بقلم: عبد المنعم سعيد
منذ انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعى الصينى عام 1978 أخذت الصين مسارا مختلفا عما كانت عليه خلال الفترة «الماوية» قام على المواكبة بين انضباط الحزب الشيوعى الصينى، والانفتاح الاقتصادى الرأسمالى، والتركيز على التطورات التكنولوجية بحيث توجد الصين عند أعلاها قيمة. استفادت الصين كثيرا من «العولمة» الأمريكية التى أدخلتها إلى «منظمة التجارة العالمية»، وجذبت الشركات الأمريكية للتصنيع فى أقاليم الصين المختلفة. وبينما كانت الصين واقعة تحت لافتة دول العالم الثالث وما توفره لها الاتفاقيات الدولية من امتيازات و معاملات تفضيلية، نتج عنها تحقيق فائض خرافى لمصلحة الصين فى التجارة الدولية. ومنذ عام 2003 أصبحت الصين تحقق فائضا فى ميزانها التجارى مع الولايات المتحدة قدره 500 مليار دولار سنويا. باتت الصين تحقق على حساب الولايات المتحدة وبقية دول العالم احتياطيات مالية ضخمة، و فائضا لا يقل ضخامة فى ميزانها التجارى. وهكذا انتقلت بكين من مرحلة «الكمون الاستراتيجي» إلى قوة عظمى منافسة للولايات المتحدة، مستفيدة من قرارات استراتيجية اتُخذت قبل عقدين، معتمدة على الذات والابتكار التكنولوجى.
العام 2026 سوف يشهد تدعيم التيارات الرئيسية لدى القوى الكبرى فى العالم؛ وإذا كانت الولايات المتحدة سوف تنحو فى اتجاه أمريكا اللاتينية فإن الصين سوف تتجه إلى تثبيت أقدام «النموذج الصيني» فى التنمية، بحيث لا تأخذ علاقاتها المتوترة مع واشنطن كما لوكانت بين الشرق والغرب، وإنما تجعلها بين الشمال والجنوب. التحدى بدأ على الطريقة الصينية من منطلقات اقتصادية ممتدة عبر «الحزام والطريق» إلى التخوم ما بين أوروبا وأمريكا الشمالية فى بعث جديد للوحدة الإفريقية الآسيوية مع إضافات من أمريكا الجنوبية، حيث توجد البرازيل وفنزويلا. مضافا إلى ذلك تقوية جبهة «الحوكمة» العالمية بحيث تبتعد عن العشوائية «الترامبية»وتقترب شرقا من خلال منظمات جنوبية مثل «البريكس» وشنغهاى ولا بأس من تقديم تنازلات فيما يتعلق بسلاسل التوريد، ولا مانع من فتح الأسواق الصينية ذاتها لدول الجنوب دون رسوم جمركية.