إنها الحرب «يا سيسي»

إنها الحرب «يا سيسي»!!

إنها الحرب «يا سيسي»!!

 لبنان اليوم -

إنها الحرب «يا سيسي»

محمود مسلم

فى 27 يناير 2011 عقد صفوت الشريف مؤتمراً صحفياً الساعة الرابعة عصراً، وتحدث عن سياسات مواجهة البطالة ورفع الأسعار والاهتمام بالشباب وغيرها من القضايا العامة، لكن صحفياً ذكياً سأله: كل ما تقوله إجراءات عادية، بينما مصر تمر بظرف غير عادى، فما الإجراءات الاستثنائية التى ستواجهون بها المظاهرات الغاضبة؟.. وكالعادة أعاد «الشريف» كلامه المعسول دون حلول حقيقية، ثم تصاعدت أحداث «25 يناير»، وكانت الدولة ضعيفة فى مواجهتها، فلم تستطع التجاوب مع مطالب الجماهير بالإجراءات والسرعة اللازمة «إذا اعتبروها ثورة»، ولا استطاعوا المواجهة والتعامل مع ما يدبر «إذا اعتبروها مؤامرة».

لا أعرف لماذا تذكرت هذا الكلام وأنا أتابع تطور الحوادث الإرهابية فى مصر بهذه السرعة والتكنولوجيا المذهلة، بينما رد فعل الدولة أقل حرفية، وبطىء، ولا يوازى حجم الفعل، ففى الوقت الذى يدعو الرئيس إلى إدراك أن مصر فى حرب لا يجد أحد إجراءات على الأرض تعكس ذلك التوجه، فلم يتم إنشاء مجلس حرب، حسبما اقترح كثيرون، أبرزهم المستشار أحمد الزند، ود. مصطفى الفقى وغيرهما، ولا تأسس مجلس قومى للإرهاب، ولا صدر قانون مكافحة الإرهاب، بينما انشغلت الدولة بالجدل فى قضايا تافهة مثل إلغاء أو تعديل قانون التظاهر، أو بحث العفو عن أجانب متورطين فى قضايا إرهابية، أو إعلان التمسك بالحكومة «الرخوة» التى فشلت حتى فى تطهير دواوينها من الأخونة إلى حين انتهاء الانتخابات البرلمانية، أو البحث عن تصفية الحسابات والمكاسب الشخصية، بينما تتكرر الحوادث الإرهابية بنفس الطريقة من سيناء إلى جامعة القاهرة وحتى المطرية.

لا يمكن مواجهة الأخطار والمؤامرات الداخلية والخارجية بإجراءات اعتيادية، مثل تفويض شركة «فالكون» الخاصة لمواجهة الإرهاب، أو مراعاة المجتمع الدولى ومؤسسات حقوق الإنسان، فقد نجحت ثورة 30 يونيو عندما انتفض الشعب كله فى ملحمة وطنية مخلصة وواعية ومدركة، وكان الجميع على أتم الاستعداد للتضحية بالمال والنفس، والأهم أنه تم تقديم كل المتورطين فى الإرهاب والخيانة للمحاكمة ولم يكن هناك أى اعتبار لرد الفعل الدولى، وانطلقت الثورة، لكن تم «تبريدها» عبر وزراء.. أبسط ما يمكن وصفهم بأنهم فاشلون، لكن عناية الله كانت هى الحامية، ويقظة الجيش المصرى وتضحيات رجال الشرطة، لكن القطار وصل إلى محطة من الإهمال والاستهتار والتراخى يجعل أى مصرى قلقاً، خاصة أنه لا توجد حتى الآن استراتيجية واضحة لمواجهة الإرهاب، واكتفت الحكومة بزيارات الشو الميدانية، وظهرت التجاوزات والفشل معاً.

إعادة روح الثورة إلى الشعب المصرى ومسئوليها يجب أن تكون المهمة الأولى للرئيس، فالظروف الاستثنائية لا تواجه إلا بأفكار استثنائية من خارج الصندوق مثل إقامة مناطق عازلة فى سيناء، أو بحث جدى لعودة الحرس الجامعى بعد أن تركت الحكومة أشهر الصيف دون تجهيزات للمواجهة، وأخيراً دفعت بشركة فالكون فى مواجهة طلاب الجامعة قبل الدراسة بيومين فقط، والأهم من ذلك كله تنحية القضايا التافهة من أولويات الشعب فى الفترة الحالية، والتركيز على مواجهة الإرهاب كأولوية متقدمة على كل القضايا، بحيث تكون هناك خطط حالية ومتوسطة المدى وطويلة المدى؛ لأن المعركة ستطول. أما تصريحات الاستهلاك المحلى التى تتكرر مع كل حادث فمكانها الطبيعى سلة المهملات.

لن نكفر بالدولة.. ولن نفقد الثقة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى.. مع كل حادث إرهابى، بل ستتحول دماء الشهداء الطاهرة إلى وقود يمنح الشعب العزيمة والتحدى لمواجهة هذا الخطر، لكننا لن نتوانى عن كشف الأخطار والإهمال، والمطالبة بإجراءات فاعلة تتناسب مع حالة الحرب التى تعيشها مصر الآن، فكل الأفكار والمشروعات العظيمة التى يدرسها الرئيس ستتحطم على صخرة الإرهاب.. وإذا كانت الحكومة حتى الآن عاجزة عن المواجهة الفكرية للإرهاب فلا يمكن التخاذل فى الإجراءات الأمنية مثل تعطل كاميرات جامعة القاهرة وعدم وجود رؤية واضحة للتعامل مع ملف الأخونة فى الحكومة واستمرار إخفاقات الشرطة وتجاوزاتها.

■ إذا كان «السيسى» قد أعلن أن استراتيجيته تثبّت الدولة المصرية، فهذا لن يتحقق إلا بالأمن والاستقرار، وهذا لن يتأتى إلا برجال أشداء يتمنون الشهادة كما تمناها السيسى فى لقائه مع أهالى الشهداء من قبل، ولا يفكرون كيف يستمرون فى مناصبهم، فمصر نجحت فى حرب أكتوبر بتضحيات الرجال وعقولهم وبالأفكار خارج الصندوق وليس بتغطية الفشل بالتصريحات الرنانة والانشغال بالقضايا التافهة.. إنها الحرب «يا سيسى»!!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنها الحرب «يا سيسي» إنها الحرب «يا سيسي»



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon