تهاوى مبادئ الديمقراطية

تهاوى مبادئ الديمقراطية

تهاوى مبادئ الديمقراطية

 لبنان اليوم -

تهاوى مبادئ الديمقراطية

بقلم:د. وحيد عبدالمجيد

ليست ألمانيا التى يُضطهد حزب المعارضة الرئيسى فيها ويُصنف متطرفًا، ورومانيا التى أُلغيت انتخاباتها الرئاسية التى أُجريت فى نوفمبر وأُعيدت فى 4 مايو الحالى، الحالتين الوحيدتين اللتين تعبران عن تهاوى مبادئ الديمقراطية فى القارة العجوز. تتهاوى مبادئ الحرية والتعدد والتنوع واحترام الآخر المختلف، وقبلها وبعدها مبدأ التسامح الذى ربما يجوز القول إنه كان مصدر هذه المبادئ كلها، باعتباره الأسبق فى أوروبا، إذ بُدئ فى بلورته فى القرن السابع عشر فى خضم المعركة ضد هيمنة السلطة الدينية. شارك مفكرون أوروبيون كُثُر فى بلورة مبدأ التسامح وغيره من مبادئ الديمقراطية. ولكن إسهام الألمانى كارل بوبر كان الأهم. فقد بلور هذا المبدأ كما لم يفعل غيره فى كتابه «المجتمع المفتوح وأعداؤه» الصادر عام 1945 فى نهاية حرب ضارية عُصف فيها بكل المبادئ الإنسانية، وليس مبدأ التسامح فقط. ذهب بوبر إلى أن التسامح يعتبر الأساس الأول الذى تقوم عليه الديمقراطية. فلولا التسامح ما أمكن أن يكون هناك تفاعل إيجابى وآراء مختلفة تسهم فى تحديد الأخطاء وكشفها والسعى إلى تصحيحها قبل أن تُحدث أضرارًا تصعب معالجتها، لأن التستر على الأخطاء فى تصوره خطيئة لا تُغتفر. والأهم من ذلك أن بوبر تصدى للتشكيك فى شمولية مبدأ التسامح واعتقاد البعض فى عدم سلامته عندما يُطبق على من لا يؤمنون به. ولعل هذا هو أهم ما ميزه عن غيره من أنصار التسامح. فقد أصر على عموميته، وجزم بأنه لا يقبل الانتفاء أو التجزئة, ولم يستثن إلا من يستخدمون العنف أو يحرضون عليه. ومنطق بوبر، هنا، واضح وهو أن البشر جميعهم قابلون لأن يخطئوا، فليس، إذن، غير التسامح عاصمًا من الوقوع فى أسر ما اعتبره شعورًا عزيزيًا بالغ الخطر وهو أننا على صواب دائمًا. وعلى هذا الأساس اختزل قيمة التسامح فى ثلاثة عناصر: إننى قد أكون مخطئًا وقد تكون أنت على صواب. وأننا حين نتحاور بشكل عقلانى قد نصل إلى تصحيح أخطائنا. وأن هذا الحوار يساعدنا فى أن نقترب معًا من الحقيقة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تهاوى مبادئ الديمقراطية تهاوى مبادئ الديمقراطية



GMT 19:12 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

«إيزي» عم توم

GMT 19:11 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

يَا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ نُفَارِقَهُمْ!

GMT 19:10 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المحاور والجبهات الغائبة

GMT 19:09 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساركوزي ومانديلا ودراما السياسة

GMT 19:08 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... اختبار الدولة لا اختبار السلطة

GMT 19:04 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

GMT 19:02 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الدلالات غير السياسية للتجربة السورية

GMT 18:56 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

العامل والسقالة والوعي

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 13:36 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:53 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 06:12 2014 الأربعاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

.. و"دقّت ساعة بغ بن"

GMT 10:03 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

جديد أميركا وثوابتها

GMT 04:06 2015 الإثنين ,23 شباط / فبراير

قوائم الانتخابات

GMT 10:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"بي بي سي" تواجه معركة قانونية شرسة مع أقوى رجل في العالم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon