لبنان «تقاطعات» داخلية وخارجية
أخر الأخبار

لبنان... «تقاطعات» داخلية وخارجية

لبنان... «تقاطعات» داخلية وخارجية

 لبنان اليوم -

لبنان «تقاطعات» داخلية وخارجية

مصطفي فحص
بقلم: مصطفي فحص

من التقاطع الداخلي اللبناني ما بين أغلبية قوى المعارضة وبعض قوى السلطة على ترشيح وزير المالية السابق جهاد أزعور لمنصب رئيس الجمهورية، إلى تكليف الإليزيه وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لودريان مبعوثاً رئاسياً فرنسياً للبنان، يبدو أن تقاطعاً خارجياً أيضاً يتشكل، في شكله أي في اختيار لودريان لهذه المهمة وفي مضمونه أي في مقاربته الدبلوماسية للبنان والمنطقة العربية، والذي من شأنه أن يؤسس لانعطافة في الموقف الفرنسي، وإلى تصحيح مسار العلاقة ما بين باريس وعواصم دول مجموعة الخمس المعنية بلبنان وفي مقدمتها الرياض وواشنطن، بعد مرحلة من التباين في الآراء معهما، الأمر الذي سيزيد من صعوبة وصول مرشح محور ما يسمى بالممانعة إلى قصر بعبدا.

في التقاطع الأول بات معلوماً أن أطرافه مجمعون بالدرجة الأولى على رفض مرشح «الثنائي» (حركة أمل وحزب الله) ومدعومون بإجماع أغلب القوى والشخصيات المسيحية وتفهم كنسي (بكركي - فاتيكان) لموقفهم ثانياً، الذي نجح في قطع الطريق على ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، إذ يبدو أن فرنجية لم يعد مرشح باريس الأوحد للرئاسة اللبنانية.

كما أن الإجماع أو التقاطع نجح في أن يفرض على رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة إلى جلسة انتخابية في 14 الشهر الحالي بعدما حاول التملص منها سابقاً، ليتحول همّ «الثنائي» إلى معركة عدّ الأصوات ما بين مرشحهم ومرشح التقاطع، الذي يبدو متقدماً بفارق مريح عن فرنجية، بالرغم من امتناع بعض التغييريين الذين يرفضون التصويت لأزعور تحت حجة عدم الاصطفاف، فيما ذهب بعضهم إلى التفكير في مرشح ثالث، المأزق هنا أن هذه الخيارات بالنسبة إلى جزء كبير من جمهور «ثورة تشرين» ومجموعاتها لا تمثل حقيقة خياراتهم، الأمر الذي وسع من حالة النفور ما بين حالة «تشرينية» وازنة وبعض نواب التغيير، فهناك من يرى ضرورة التصويت لأزعور حتى ولو كان مخالفاً لخطاب الانتفاضة وحتى بعد صدمة زيارة ميشال عون الفاشلة في توقيتها وأهدافها إلى دمشق، فيما يرى آخرون أن هدف «تشرين» والمعارضة في هذه المرحلة سياسي بامتياز، فإسقاط مرشح «حزب الله» قضية أكبر من انتخاب أزعور.

فقد فتحت باريس أبواب التقاطع الثاني إقليمياً ودولياً من خلال اختيارها الوزير لودريان مبعوثاً خاصاً إلى لبنان، فهو من الطبيعي أن يحجز لنفسه مقعداً إلى طاولة اللجنة الخماسية، وهذا سيكون حتماً على حساب طرف فرنسي ضمن دائرة صنع القرار في الإليزيه، أمّن سابقاً تغطية فرنسية لمرشح الممانعة، فطبيعة لودريان السياسية ومقاربته تتطابقان إلى حد كبير مع أغلب أعضاء اللجنة الخماسية، ويمثل تياراً سياسياً فرنسياً له وجهة نظر تقليدية في العلاقة مع العالم العربي والشرق الأوسط، تأخذ في الاعتبار الثوابت التاريخية للعلاقة الفرنسية مع النظام الرسمي العربي منذ بداية تشكله قبل قرابة قرن تقريباً.

عملياً يمكن تفسير اختيار لودريان بعدة عوامل، في مقدمتها أن باريس قامت بخطوة إلى الوراء مرتبطة أولاً بالتهيئة للتراجع عن تبني ترشيح فرنجية، وبالانفتاح على خيارات توافقية أخرى ثانياً، أما داخل الأروقة الفرنسية فإن لودريان سيعطي زخماً فرنسياً جديداً للاهتمام الفرنسي بلبنان، حيث سيعمل إلى جانب عدة شخصيات مؤثرة في الإليزيه تتابع الشأن اللبناني من كثب، ومن الممكن أن يقوم بتصحيح مسار بعض السياسات المخالفة لطبيعة العلاقة التقليدية التي تربط فرنسا بلبنان، فمقاربة لودريان تنسجم إلى حد بعيد مع مواقف وزارة خارجيته التي تختلف بدورها عن مواقف بعض المستشارين في الإليزيه التي تحتاج إلى إعادة تصويب، كما أنه سيكون أكثر انسجاماً مع موقف فرقاء إقليميين ودوليين بخصوص لبنان، وسيخفف من حدة الانتقادات اللبنانية خصوصاً المسيحية لمواقف الإليزيه الأخيرة.

وعليه، من أزعور مرشحاً حقيقياً لرئاسة الجمهورية إلى لودريان مبعوثاً فرنسياً، يبدو أن الأمور داخلياً وخارجياً يعاد تصحيحها ترشحاً وموقفاً، ولكن ليس بالضرورة أن يكون الحل قريباً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان «تقاطعات» داخلية وخارجية لبنان «تقاطعات» داخلية وخارجية



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 16:44 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المكاسب المالية تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 05:55 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هزة أرضية قوية تضرب وهران الجزائرية

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مجوهرات راقية مصنوعة من الذهب الأبيض الأخلاقي

GMT 05:14 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

تسريحات الشعر المناسبة للصيف

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 15:30 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

لؤي ناظر يكشف أسباب تراجع النتائج ورحيل بيلتش

GMT 12:48 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب السعودي يتقدم 3 مراكز في تصنيف فيفا

GMT 21:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

الأهلي المصري يعلن شفاء بانون من كورونا
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon