا مستعدة للاعتراف بالسيادة الاسرائيلية بالضفة وغور الأردن خلال الأسابيع القادمة.وفي تصريح آخر يقول إن إقامة دولة فلسطين تكون عندما يتحول الفلسطينيون إلى كنديين، وان تنازل اسرائيل عن الخليل كما لو ان واشنطن تتنازل عن تمثال الحرية.بومبيو وزير خارجية أميركا قادم للاحتفال بأداء حكومة الرأسين اليمين الدستورية وهي الخطوة الاخيرة التي كانت تنتظرها واشنطن لاطلاق يد اسرائيل نحو ضم أراضٍ في الضفة.

واضح أن نتنياهو وزملاءه لا ينقصهم الحماس لتنفيذ كل ما ورد في صفقة القرن. ربما بكفي من الجانب الفلسطيني أن يصرح أحدهم بأن فريدمان كاذب وتصريحاته مرفوضة، أو أن يصف البعض ما يجري على أنه إعلان حالة حرب من قبل اسرائيل، أو ربما نكرر ما فعلناه دائما بتشكيل لجنة لبحث الملف وتقديم اقتراحات للقيادة، وربما نستمر في البحث عن جواب لسؤال الدجاجة أم البيض.فريدمان يتحدث عن الخليل وليس عن الأغوار. هل سيكفي التهديد بتنفيذ قرارات الوطني والمركزي دون أي ترتيبات معلومة وإجراءات مدروسة للتعامل مع واقع ما بعد تنفيذ قرارات الضم، هذا إذا لم يتم ترحيل القرارات لمرحلة أخرى وتمديد العمل باستراتيجية التهديد؟

علامات وإجراءات الحرب من قبل إسرائيل لم تتوقف ولا حاجة لأن يذكر بعض الفلسطينيين أن هذا القرار أو ذاك هو إعلان حرب.إسرائيل أعلنت منذ زمن حرباً شعواء مستمرة على كل الحقوق والوجود الفلسطيني ولكن يبدوأن اتخاذ القرار بالرد لم يحن بعد.المهم أن لا يكون على طريقة من تعود القول: "سنرد في الوقت والمكان المناسبين" لأن المكان بالنسبة للفلسطينيين معروف، ولكن زمن الرد وطبيعته هو الذي يحتاج دائما إلى دراسة متأنية وصبر.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

حذار من المساس بالجدار الأخير

العنصرية تفضح كلمة الديمقراطية

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المكان معروف لكن الزمان مجهول المكان معروف لكن الزمان مجهول



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 19:09 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

راين كراوسر يحطم الرقم القياسي العالمي في رمي الكرة الحديد

GMT 08:19 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

علاج حب الشباب للبشرة الدهنية

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 21:00 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أملاح يلتحق بمعسكر المنتخب ويعرض إصابته على الطاقم الطبي

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 17:21 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 21:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

مايك تايسون في صورة جديدة بعد عودته لحلبة الملاكمة

GMT 12:34 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

وفاة الإعلامي علي السقاف عن عمر يناهز 63 عامًا

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 16:16 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تطورات جديدة في قضية وفاة الأسطورة "دييغو مارادونا"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon