ثنائية أزمة العقل

ثنائية أزمة العقل

ثنائية أزمة العقل

 لبنان اليوم -

ثنائية أزمة العقل

د. وحيد عبدالمجيد

المنطقة العربية هى أكثر مناطق العالم اضطراباً اليوم. وهذا واضح يراه المرء بالعين المجردة، ولا يحتاج إلى مناقشة أو مقارنة. ولكن الأهم من ذلك هو ما تنفرد به هذه المنطقة فى عالم اليوم، وهو تفاقم أزمة العقل العام فيها وشيوع الخرافة فى السياسة والفكر، وليس فقط فى المجتمع والحياة.

وهذا فضلاً عن ثنائية هذه الأزمة التى يرتبط تفاقمها بما يبدو سباقاً للعودة إلى الوراء بين عقل «دينى» مغلق يجهل الدين وتنعدم صلته بالمعرفة، وعقل «وطنى» مهووس لا يعرف معنى كلمة الوطن التى تتردد طول الوقت بطريقة «ببغاوية» وفى صورة صراخ وزعيق وضجيج.

والقاسم المشترك بين العقلين المُغيبين هو تعطل الوظيفة الأساسية لأى عقل طبيعى، وهى التفكير والربط بين الأحداث والأوضاع بطريقة منطقية، ورفض الآخر أى آخر - وتكفيره أو تخوينه، والعجز عن إدراك ما يحدث واستسهال البحث عن مؤامرة بدلاً من السعى إلى تفسير عقلانى.

ومازال العقل «الدينى» المغلق متصدراً السباق، رغم أن نظيره «الوطنى» يقترب منه. وكان آخر تجليات أزمة العقل «الدينى» هذا العودة إلى فكرة مركزية الأرض الخرافية التى ظلت شائعة حتى القرن الخامس عشر، عندما تحداها كوبرنيكوس وطرح النظرية التى أثبتها علمياً جاليليو فى القرن السادس عشر عبر اختراعه التلسكوب.

فقد عاد «الشيخ» بندر الخيبرى إلى إنكار هذه الحقيقة العلمية مستخدماً مجادلات ساذجة لا علاقة لها بالدين ولا بالعلم، ومقدماً «أدلة» تنم عن جهل فائق مثل قوله إنه لو كانت الأرض تدور لاستحال وصول طائرة من الشارقة إلى الصين. وأطرف ما فى الأمر هو ثقته المفرطة البادية فى «فيديو» هزلى يظهر فيه جهله بحقائق علمية صارت شديدة البساطة مثل دوران الغلاف الجوى مع الأرض، والفرق بين سرعتى الأرض والطائرة، وأثر الجاذبية وغيرها.

ولا يعرف هذا «الشيخ» الثمن الذى دفعه علماء ومفكرون عظماء لفتح الطريق أمام العلم والعقل العلمى خلال الرحلة التى تم فيها اكتشاف ما ينكره الآن، حيث كان هناك عقل «دينى» آخر يحارب العلم سعياً للمحافظة على حصون التخلف التى تمترس وراءها. ومن هؤلاء جيوردانو برونو الذى حكمت محكمة تفتيش إيطالية بحرقه لاعتناقه نظرية دوران الأرض.

ولأن تخلف العقل «الدينى» المغلق الذى يجهل الدين مازال أعمق من تراجع العقل «الوطنى» المطلق الذى لا يعرف معنى الوطن، فقد أعاد «داعش» إنتاج محارق محاكم التفتيش الأوروبية عبر حرق الطيار الأردنى الكساسبة والتهديد بقتل أسرى أكراد لديه بالطريقة نفسها.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثنائية أزمة العقل ثنائية أزمة العقل



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon