أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

 لبنان اليوم -

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

إخضاع الفلسطينيين وقضيتهم وحقوقهم، وأحوالهم المعيشية وغير المعيشية بات مكشوفا للجميع، ولا يمكن لأحد أن يتستر عليه، أو يخفف من عمق أبعاده وتأثيراته السلبية.
القضية الفلسطينية تمر في واحدة من أسوأ مراحلها، يعجز المجتمع الدولي عن إسعافها، ويتنكر لها كثير من الأشقاء العرب، والحد الأدنى من الحقوق التي قبلتها منظمة التحرير الفلسطينية هي في مهب عواصف السياسة الإسرائيلية الأميركية، وعجز المجتمع الدولي ومؤسساته.

الشعب يعاني الأمرّين، من القمع والإرهاب الإسرائيلي، وسياسات الاستيطان ومصادرة الأراضي، والعزل بالجدران والحواجز العسكرية، ويعاني من الفقر والحصار، والتدمير المنهجي لمقدراته، وإمكانيات تطوره.

أما إن سأل أحد عن السياسة، والفصائل والقيادات الشرعية وغير الشرعية في المنظمة أو السلطة، فإن الإجابة لا تحتمل اللفّ والدوران، والدفاع غير المنطقي عن مسيرة طويلة من التعثر وارتكاب الأخطاء والخطايا.

يعترف الفلسطينيون بذلك صراحة، ابتداءً من أعلى مستويات المسؤولين إلى المواطن العادي، يغيب النقد الذاتي والاعتراف بالأخطاء والخطايا والمراجعة تتم بطرق غير مباشرة وغير صريحة، لكن الشعور والقناعة بتعثر المسيرة والسياسة، قائمان في كل ذات فلسطينية.

لا يُقصِّر الفلسطينيون في توجيه النقد لمسؤوليهم وللفصائل، ولكل مكونات السياسة والمجتمع الفلسطيني، حتى أنهم لا يتركون مجالا لأحد كي يزايد عليهم في العلاقة بين المواطن والمسؤول.

يحاول الفلسطينيون إصلاح ما يمكن إصلاحه، لكن الظروف المحيطة العربية والإقليمية والدولية تعترض، طريق الإصلاح. كثيرون، من يرغبون ويعملون على بقاء الحال على حاله، والبعض يستغل هذه الأوضاع لتبرير سياساتهم ومواقفهم، واستغلال حاجات وأوضاع الفلسطيني لكي يرتكبوا أخطاء بل خطايا استراتيجية بحق أنفسهم، وبحق أشقائهم.

أن يبلغ النقد مستوى التنصُّل من المسؤوليات، تجاه القضية الفلسطينية أو أن ينطوي على تزوير وإلقاء التهم، فهذا أمر قد يمكن احتماله ولكن أن يصبح الشقيق عدواً، وأن يجري تبنّي والدفاع عن الرواية الصهيونية، والنيل من الرواية التاريخية الفلسطينية فإن هذا أمر غير مقبول أبداً.

يمكن للبعض أن يغلق صنبور الدعم المالي عن الفلسطينيين للضغط عليهم أو بحجة العقاب، أو لتوفيره في مصلحة الأمن الوطني الاستراتيجي لهذه الدولة أو تلك، أمر يخضع للنقاش، ولكن حين تتحول أموال العرب بهذه الطريقة أو تلك لصالح جيوب المستعمرين الأميركيين والإسرائيليين فهذا أمر غير مقبول.

الحلف الأميركي الإسرائيلي دأب على خلق الذرائع، والمخاطر في المنطقة حتى ينفق العرب ملياراتهم، على التسلح، إلى أن يصدأ السلاح في مخازنه، وتتراجع قيمته بسبب استمرار تطوير الأسلحة، فهذا أمر غير مقبول ولا يمكن للتاريخ أن يتسامح مع مثل هذه السياسات.

أموال العرب، وثرواتهم، كانت ستجعل من الأمة العربية، قوة كبيرة على وجه الأرض، تستطيع أن تقف في وجه الطامعين والحاسدين لو أنها وظفت لتدعيم الأمن القومي العربي، الذي لا يمكن استبداله بالأمن الاستعماري، الذي يسعى ويعمل في كل لحظة على سرقة أموال العرب، وحجز تطورهم، وتقسيم بلدانهم.

المشكلة أن لا الولايات المتحدة ولا إسرائيل تخفي مشاريعها الاستعمارية وأهدافها الخبيثة، لكن يبدو أن بعض العرب لا يجيدون القراءة ولا يصدقون.
ألوان العلم الإسرائيلي لها دلالات واضحة تترجم الاستراتيجية الصهيونية التي لم يتخل عنها أحفادها.» من النيل إلى الفرات أرضك يا إسرائيل»، هذا هو الهدف بوضوح، ويعززه وضوحا النشيد الوطني لإسرائيل، الذي يستظل تحته مسؤولون إسرائيليون وعرب، وهم فرحون بما يفعلون.

إذا كانت أوضاع الفلسطينيين والعرب مكشوفة ومعروفة ولا يمكن تجميلها فإن على العرب أن يعرفوا، أيضاً، أن لا أوضاع الإسرائيليين ولا أوضاع الولايات المتحدة، على أحسن ما يرام.
حركة التاريخ تسير إلى الأعلى في مسارات متعرّجة، وهي لا تتيح لأميركا أن تظل تتسيد النظام العالمي، وها هي تشكو من المصارع الصيني، الذي يتقدم بخطوات واثقة نحو أن يصبح بطل العالم عمّا قريب.

ترامب عنوان مكشوف ومناسب لما تعاني منه الولايات المتحدة، إنه كالثور الهائج، يدور في كل اتجاه في محاولة لوقف حركة التاريخ عند بقاء بلاده الأقوى والمتسيدة على النظام العالمي.
أميركا لم يعد لها أصدقاء ولا حلفاء، سوى إسرائيل، فلقد وجهت إدارة ترامب ضربات اقتصادية وتجارية لأقرب حلفائها التاريخيين وأبناء جلدتها من الدول الرأسمالية، والاستعمارية القديمة ونقصد الاتحاد الأوروبي.

من لا يصدق عليه أن يقرأ ويتابع، ويقف عند كل تصويت يتم في المؤسسات الدولية، ليعرف وعليه أن يعترف بتراجع مكانة وقوة الولايات المتحدة، فالدول التي تصوت أو تقف إلى جانبها، مرغمة على أن تفعل ذلك، إما خوفاً من البطش وإما حرصاً على استمرار تدفق بعض المساعدات التي لا تبني دولاً، ولا تحفظ لأحد كرامة.
إسرائيل أدركت ذلك، وبدأت تظهر في سياساتها مؤشرات تحضير نفسها لكي تنقل بندقيتها من الكتف الأميركي إلى الكتف الإسرائيلي حتى بات ذلك يزعج الإدارة الأميركية الأكثر سخاءً

لصالح إسرائيل.
أما إسرائيل فهي هشّة ضعيفة بحكم تركيبتها واستراتيجياتها حتى وإن بدت من الخارج، قوة تتفوق على كل من حولها. هي قوية بهذا المعنى لأن من حولها ضعفاء، وليس لأنها صاحبة قدرة مطلقة.

إسرائيل من الداخل قلقة مهترئة، تضربها بقوة الطبيعة العنصرية التي تعتبر سياسة رسمية بقانون، وتضربها جملة غير محدودة من التناقضات بين الأسود والأبيض والعربي واليهودي، واليهودي الغربي والشرقي، وبين «الحريديم» والعلمانيين، وبين مجتمع الاستيطان ومجتمع المدن وبين أقصى التطرف، والوسطية أو الاعتدال وان كان هذا مشهداً ثانوياً.
قليل من الوقت لمتابعة الشأن الإسرائيلي الداخلي يكفي لأن يتراجع المراهنون عن العلاقة أو التحالف مع إسرائيل طلباً للحماية والأمن والاستقرار. مع ذلك ورغم ذلك لا يجوز للفلسطينيين أو غيرهم تحت وطأة الشعور بقلّة الوفاء، أو التنكُّر لمصالح الأمة العربية، إلاّ أن يتصرفوا وفق مقولة الشاعر «أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ



GMT 19:29 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

ما يملكه الضعفاء

GMT 19:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

في الحنين إلى صدّام

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

حرب أوكرانيا... واحتمال انتصار الصين!

GMT 19:12 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

إيران أكبر عدو لنفسها

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 23:51 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 17:03 2023 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

المدارس الألمانية تواجه معضلة في التعامل مع حرب غزة

GMT 15:02 2023 السبت ,15 إبريل / نيسان

موضة المجوهرات لموسم 2023-2024

GMT 12:53 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

برفوم دو مارلي تقدم نصائح قيمة لاختيار العطر المناسب

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مجموعة من أفضل عطر نسائي يجعلك تحصدين الثناء دوماً

GMT 02:42 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تحضير حلى "الشوكولاتة الداكنة" بالقهوة

GMT 21:41 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

تسريحات شعر قصير للعروس في 2022

GMT 08:14 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

ساعة أكسكاليبور بلاكلايت ساعة روجيه دوبوي الجديدة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon