العنصرية تفضح كلمة الديمقراطية

العنصرية تفضح كلمة الديمقراطية

العنصرية تفضح كلمة الديمقراطية

 لبنان اليوم -

العنصرية تفضح كلمة الديمقراطية

طلال عوكل
بقلم - طلال عوكل

كان لا بد أن تتوحد مشاعر ومواقف وتحليلات الفلسطينيين، إزاء المفاضلة بين نتنياهو وغانتس ليس فقط لأن الاثنين ينتميان إلى نفس الفريق اليميني المتطرف ويتبنيان سياسات واستراتيجيات عنصرية واستعمارية توسعية.
ثمة مفارقة مهمة جداً وعميقة في أبعادها، وهي أن نتنياهو كان الأشد وضوحاً وقبحاً إزاء رؤيته لمستقبل الصراع، وبالتالي مستقبل إسرائيل، فهو يدفع الأوضاع نحو صراع مفتوح، وهو أيضاً العنصر الأشد تأثيراً في إنهاء كذبة الديمقراطية، ويستعجل الكشف عن حقيقة الدولة بما أنها دولة استعمارية عنصرية توسعية.
التحولات التي يديرها نتنياهو على النظام السياسي، وإزاء العلاقة مع الفلسطينيين والمحيطين العربي والدولي، تشير إلى حقيقة أن القلعة تهزم من داخلها، وأن العوامل الخارجية فقط تلعب دوراً مساعداً.
في الظروف الراهنة والقريبة لا يمكن المراهنة على تغير جذري في موازين القوى، يسمح بإرغام إسرائيل على التحول نحو التعاطي الجدي مع عملية سلام تستند إلى قرارات الأمم المتحدة، أو إلحاق هزيمة بدولة مدججة بأسلحة الدمار الشامل وتحظى بدعم أميركي مطلق.
ما يقوم به نتنياهو الذي يضع مصلحته الشخصية فوق مصالح الدولة والمجتمع والطبقة السياسية، لا يمكن إلا أن يؤدي إلى انهيار المنظومة التي تنتسب للديمقراطيات. ينهار القضاء ويتحول إلى أداة سياسية في يد السلطة التنفيذية، ويتخلى عن دوره في الرقابة ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة ليكون جزءاً مكملاً لأدوات وأجهزة البطش الاحتلالي ولتبرير سياساته العنصرية والاستعمارية.
مباشرةً بعد الإعلان عن اتفاق تشكيل الحكومة، صادق المستشار القضائي على قرار يصادر أراضي الحرم الإبراهيمي في الخليل، والأرجح أن القضاء سيتولى تأمين التغطية القانونية لقرار إعلان السيادة الإسرائيلية على الأغوار وشمال البحر الميت، الذي يفترض أن يدخل حيز التنفيذ في أوائل تموز المقبل، كما ورد في اتفاق الشريكين نتنياهو وغانتس.
ثمة من قال، إن الصراع بين زعيمي "الليكود" و"أزرق - أبيض"، لا يدور فقط على الكراسي بل على قضبان السجن، والمستقبل الشخصي لكل منهما. كان من الطبيعي إذاً أن يتوقع المراقبون بأن الانتخابات التي جرت للمرة الثالثة ستنتهي فقط إلى اتفاق على تشكيل حكومة تدعي أنها حكومة وحدة وتتغطى بذريعة جائحة كورونا.
"كورونا" لم تعد صالحة للتبرير، فلقد أصبحت الأمور أكثر من واضحة، ذلك أن كلاً من الرجلين ضحى بسهولة بحلفائه ومارس بالعكس من وعوده ومواقفه وتصريحاته الانتخابية. لا ضرورة إذاً للاستشهاد بردات فعل لابيد أو ليبرمان أو أي مسؤول إسرائيلي، وكلهم يتحدثون عن الانتهازية والذاتية وانهيار المنظومة القضائية وأسس الديمقراطية.
ظاهرة الأعلام السوداء التي خرجت إلى ميدان رابين رغم محاذير "كورونا"، كان دافعها وشعاراتها تعكس مخاوف حقيقية إزاء الديمقراطية. بعض الأصوات المسموعة من قبل المجتمع الإسرائيلي كانت حذرت من حرب أهلية، خاصة بعد تصريحات نتنياهو بأنه سيخرج إلى الشارع مع مناصريه، وسيقاطع الانتخابات المقبلة إذا لم يتم التوافق على حكومة وطنية برئاسته.
كان نتنياهو يعرف بأن الأمور تذهب في الاتجاه الذي يريده منذ أن قرر غانتس الذهاب إلى مفاوضات مع "الليكود" لإبرام صفقة تشكيل حكومة، بالرغم من معارضة حلفائه وانقسام "أزرق - أبيض". حينذاك أدرك الساحر أنه لم يترك لدى غانتس سوى خيار واحد وهو تقديم المزيد من التنازلات لصالح تشكيل حكومة وفق مواصفات نتنياهو لأنه خاسر لا محالة إذا انتهت المفاوضات إلى انتخابات رابعة.
لو انتهت المفاوضات إلى الفشل فإن نتنياهو سيكسب ما لا يقل عن ثمانية أشهر أخرى في رئاسة الحكومة، بالإضافة إلى أنه على الأرجح يحقق تفوقاً لليمين يمكنه من تشكيل حكومة مرتاحة. وفق معايير التحليل العميق أعتقد أن مثل هذه التحولات من شأنها أن تخدم - رغم خطورتها - الفلسطينيين إزاء سؤال مستقبل الصراع طالما أنها تؤجج الصراعات الداخلية وتعري إسرائيل على المستوى الدولي بما يعني أنه يترتب على الفلسطينيين أن يعززوا صمودهم على الأرض وأن يتجندوا للكشف عن فضائح العنصرية الإسرائيلية وسياساتها التوسعية التي تنطوي على أطماع تتجاوز حدود فلسطين التاريخية.
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العنصرية تفضح كلمة الديمقراطية العنصرية تفضح كلمة الديمقراطية



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:07 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منافسة قوية بين ريال مدريد وأرسنال على ضم فلاهوفيتش

GMT 14:58 2021 الثلاثاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

هيفاء وهبي تضج أنوثة بملابس كاجوال ناعمة

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 21:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

الأهلي المصري يعلن شفاء بانون من كورونا

GMT 15:59 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل أولمبياد طوكيو يكلف اليابان 2 مليار دولار

GMT 05:55 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هزة أرضية قوية تضرب وهران الجزائرية

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 15:58 2023 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل العطور الرجالية لهذا العام

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أحذية مسطحة عصرية وأنيقة موضة هذا الموسم

GMT 05:28 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

نسرين طافش تَسحر القلوب بإطلالة صيفية

GMT 08:42 2022 الخميس ,05 أيار / مايو

اتجاهات الموضة في الأحذية لربيع عام 2022

GMT 19:00 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

سعر الذهب يصل لمستويات غير قياسية جديدة

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

زيوت عطرية تساعدكِ في تحسين جودة النوم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon