الفلسطينيون ينصرمون

الفلسطينيون ينصرمون!

الفلسطينيون ينصرمون!

 لبنان اليوم -

الفلسطينيون ينصرمون

بقلم : مكرم محمد أحمد

رتبت إسرائيل نفسها لارتكاب مجزرة غزة قبل وقوعها كما رتبت مسرح العمليات فى منطقة التماس حيث ترابط قوات الجيش الإسرائيلى التى تحمل بالفعل أوامر بالقتل وإطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين، وإغراقهم بطوفان من قنابل الغاز المسيل للدموع، فضلاً عن مئات القناصة الإسرائيليين يحملون أوامر صريحة بإطلاق النار على المتظاهرين قبل أن يأتى المتظاهرون إلى المكان بأكثر من يومين!، ومنذ يوم الأربعاء 28 مارس والعالم كله يعرف أن إسرائيل نشرت مئات القناصة الذين لديهم تصريح بفتح النار إذا اقترب الفلسطينيون من منطقة الحدود، بل إن رئيس الأركان الإسرائيلى غادى إيزنكوت أعلن قبل المجزرة بأيام ثلاثة بأن الجنود الإسرائيليين سيطلقون النار إذا اقترب الفلسطينيون من الحدود، وأن الجيش الإسرائيلى فى حالة تأهب قصوى، وأن القناصة الذين تم تجهيزهم قبل مجىء المتظاهرين إلى المكان تم اختيارهم بشكل رئيسى من الوحدات الخاصة الذين لديهم تصاريح جاهزة بفتح النار دون انتظار أوامر جديدة.

وعلى الناحية الأخرى أعلنت حماس أن الفلسطينيين فى قطاع غزة سوف يحتفلون يوم عيد الأرض، وأن أكثر من 150 ألف متظاهر سوف يخرجون إلى منطقة التماس فى تظاهرة سلمية، وسوف يقيمون فى خيام نصبت على مسافة 700 متر من السياج الحدودى، وكانت إسرائيل قد حذرت كل من يقترب إلى مسافة 300 متر من السور الحاجز، لأنه سوف يكون فى دائرة الخطر, بما يؤكد أن الحشد الرئيسى للتظاهر الفلسطينى كان فى نطاق المسموح, ولم يكن أى من المتظاهرين يحمل أسلحة نارية أو غير نارية، وكان يمكن للأحداث أن تمر بسلام كما يحدث فى الأغلب كل عام ، لولا أن الإسرائيليين الذين خططوا للمجزرة مسبقاً كانوا جاهزين لارتكاب الجريمة، يستثمرون انصرام الموقف الفلسطينى و فشل المصالحة بين فتح وحماس، وتصريحات بعض قادة حماس عن عزمهم استئناف أعمال المقاومة, فضلاً عن توتر العلاقات بين حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية بعد اعتداء بعض من حماس على موكب رئيس وزراء حكومة الوفاق الفلسطينى أثناء وجوده فى قطاع غزة! وما حدث بالفعل أن الحشد الفلسطينى فى منطقة التماس بلغ ذراه وقارب الحضور مائتى ألف غزاوى، ألقى فيهم إسماعيل هنية خطابا ناريا من واحدة من الخيام الخمسة التى تم إقامتها قال فيه، إن المسيرات التى خرجت من كل مناطق القطاع هى بداية العودة إلى كل أرض فلسطين، مشدداً على أن الشعب الفلسطينى يملك مجدداً زمام المبادرة وأنه لا تنازل ولا تفريط ولا اعتراف بالاحتلال من الأرض الفلسطينية، وأن ما يوحد الشعب الفلسطينى هو البندقية والميدان وثوابت القضايا!

هل ألهبت كلمات هنية الشباب الفلسطينى فاندفع بعضه إلى السياج الحاجز واستثمر الإسرائيليون الفرصة، أم أن شباب غزة قارب على الانفجار مدفوعا بفقره المدقع وانتشار البطالة وتزايد الإحساس باليأس والقنوط من عدالة المجتمع الدولى والأمم المتحدة وعجز العالم العربى، وسوء سياسات إسرائيل, وحماقات الرئيس الأمريكى ترامب وتركيزه الشديد على أن كل شىء هو مجرد صفقة، لا يعير وزنا فيها لمشاعر الشعوب ومعاناتها، فضلا عن أن ثلثى سكان قطاع غزة مسجلون كلاجئين أضطروا للهرب من أراضيهم عام 48.

ألهبت أحداث غزة التى سقط فيها 16 شهيداً إضافة إلى ما يقرب من 1500 جريح مشاعر الفلسطينيين فى الضفة والقدس، وعم الإضراب الشامل كل المدن الفلسطينية، وعلى الجانب الآخر نشر الجيش الإسرائيلى المزيد من دباباته وتدحرجت الأحوال الأمنية إلى حد الخروج عن السيطرة، ولا يتوقع أى من الجانبين, الفلسطينى والإسرائيلى سوى الأسوأ والأكثر عنفاً، كما تحذر كل الدوائر الإقليمية والعالمية من الاحتمالات المتزايدة لتصاعد العنف وغياب حماية المدنيين الفلسطينيين، وعدم احترام إسرائيل لقواعد القانون الدولى، وبرغم أن أحداث غزة وضعت القضية الفلسطينية مرة أخرى فى صدر الاهتمام الدولى فإن كل الجهود الطيبة يمكن كالعادة أن تبوء بالفشل الذريع بسبب الانحياز الأمريكى الأحادى الجانب إلى إسرائيل وغياب احترام القانون الدولى، والواضح أن الانقسام الفلسطينى لا يزال يشكل نقطة الضعف الأساسية فى الموقف الفلسطيني.

المصدر : جريدة الأهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون ينصرمون الفلسطينيون ينصرمون



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 19:02 2021 الثلاثاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

النجمة يخرج العهد من كأس لبنان

GMT 18:52 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة اللبنانية وزعت نبذة عن رئيسها الجديد بسام بدران

GMT 15:33 2021 الإثنين ,05 تموز / يوليو

46 حالة جديدة من متحوّر “دلتا” في لبنان

GMT 18:30 2021 الثلاثاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مالك مكتبي يعود بموسم جديد من "أحمر بالخط العريض"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon