هل قرار انهاء “عاصفة الحزم” يعني حل التحالف العربي الاسلامي

هل قرار انهاء “عاصفة الحزم” يعني حل التحالف العربي الاسلامي

هل قرار انهاء “عاصفة الحزم” يعني حل التحالف العربي الاسلامي

 لبنان اليوم -

هل قرار انهاء “عاصفة الحزم” يعني حل التحالف العربي الاسلامي

عبد الباري عطوان

نظريا يمكن القول ان “عاصفة الحزم” توقفت، وجرى استبدالها بعملية “اعادة الامل”، حسب البيان الرسمي السعودي الذي صدر قبل ثلاثة ايام، ولكن ما حدث عمليا هو تغيير الاسم، ولم تتغير الاوضاع على الصعيدين السياسي والميداني العسكري، فالحوار لم يبدأ، والمبادرة العُمانية لم يتم طرحها، والقصف الجوي مستمر، والمواجهات على الارض شرسة، والتحالف “الحوثي الصالحي” يتقدم، ويستولي على مواقع جديدة في الجنوب.
لا يوجد، او بالاحرى، لم يتبلور، اي حد فاصل واضح بين “العاصفة” وبديلها “اعادة الامل”، بحيث لم نعد نعرف اين تنتهي “الاولى” واين تبدأ “الثانية”، وكيف ستكون النهاية حتى يتم تقييم المحصلة النهائية، وتحديد الرابح والخاسر.
الانطباع السريع الذي يمكن الخروج به من قراءة ما بين سطور التسريبات السياسية والعسكرية، هو ان الانتقال من “عاصفة الحزم” الى عملية “اعادة الامل” هو انهاء التحالف العربي الاسلامي الذي قامت على اساسه “العاصفة”، وتحمل المملكة العربية السعودية وحدها عبء العملية الثانية البديلة.
***
نشرح هذه الخلاصة المفصلية بالقول، ان المملكة العربية السعودية التي قررت اطلاق “عاصفة الحزم” على شكل غارات جوية مكثفة تشارك فيها اكثر من 185 طائرة، لوقف تقدم الحوثيين وتحالفهم، حرصت على اشراك عدة دول فيها وطائراتهم او سفنهم، مثل دول مجلس التعاون الخليجي الخميس (سلطنة عُمان التزمت الحياد)، علاوة على مصر والاردن والمغرب وتركيا والسودان وباكستان، وربما جاء تلكؤ بعض الدول في الانتقال من مرحلة المشاركة “الرمزية” الجوية الى خوض حرب برية، هو الذي دفع القيادة السعودية الى “فك” هذه “العاصفة”، والاسس التي قام التحالف عليها، والانتقال الى مرحلة جديدة وهي “اعادة الامل”، مما يعني رسميا وقانوينا ان الدول المشاركة في “عاصفة الحزم” باتت في حل من الاستمرار فيها، اذا ارادت.
ويبدو ان الانتقال الى المرحلة الثانية، وان بتسمية عملياتية اخرى (اعادة الامل)، اعفى دول عديدة مثل الاردن ومصر وباكستان وتركيا من حرج الاستمرار في التحالف، وتجنب الحرب البرية، وهذا يفسر عدم اعلان المتحدث العسكري السعودي العميد ركن احمد عسيري او قيادته، عن مشاركة اي دولة في المرحلة الثانية.
وربما يعود ذلك تجنبا للاعباء المترتبة عليها، والمالية على وجه الخصوص، لان “اعادة الامل” لليمنيين، مثلما يمكن فهمها، تعني الالتزام جزئيا او كليا، بعشرات ان لم يكن مئات المليارات لسنوات عدة، لاعادة اعمار اليمن، وضخ استثمارات هائلة للنهوض به، واخراجه من خانة الدول العشرين الافقر عالميا.
القيادة السعودية ارادت من خلال اطلاق عملية “عاصفة الحزم الجوية” ايصال رسالة قوية، الى الايرانيين وحلفائهم في اليمن، وربما في اماكن اخرى من الشرق الاوسط، بأنها تختلف كليا عن نظيرتها السابقة من حيث عدم ترددها في اللجوء الى الخيار العسكري، وتوظيف سلاحها الجوي القوي لايصالها، والرسالة وصلت بالفعل، وفتحت عيون على مصراعيها اندهاشا، ولكن اطالة امد الغارات الجوية، واكمالها الاسبوع الرابع من عمرها، قلص كثيرا من آثارها، ويعتقد العديد من المراقبين ان يومين فقط من القصف كان يمكن ان يحقق “الصدمة والرعب”، ويعفي المملكة من خوض حرب طويلة، هي في غنى عنها في هذا التوقيت.
الازمة اليمنية، ومع مرور الوقت، باتت “تفرخ” ازمات بالنسبة الى السعودية اولا، والولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الغربيين ثانيا، وهي ازمات تتفاقم مع مضي الوقت، وتأخر “الحزم” العسكري المأمول.
لو بدأنا بالسعودية، فان تلكؤ الحلفاء الثقاة، في الانضمام الى حرب برية لم يخلق خيبة امل فقط، وانما كشف عن سوء تقدير، ربما غير مقصود، لمدى ولاء هؤلاء وتنكرهم لجميل المملكة المتمثل في دعمهم ماليا وسياسيا لسنوات، ونحن نتحدث هنا عن دول مثل مصر والاردن وباكستان، على وجه الخصوص، والاهم من ذلك، ان بعض هؤلاء الحلفاء بدأ يظهر خلافاته علنا مع القيادة السعودية، سواء بسبب املاءاتها او دخولها في “عاصفة الحزم” دون مشاورتهم في معظم الحالات، على اعتبار ان موافقتهم “تحصيل حاصل”.
ولعل الانخراط في حرب اقليمية، في ظل التهديدات المتفاقمة للجبهة الداخلية، شتت التركيز السعودي الامني والعسكري على الجبهة، وما كشفه اللواء منصور التركي، المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية، عن خلية كانت مكونة من سبع سيارات، ثلاث منها مفخخة، وتعد لعملية ارهابية في الرياض، الا احد الامثلة في هذا الصدد.
اما اذا انتقلنا الى الولايات المتحدة التي ساندت الغارات الجوية السعودية في اليمن بالخرائط والمعلومات الاستخبارية حول بنك الاهداف، فانها ادركت ان تنظيم “القاعدة” في جزيرة العرب كان المستفيد الاكبر من “العاصفة”، فقد استولى على مدينة المكلا عاصمة حضرموت، وفك اسر معتقليه في سجونها، ونهب اموال بنوكها، وبات يسيطر على مينائي المدينة الجوي والبحري، علاوة على عشرات الاطنان من الاسلحة، كانت في مخاون الجيش اليمني المهزوم، الامر الذي يذكر باستيلاء مقاتلي “الدولة الاسلامية” على مدينة الموصل العراقية صيف العام الماضي.
***
لا نعرف كيف ستخرج المملكة العربية السعودية من هذا المأزق، فاستمرار القصف الجوي تحت عنوان “اعادة الامل” لليمنيين بات يعطي نتائج عكسية حتى الآن، لانه يعني زيادة اعداد القتلى والجرحى، وزيادة معاناة اليمنيين، ودون ان يوقف زحف الحوثيين، وقوات الرئيس صالح في عدن وشبوه والضالع وباقي المحافظات الجنوبية، مع توارد انباء عن حشود حوثية في صعدة وعمران، قرى الحدود السعودية، استعدادا لهجوم بري معاكس على غرار ما حدث عام 2009، عندما تقدمت قوات الحوثيين حوالي 60 كيلومترا في عمق الاراضي السعودية، واحتاج الامر الى اكثر من ثلاثة اشهر لاخراجهم منها.
 كان من المفترض ان يكون قرار مجلس الامن الدولي الاخير، الذي طالب بفرض حظر اسلحة على الحوثيين، وانسحابهم من العاصمتين الجنوبية والشمالية، والعودة الى جيب صعدة، هو “طوق النجاة”، واعادة اطلاق مسيرة الحوار للوصول الى حل سياسي، ولكن حتى هذه اللحظة، لا يوجد اي امل في عملية “اعادة الامل”، والاحباط وخيبة الامل والقلق، كلها تخيم على جميع الاطراف في هذه الازمة، وايا كان الخندق الذي يقفون فيه.
“عاصفة الحزم” تحتاج الى “حزم” لتحديد مصيرها، وعملية اعادة الامل، تحتاج الى انطلاقة سلمية سياسية حتى تعطي ثمارها المرجوة من اسمها، وفي ظل غياب الاثنين لا نستطيع الا ان نكون متشائمين للآسف، ومن يرى غير ذلك فليصححنا.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل قرار انهاء “عاصفة الحزم” يعني حل التحالف العربي الاسلامي هل قرار انهاء “عاصفة الحزم” يعني حل التحالف العربي الاسلامي



إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 11:02 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 10:02 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 18:36 2023 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

حقائب فاخرة لأمسيات رمضان الأنيقة

GMT 19:03 2022 السبت ,14 أيار / مايو

نصائح لاختيار ملابس العمل المناسبة

GMT 11:22 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

أجمل العطور النسائية برائحة الحلوى

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon