دولة «اللاوعي»

دولة «اللاوعي»

دولة «اللاوعي»

 لبنان اليوم -

دولة «اللاوعي»

محمود مسلم

ستظل «أزمة الوعى المصرى» قنبلة موقوتة تطارد أى رئيس مقبل لمصر، إذا استمرت نفس الآليات والثقافة التى تقدم المنتج الفوضوى، فلا يمكن لدولة أن تستعيد مؤسساتها، وتتقدم وتنمو فى ظل رأى عام مشوه، وأولويات غير صحيحة، حيث تتصدر أجندة المناقشات قضايا «تافهة»، مثل: «عجلة السيسى»، و«تريننج مبارك»، و«ساعة مرسى»، و«آى باد صباحى»، و«زيارة طنطاوى» لوسط البلد، ويبدأ «الهرى» والتحليلات سواء على «الفيس بوك»، أو «تويتر،» أو برامج «التوك شو».

لقد اهتمت كل الأنظمة السابقة سواء قبل «25 يناير» أو بعدها بقضايا السياسة والاقتصاد والعلاقات الخارجية، لكن لم يطرح أحد منها مشروعاً لاستعادة الوعى، كى تستعيد مصر دورها الثقافى والتنويرى فى المنطقة، كما كانت من قبل، وإذا كان الشعب المصرى يستهلك من وقته وجهده الكثير فى مناقشة، إما قضايا غير حقيقية، أو دون الأهمية أو معلومات خاطئة، وهكذا يتشكل الوعى على أساس غير صحيح وتتكون صورة ذهنية غير صحيحة للمؤسسات والقيادات بسبب التراكم فى نشر معلومات غير صحيحة.

«التعليم والثقافة والإعلام» هى المسئولة عن تشكيل الوجدان المصرى، لكن للأسف لم يهتم أحد، حتى برامج المرشحين حتى الآن لم تتضمن خطوات واضحة لمعالجة أخطر ما يواجه المصريين، وللأسف حتى الآن ما زالت عصابة الإخوان الإرهابية الخائنة هى التى تضع أجندة مناقشات الرأى العام المصرى وتلعب ميليشياتها الإلكترونية مع بعض عملائها دوراً مؤثراً فى ذلك، مثلما حدث مع الهاشتاج المسىء لـ«السيسى».

لقد تعرض العقل المصرى خلال السنوات الماضية لموجات من المعلومات الخاطئة، والآراء المغرضة والتشويش، فيما كانت الدولة، إما صامتة ومتخاذلة، وإما مشاركة فى هذا العبث.. وهذا ليس دعوة للدولة لتوجيه الرأى العام، ولكن لا يمكن أن تغيب عن إدارة الوعى والدفاع عن الاقترافات الداخلية والخارجية للعقل الوطنى، بالإضافة إلى عمليات التشويش والتضليل الممنهج، التى استخدمها الإخوان حتى وصلوا للحكم فى أكبر عملية نصب عقلى، بدليل أن الاتهامات التى وُجهت للجماعة بالتخطيط لاقتحام السجون وأقسام الشرطة بمعاونة دول خارجية، والتى هلل لها الشعب المصرى أثناء نظر قضية الإسماعيلية أمام المستشار خالد محجوب، كانت قد أثيرت بشكل أو بآخر فى شهادة المرحوم اللواء عمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية السابق فى قضية القرن، لكن لم ينتبه أحد.

لقد تحولت وسائل التواصل الاجتماعى إلى أدوات لتسفيه القضايا المصيرية، وتحويل حياة المصريين إلى مجموعة من التفاهات عن طريق الجدل حول الشكليات وليس القضايا الجوهرية، كما حدث بعد استفتاء الدستور، حيث اخترع الإخوان حكاية عزوف الشباب، وهرولت الحكومة للاجتماع معهم، وظلت هذه القضية تسيطر على الرأى العام أياماً وأسابيع، دون الاعتماد على معلومات موثقة وقام المحللون كعادتهم بالتنظير وتوجيه الاتهامات، ثم خرج م. خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، أمس الأول، فى برنامج «الحياة اليوم»، ليؤكد وفقاً لتحليل المعلومات الموثقة أن نسبة مشاركة الشباب فى استفتاء الدستور 39٪، بينما تتراوح فى دول العالم بين 7 و13٪ فقط.

أول طريق لعودة الوعى المصرى، هو الشفافية والمصداقية، ثم مراجعة كل ما يقدم لعقول المصريين من أفلام وأغنيات ومعلومات وآراء، والرد عليها، أما أن يركز المرشحون فى برامجهم الانتخابية على المسكن، والطعام، والأمن، والحرية، فلا ينعم الشعب المصرى بأى منها، طالما سيعيش فى دولة «اللاوعى»!!

■ نشرت هذا المقال فى 2 أبريل الماضى.. وأعيد نشره بمناسبة عدم اتخاذ إجراءات جادة حتى الآن فى طريق عودة الوعى.. بينما عاد موسم «فوضى اللاوعى» مرة أخرى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دولة «اللاوعي» دولة «اللاوعي»



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:48 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

إطلالات أنيقة وراقية للفنانة اللبنانية نور

GMT 19:08 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

الجزائري مبولحي يخضع لبرنامج تأهيلي في فرنسا
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon