23 يوليو ليست 3 يوليو

23 يوليو ليست 3 يوليو

23 يوليو ليست 3 يوليو

 لبنان اليوم -

23 يوليو ليست 3 يوليو

بقلم : عمرو الشوبكي

ما هو الفارق بين تدخل الجيش بقيادة عبدالفتاح السيسى فى 3 يوليو لعزل محمد مرسى وإسقاط حكم الإخوان، وبين حركة الضباط الأحرار أو «الحركة المباركة» التى قادها جمال عبدالناصر فى 23 يوليو؟

الفارق جوهرى وكبير بين الحدثين/ المسارين، حتى لو كان هناك من يضع الحدثين فى سلة واحدة لأن لديه عقدة خاصة من «البدلة الكاكى»، وهؤلاء لديهم عقدهم أو مصالحهم الخاصة أو دوائرهم المغلقة التى تجعل مشكلتهم مع عبدالناصر أو عبدالفتاح السيسى ليست فى سياستهما ولا فى طبيعة نظاميهما، إنما فى أنهما فى يوم من الأيام نالا شرف الالتحاق بالجيش المصرى وارتديا البدلة العسكرية.

والحقيقة والواقع التاريخى يقول إن تجربة عبدالناصر وخبرته السياسية تقول إنها مختلفة تقريبا فى كل شىء عن تجربة وخبرة الرئيس السيسى، وإن أيضا سياق 3 يوليو 2013 لا علاقة له بسياق 23 يوليو 1952، بصرف النظر عن تقييم كل حكم، فهو أمر سيظل محل جدل وخلاف.

23 يوليو قادها زعيم سياسى شاب اسمه جمال عبدالناصر، أسس تنظيما سياسيا ثوريا اسمه الضباط الأحرار، اخترق به الجيش وجند فى داخله بشكل سرى عشرات الضباط، وتفاعل مع القوى السياسية الرئيسية فى ذلك الوقت، أى الوفد والإخوان والشيوعيين، وقاد تحركا ثوريا فيه تفاصيل كثيرة نتيجته هى إسقاط سلطة ملكية عتيدة عمرها 150 عاما ومعها القيادة العسكرية للجيش.

نحن أمام فعل ثورى وليس انقلابا عسكريا كما يصر البعض على القول، حتى لو استخدم بعض الوحدات العسكرية لتحقيق أهدافه فى التغيير على عكس الانقلابات التى تتحرك فيها الجيوش بأوامر من قبل قادتها العسكريين (وليس عبر تنظيم سياسى) لقلب السلطة السياسية، كما جرى فى كثير من دول أمريكا الجنوبية.

أما 3 يوليو 2013 فكانت تحركا لقادة الجيش لإسقاط حكم الإخوان، ولكنها لم تتحرك مثل انقلابات أمريكا الجنوبية دون دعم شعبى من قبل قطاع غالب من المصريين اعتبروا أنه لا توجد أى فرصة لإسقاط مشروع الإخوان فى التمكين الأبدى من السلطة بآلية ديمقراطية ولابد من تدخل الجيش.

الفارق هنا بين الحدثين واسع، فنحن أمام حدث سياسى بامتياز، نفذه تنظيم سياسى هو الضباط الأحرار ليلة 23 يوليو، فى حين أننا فى 3 يوليو أمام تحرك لمؤسسة من مؤسسات الدولة هى الجيش بعيدة عن السياسة ولم يكن قادتها جزءا من الحالة السياسية العامة فى البلاد (رأوها سلبية، واعتبروها ومعهم تيار شعبى يعتد به أن من الأفضل الابتعاد عن كل القوى السياسية المأزومة) من أجل تغيير النظام الحاكم.

والحقيقة أن قدرات عبدالناصر السياسية وظروف عصره هى التى سمحت له بتأسيس تنظيم الضباط الأحرار، ضاربا بعرض الحائط القواعد المتعارف عليها فى أى مؤسسة عسكرية منضبطة، لا تقبل بل ولا تتسامح مع أى تنظيمات سرية تخترق صفوفها، ولو ظهر عبدالناصر بآرائه السياسية وليس تنظيمه، داخل الجيش فى العصر الحالى، لحُوكم محاكمة عسكرية فورية، ليس لأن الجيش هنا أصبح أكثر قسوة من جيش الأربعينيات، إنما لأن مفهوم الجيش المهنى المنضبط «الخالى» من السياسة أصبح هو معيار نجاح الجيوش فى عصرنا الحالى، ولم يكن هذا هو الحال فى عصر عبدالناصر.

وعقب تولى ثوار يوليو السلطة أصابوا فى أشياء وأخطأوا فى أشياء، ولم تكن التجربة وردية كما يصور البعض، ولا كلها سوءاً وسواداً كما يصور البعض الآخر، فعبدالناصر مسؤول عن هزيمة 67 حتى لو اعترف بمسؤوليته واستقال، ومسؤول عن تجاوزات أمنية حاول أن يصححها متأخرا، ومسؤول أيضا عن التوسع فى التأميمات حتى طالت قطاعات غير استراتيجية، حتى لو كان التأميم هو وسيلة تحقيق العدالة لاجتماعية فى ذلك الوقت.

بالمقابل، فعبدالناصر السياسى انشغل منذ اللحظة الأولى بالجماهير وبتنظيمها، وبحث واجتهد حتى استقر على صيغة التنظيم السياسى الواحد الذى لم تخرج كل تجارب العالم الثالث (باستثناء الهند) والتجارب الاشتراكية عنه، وبالتالى فحل الأحزاب على ما فيه من أضرار للحياة السياسية والديمقراطية المصرية فإنه تصور مثل قادة التحرر الوطنى فى العالم كله أن هذا هو الطريق لتحقيق الاستقلال ومواجهة الاستعمار.

لم يقل عبدالناصر إن الاستعمار يتآمر علينا وفى نفس الوقت سعى للحصول على قرض صندوق النقد الدولى بدعم غربى، ولا يمكن مقارنة مؤامرات الاستعمار ضدنا (التى تعنى فى الأساس خططا وسياسات) عقب تأميم عبدالناصر قناة السويس، ثم الحصار والعدوان الثلاثى على مصر، بأى ضغوط يقوم بها الغرب حاليا (خافتة ومحدودة) تتعلق بملفات حقوق الإنسان أو مطالب روسية بتأمين مطاراتنا وسياحها.

لا يجب استدعاء قضية النضال ضد الاستعمار فى سياق لا علاقة له بالنضال، إنما بالأداء والحرفية والسياسات مثلما يحدث الآن، لأن معركتنا الحقيقية هى معركة كفاءة مهنية وسياسية وليست كما كانت فى عصر عبدالناصر التحرر من الاستعمار.

23 يوليو هى لحظة فعل وتغيير سياسى جذرى أسست لمشروع مصرى عربى جنوبى ابن عصره وسياقه، فى حين أن 3 يوليو هى فعل اضطرارى غير سياسى لم يكن هناك بديل عنه لإسقاط حكم جماعة دينية خططت للبقاء الأبدى فى السلطة، ولم تبن حتى اللحظة مشروعا سياسيا متماسكا له ظهير شعبى حقيقى.

المصدر: صحيفة المصري اليوم

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

23 يوليو ليست 3 يوليو 23 يوليو ليست 3 يوليو



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 17:11 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحوثي يتوعد أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال
 لبنان اليوم - الحوثي يتوعد أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 02:42 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تحضير حلى "الشوكولاتة الداكنة" بالقهوة

GMT 20:53 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

المسرح الوطني اللبناني يحتفي باليوم العربي للمسرح

GMT 08:43 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

المغربي حكيم زياش يُطالب غلطة سراي بمستحقاته المالية

GMT 23:07 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

البياوي يبدأ مهمته في القادسية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon