شاهد على مصر والقضية الفلسطينية ١

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (١)

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (١)

 لبنان اليوم -

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية ١

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

كنت من الجيل الذى عاش مع القضية الفلسطينية منذ الطفولة حينما خرجنا فى المظاهرات من أجل الأشقاء فى فلسطين وفى الجزائر أيضًا حتى تم تحريرها. قبل ذلك، فإن الدولة المصرية خاضت حربًا فى عامى ١٩٤٨ و١٩٥٦، وبينما كانت الأولى حربًا مباشرة على الأرض الفلسطينية، فإن الثانية كانت من أجل تأميم قناة السويس وحرب إسرائيل لمصر بالمشاركة مع بريطانيا وفرنسا. فى الحرب الأولى احتلت إسرائيل جزءًا من سيناء عند نهاية الحرب، ثم خرجت منها بعد اتفاق الهدنة، وفى المرة الثانية احتلت سيناء، وأيضًا تلكأت فى الانسحاب حتى مارس ١٩٥٧، ولكنها خرجت بضغوط مباشرة من العالم، وخاصة الولايات المتحدة.

فى هذه الحرب الأخيرة قاومت مصر العدوان شعبيًّا فى بورسعيد، ووقف جيشها على القناة مستعدًّا للقتال، وخطب الرئيس جمال عبدالناصر فى الأزهر أننا سوف نقاتل. كان الزمن وقتها مشيدًا بحركات التحرر الوطنى، وحصلت الغالبية من دول العالم الثالث اليوم على استقلالها خلال تلك الفترة ما بين نهاية الخمسينيات ومطلع الستينيات من القرن الماضى.

لم تكن الحرب المصرية التالية من أجل فلسطين، ولكنها كانت من أجل اليمن وحريتها فى اختيار نظامها؛ ووقتها فى عامى ١٩٦٤ و١٩٦٥ صارح الرئيس جمال عبدالناصر القيادات الفلسطينية، التى تمحورت حول منظمة التحرير الفلسطينية تحت قيادة أحمد الشقيرى، بأنه لا توجد لديه استراتيجية لتحرير فلسطين. ولكن الرئيس كان لديه استراتيجية للخروج من اليمن تبدأ بجمع العرب فى سلسلة من القمم العربية، ثم تحقيق التفاهم مع المملكة العربية السعودية، وهذه مع القيادات اليمنية. فى ذات الوقت وُلد تنظيم فتح فى الأول من يناير ١٩٦٥، وبدأت عمليات المقاومة من خلال الأرض الأردنية، فكانت معركة السموع، التى اضطر فيها الجيش الأردنى لدخول حرب لم يَسْتَشِرْه أحد فيها.

أخذنا الحماس وقتها فى مظاهرات التأييد لفلسطين والمقاومة الفلسطينية، وعندما جرت كارثة ١٩٦٧ بات الدفاع عن مصر واجبًا. تطوعنا فى كتائب المقاومة، وحتى إنقاذ محصول القطن، وتركزت أعيننا على المقاومة فى رأس العش وضرب المدمرة إيلات ثم حرب الاستنزاف. وقتها، ولا أظن الوحدة واقعة فى أى وقت، وجدنا أن الأشقاء فى فلسطين منقسمون، ولا يوجد فقط لديهم تنظيم فتح، الذى بات قلب منظمة التحرير الفلسطينية، وإنما هناك تنظيمات وأحزاب وجماعات مقاتلة أخرى، فكانت هناك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتى سرعان ما انقسمت إلى الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، ومعهما تنظيم الصاعقة وتنظيمات أخرى تابعة للبعث العراقى والسورى. وحينما حل وقت التجنيد دخل جيلنا تجربة القتال سواء فى حرب الاستنزاف أو حرب أكتوبر ١٩٧٣. لم يغير ذلك كثيرًا من الحالة الفلسطينية، حتى عندما أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى؛ لم تعترف أى من التنظيمات بهذه الحقيقة إلا نادرًا، وفى إطار مصالحات كتلك التى عرفناها خلال العقود التالية.

فى حرب أكتوبر لم تكن مصر تريد تحرير أرضها المحتلة فى سيناء فقط، وإنما كانت تريد فى نفس الوقت المحافظة على مصر ذاتها من ويلات الحرب. فى اليوم الأول من الحرب، أبلغت مصر الولايات المتحدة أنها لا تنوى توسيع نطاق الحرب؛ وفيما بعد فسر الأستاذ محمد حسنين هيكل العبارة على أنها كانت إفشاء لاستراتيجية مصر فى الحرب، والتى كانت سوف تسير على مراحل تبعًا لتطورات العمليات العسكرية. ولكن الحقيقة كانت أمرًا مختلفًا، وهى أن مصر لم تكن تنوى ضرب المدن الإسرائيلية، وأنها تتوقع من خلال الولايات المتحدة أن تبقى الحرب عسكرية لا تسبب تدميرًا للمدنيين ولا للمواقع المدنية. كانت الولايات المتحدة وإسرائيل تعلمان أن مصر لديها الإمكانيات من الصواريخ والطيران ما يصل بها إلى إسرائيل، كما أن كليهما كان يعلم أن مصر لديها إمكانيات للحرب الكيماوية؛ ولكن مصر التى تمتلئ بالسكان والقناطر والسد العالى فوق النيل كانت واعية أن حربًا مثل التى شاهدناها فى المنطقة بعد ذلك لا ينبغى لها أن تمس الدولة المصرية ومستقبلها. مضت الحرب كما هو معلوم من تفاصيل، ورغم أن مصر شهدت خلال حرب الاستنزاف عمليات إجرامية إسرائيلية فى بحر البقر والسويس؛ فإن حرب أكتوبر حافظت على مصر الدولة والأرض والوطن لكى يأتى وقت تكون فيه جاهزة من أجل البناء والتعمير واستئناف مسيرة الاستقلال والتنمية، التى بدأت مع تأميم القناة وبناء السد العالى والخطة الخمسية الأولى (١٩٦٠- ١٩٦٥)، التى لم تتلوها ثانية بسبب حرب اليمن، وموجة التضخم التى جرت، ومن بعدها «النكسة»!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية ١ شاهد على مصر والقضية الفلسطينية ١



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 01:56 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

«العيون السود»... وعيون أخرى!

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 05:12 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 تصرفات يقوم بها الأزواج تسبب الطلاق النفسي

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 17:12 2020 السبت ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الهلال السعودي يربط رازفان لوشيسكو بلاعبيه في الديربي

GMT 12:50 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

ببغاء يُفاجئ باحثي بممارس لعبة تُشبه الغولف

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 18:33 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

ألوان الأحذية التي تناسب الفستان الأسود

GMT 17:16 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إلغاء بطولة العالم للشابات في كرة اليد فى لبنان

GMT 17:21 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon