مخاوف خليجية 22

مخاوف خليجية (2-2)

مخاوف خليجية (2-2)

 لبنان اليوم -

مخاوف خليجية 22

عمرو الشوبكي

ربما أخطر ما جاء فى مؤتمر الإمارات هو مداخلة أحد الأكاديميين الكويتيين حول الحرب فى اليمن، واعتبرها تمثل الحلف السنى فى مواجهة الحلف الشيعى، وهو ما اعتبرته صادما وخطرا على الكويت والخليج قبل باقى دول المنطقة.

وقد سبق أن ناقشنى الرجل فى حوار جانبى حول تفسيرى للحملة الإعلامية التى تشهدها مصر ضد السعودية، وكان ردى أنه لا توجد حملة إعلامية فى مصر ضد السعودية، وضرب مثلا بأحد الكتاب والإعلاميين الكبار، وكان ردى أن هناك اجتهادات من بعض الكتاب والإعلاميين المعروفين باستقلاليتهم التامة عن أجهزة الدولة بخصوص ما يجرى فى اليمن، وهى آراء شخصية لا تحمل أى إساءة، ودهشت أنه أصر على أن يقول إن مصر تلعب بكل الحبال، فهى لا تريد أن تخسر إيران وتتحالف مع السعودية وتتحاور مع الحوثيين وهكذا.

وحين انتقل الرجل من الحديث الخاص إلى المداخلة العلنية لم أندهش من بعض ما جاء فيها على ضوء حوارى الجانبى معه فى اليوم السابق، وقدم مداخلة منظمة، مضمونها يقول: إن القيادة أصبحت فى العالم العربى الآن لدول الخليج، وهو أمر كرره أكثر من باحث خليجى بشكل صريح فى المؤتمر، واعتبر أن التحالف الذى تقوده السعودية الآن هو تحالف سنى لأنه يضم دول مجلس التعاون ومصر وباكستان وتركيا، فى مقابل تحالف شيعى تقوده إيران، واعتمد مقاربة مذهبية لأنها، من وجهة نظره، جاءت فى أعقاب نهاية الاستقطاب بين نظم الاعتدال والمقاومة.

والصادم بالنسبة لى أن هذا الفهم ينزع أى سبب سياسى لمواجهة الحوثيين، ويحول الأمر عمليا إلى صراع مذهبى، وهو ما اضطرنى إلى التدخل بالقول إذا كان صحيحا أن ثنائية الاعتدال والتشدد قد انتهت (كتبت عن هذه الفكرة أكثر من مرة قبل وبعد ثورة يناير)، إلا أنه لابد أن تكون هناك دوافع سياسية وراء التدخل العربى فى اليمن.

والحقيقة أن خطورة هذا الكلام أنه يأتى من مثقف عربى ينتمى إلى بلد ربع سكانه من الشيعة، وبجواره البحرين التى يقدر عدد الشيعة فيها بـ 55% من عدد السكان، وبحوالى 15% فى السعودية، بالإضافة لكونهم أغلبية تقترب من الـ 60% فى العراق، فهل يمكن أن نحول حرب اليمن إلى حرب مذهبية وهناك جزء من النسيج الاجتماعى العربى من الشيعة مهما تحدثنا عن ازدواج الولاء (ولائهم لإيران) وتحدثوا هم عن تهميشهم واضطهادهم من قبل النظم الخليجية؟!

النتيجة المستخلصة من هذا المؤتمر أن الجانب الغالب من المثقفين والسياسيين الخليجيين يعتبرون أن إيران مصدر الخطر، وقد يكونون محقين فى ذلك، ولكن معركتهم (ومعركتنا) لن تنجح فى مواجهة إيران إلا إذا بنيت على مضمون سياسى وليس مذهبياً، يدين معايير إيران المزدوجة ويواجه تدخلاتها المتناقضة فى المنطقة ( تدعم المنظمات المسلحة كما هو الحال فى اليمن ولبنان والعراق، وتدعم النظام ضد التنظيمات المسلحة كما هو الحال فى سوريا)، حتى نصل إلى علاقة سوية فيها احترام لسيادة كل بلد وتجربته الحضارية والسياسية.

تبقى هذه حسابات الخليج، وليس مطلوباً أن نتركهم لحساباتهم ونبنى نحن حساباتنا بشكل منفصل، إنما أن يكون لنا موقف واضح من هذه الرؤية الخاصة بالمحور السنى وطريقة إدارة الصراع مع إيران، وهى كلها أمور لا تناقش فى مصر، لأن هناك أموراً أكثر بدهية لا تناقش بعد أن استسلمنا للصريخ الإعلامى والتقديرات الأمنية وغاب أو غُيّب معنى وقيمة النقاش العام.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخاوف خليجية 22 مخاوف خليجية 22



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon