فيينا ضيق الأفق واتساع الفرصة

فيينا... ضيق الأفق واتساع الفرصة

فيينا... ضيق الأفق واتساع الفرصة

 لبنان اليوم -

فيينا ضيق الأفق واتساع الفرصة

بقلم: مصطفى فحص

إجماع وزراء خارجية الترويكا الأوروبية المشاركين في مفاوضات فيينا النووية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) على أن المرحلة الثانية من الجولة السابعة التي استؤنفت، يوم أمس الخميس، الفرصة الأخيرة أمام طهران من أجل العودة إلى التزاماتها النووية، ولكن في مهنة التفاوض، خصوصاً عندما تصدر التصريحات عن جهات دبلوماسية، لا يمكن وضعها إلا في إطار الضغوط التفاوضية على الطرف الآخر، ففي مفاوضات بالغة التأثير على الأمن والاستقرار الدوليين لا يمكن اعتبار أي جولة أنها الفرصة الأخيرة، وحتى لو صدر الكلام عن قيادة عسكرية، وذلك لسبب أن هذا النوع من المفاوضات مع الطرف يستسيغ تسويف الوقت والإطالة حتى المماطلة، فإن الوصول إلى ثغرة تفتح في جدار المفاوضات قد تستغرق كثيراً من الوقت حتى لو لم يعد هذا الوقت لصالح أي طرف من الأطراف.
ولكن بالرغم من الإيحاء بأن الأفق بات مسدوداً، فإن كلام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الذي استخدم فيه لغة مشددة، طالب طهران باتباع نهج مختلف في المفاوضات، محذراً من أن هذا المسار أصبح قصيراً وليس بلا أفق، إلا أنه انتقد خروج بلاده من الاتفاق النووي، ومرر بذلك رسالة مهمة لطهران عندما أشار إلى أن مسؤولين أميركيين لا يزالون يعتقدون أن «الطريقة الفضلى والأكثر فاعلية لحل التحدي النووي الذي تشكله إيران هي عبر الدبلوماسية ومن خلال العودة إلى الامتثال المتبادل للاتفاق النووي الإيراني».
رغم الرخاوة الأميركية فإن طهران لم تجد بعد كيفية العودة إلى الامتثال المتبادل، ففي الجولة السابقة كانت الهوة شاسعة بين الطرفين الرئيسيين (طهران وواشنطن)؛ فالأولى تريد من واشنطن رفع العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق ترمب سنة 2018 مباشرة، وأما الثانية فتريد عودة طهران إلى التزامات اتفاق 2015، ولكن الجانبين تمسكا بالموانع التي تعوق قيامهما بهذه الخطوات، فبالنسبة لواشنطن لا تستطيع إدارة الرئيس بايدن رفع جميع العقوبات من دون العودة إلى الكونغرس، وهذا قد يستغرق وقتاً لا تقبله طهران، أما طهران فإنها غير مستعدة للعودة إلى التزاماتها النووية إلا في حال حصولها على ضمانات قانونية ودولية بعدم انسحاب الإدارة الأميركية من الاتفاق، لذلك يبدو أن طهران في وضعية تفاوضية تبحث فيها عن ضمانات تحفظ الاتفاق وآليات تضمن رفع العقوبات دفعة واحدة، ولكن حتى الآن لم تجد الوسيلة التي تضمن لها ما تريده، كما أنها لم تقدم للطرف الآخر ما يقنعه من أجل إعطائها هذه الضمانات.
مأزق الوفد الإيراني العائد إلى فيينا أنه غادر بلاده على وقع انهيار في العملة الوطنية بلغ 6 في المائة بعد الإعلان عن فشل المرحلة الأولى من الجولة السابعة، كما أن طهران في هذه الجولة تفاوضت وسط خيارات دولية وإقليمية مغلقة، فالواقع الإقليمي المتغير، بدا من معركة مأرب؛ إذ استطاعت الشرعية اليمنية الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، فخرج من حسابات طهران ما كانت تطمح إليه في مأرب، وفقدت ورقة للضغط تصلح للدفاع عن نفوذها الإقليمي، كما أنها مهددة بانفلات كامل للوضع العراقي الذي يمكن أن ينزلق في أي لحظة إلى اقتتال شيعي شيعي بعد خسارة أتباعها في الانتخابات البرلمانية العراقية. أما لبنان الذي يستخدم عادة للضغط في اتجاهين؛ الأول استقرار حوض البحر المتوسط، والثاني حدود لبنان الجنوبية مع الكيان الإسرائيلي، حيث أدت الظروف الداخلية في لبنان إلى تحويل «حزب الله» إلى قوة معطلة لا يمكن استخدامها في الضغط على المفاوضات. أما سوريا فإن التفاهم مع موسكو جعلها محدودة التأثير على حسابات المقايضة في فيينا، ما يعني أن المفاوضات وإن انحصرت بالملف النووي فإن طهران لا يمكنها مقايضة أوراقها الإقليمية بمصالحها النووية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيينا ضيق الأفق واتساع الفرصة فيينا ضيق الأفق واتساع الفرصة



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري

GMT 12:03 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

العالم على موعد مع أول "تريليونير" في التاريخ خلال 10 سنوات

GMT 06:56 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أخطاء تجنبيها للظهور بصورة أنيقة ليلة رأس السنة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon