أزمة النموذج البريطانى

أزمة النموذج البريطانى

أزمة النموذج البريطانى

 لبنان اليوم -

أزمة النموذج البريطانى

بقلم : عمرو الشوبكي

تعرضت الجالية المسلمة فى بريطانيا لحادث إرهابى فجر أمس راح ضحيته 3 أشخاص وأصيب 12 أثناء خروجهم من أحد المساجد الكبرى فى لندن، وأشارت التحقيقات الأولية إلى قيام 3 أشخاص بعملية الدهس (ألقى فورا القبض على أحدهم) وبدا وكأنه رد على عمليات الدهس والذبح التى تعرض لها مواطنون بريطانيون على يد إرهابيين مسلمين.

ومثل هذا الحادث جرس إنذار حقيقى من مخاطر المواجهات الأهلية داخل بريطانيا، وهو يعكس ليس فقط أزمة التعامل مع القوى المتطرفة سواء العنصرية البيضاء أو الجهادية التكفيرية، إنما أيضا أزمة النموذج البريطانى وطريقة تعامله مع الأقليات العرقية المختلفة حتى بات الأمر يحتاج إلى مراجعة كثير من السياسات المتبعة تجاه الأقليات العرقية.

ومن المعروف أن هناك نموذجين متنافسين فى أوروبا فى التعامل مع قضية المهاجرين والأقليات العرقية، هما النموذج الفرنسى والبريطانى، فالأول وصف دائما بأنه نموذج «إدماجى» يقوم على فكرة دمج الأجانب وفى القلب منهم المسلمون داخل المنظومة الثقافية والسياسية السائدة بل وأسس وزارة للاندماج (Integration) تساعدهم على الاندماج الثقافى والاجتماعى داخل النموذج العلمانى الفرنسى.

أما الثانى، أى النموذج البريطانى المنافس، فقد انطلق من فكرة احترام التجمعات العرقية Community وعدم الحرص على اندماجها داخل المنظومة الاجتماعية والثقافية السائدة، وأعطى لها هامشا واسعا، خاصة الإسلامية فى التعبير عن تميزها الثقافى بحرية تامة، فلا مانع من ارتداء الحجاب فى المؤسسات العامة والخاصة، ويمكن السير فى الشوارع بالنقاب أو الجلباب ويمكنهم غلق الشوارع الرئيسية للصلاة أثناء الأعياد.

والمؤكد أن النموذج البريطانى كان أكثر تسامحا وانفتاحا من النموذج الفرنسى ولا توجد أى قيود على ممارسة أى جالية لشعائرها الدينية والتعبير عن خصوصيتها الثقافية، كما انتخب البريطانيون مسلمين فى مواقع قيادية مثل عمدة لندن، وهو أمر مستحيل تصوره فى باريس أو أى مدينة كبرى فى فرنسا.

ولعل بداية الخلل أو الأزمة فى النموذج البريطانى كانت حين مدت هذا التسامح تجاه الأقليات العرقية والدينية المختلفة، حتى شملت المتطرفين ومشاريع الإرهابيين بحيث تصورت أنها حين تترك لهم هامشا للحرية ستتقى شرهم وهو ما لم يحدث.

يقينا النموذج البريطانى هو الأكثر تسامحا فى التعامل مع الأقليات العرقية فى أوروبا وربما العالم، ولكن أزمته الحقيقية أنه ترك لكل تجمع عرقى «الحبل على الغارب» دون أى قواعد أو حدود تضمن انسجامه مع القيم العامة السائدة فى المجتمع، فمسجد فينسبرى بارك الذى حدث فى محيطه الحادث الإرهابى تركته بريطانيا لسنوات لأمثال أبوحمزة المصرى يخطبون فيه ويبثون أفكارا تحض على الكراهية والعنف، حتى جاء اليوم ودفع المسلمون العاديون أرواحهم ثمنا لهذه السياسة.

النموذج البريطانى ليس مطلوبا منه أن يصبح فرنسيا فيخلط بين الاندماج والتماثل، إنما أن يحافظ على جوهره فى إعطاء أكبر قدر من الحرية للأقليات العرقية المختلفة للتعبير عن نفسها ثقافيا دون الترويج لدعاوى دينية سياسية أو حملات تحريض وكراهية لا علاقة لها بقيم المجتمع الأساسية.

المطلوب وضع الحرية الثقافية لكل تجمع عرقى (مطلوبة بشدة) داخل إطار قانونى واضح وصارم يوقف أى تطرف فى أفكارها أو خروج عن القواعد الدستورية والديمقراطية.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة النموذج البريطانى أزمة النموذج البريطانى



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon