عقيدة الكراهية

عقيدة الكراهية

عقيدة الكراهية

 لبنان اليوم -

عقيدة الكراهية

عمرو الشوبكي

كثير من المعارضين فى مصر تعرضوا لاضطهاد السلطة، وكثير منهم أيضا شعر بالغبن والتهميش على مدار عقود طويلة، ولكننا لم نر فى تاريخ مصر السياسى هذا «الموديل» الإخوانى الذى لا يفرق معه 85 مليون مصرى إن بقوا أحياءً أو أمواتاً، ويحمل عقيدة كراهية تجاه وطن بأكمله، فيشمت فى شهدائه ومآسى شعبه، وحتى هزيمة منتخبه الوطنى ظلت دائماً محل فرح وابتهاج.

والحقيقة أن حجة الإخوان بأنهم أُقصوا بطريقة ظالمة من السلطة، وأن هناك انتهاكات تحدث بحقهم وبحق غيرهم، هى كلها أمور تقبل النقاش ولكنها تحت أى ظرف لا تبرر مطلقاً هذه الشماتة فى استشهاد 30 جندياً وضابطاً مصرياً فى سيناء وكأنهم أعداء للوطن وليس مجرد معارضين سياسيين.

إن ردود فعل بعض شباب الإخوان وقياداتهم تجاه حادثة سيناء الإرهابية مرعبة، وادعاء أن الإرهاب الذى يمارسونه عمل ثورى هو نوع من التلفيق والكذب لأننا أمام جماعة كل أدبياتها ترفض من الأصل فكرة الثورة، وحين فقدت السلطة استغلت الشعارات الثورية لتبرر جرائمها وعنفها، وتتصور أنها بذلك قادرة على العودة إلى السلطة.

المؤكد أن الإخوان ليسوا أول تيار يخرج من السلطة بضغوط شعبية أو بتدخل عسكرى أو بفيتو ملكى، وهم أيضاً ليسوا أول تيار أو فصيل سياسى يشعر أن خروجه من السلطة كان ظلماً أو نتيجة مؤامرة.

لقد أقصت ثورة يوليو حزب الوفد وحلت الأحزاب، هل وجدنا ميليشيات لهذه الأحزاب تخرب وتقتل وتدمر؟ هل قام الراحل فؤاد سراج الدين وزملاؤه الوفديون بإشعال الحرائق وتخريب المنشآت ووضع قنابل فى قطارات الغلابة والتهليل لموت الجنود نكاية فى النظام القائم مثلما يفعل الإخوان الآن؟ لا لم يحدث.

هل خرج الملك من السلطة بعد أن قرر كل أفراد الشعب المصرى القيام بثورة شعبية لتغيير النظام من الملكى إلى الجمهورى؟ أم أن الجيش قام بإقصائه بالقوة ونال بعدها دعماً شعبياً حين ظهرت قيادة عبدالناصر؟ ومع ذلك تقبَّل الأمر الواقع، وظل معارضاً للنظام الجديد لا مخرباً أو متآمراً.

ماذا فعل الرئيس السادات حين وصل للسلطة، ألم يُقص من سماهم «مراكز القوى» من رجالات عبدالناصر بعد أن وجّه لهم تهم التآمر وقلب نظام الحكم؟ هل سعوا لهدم الدولة وتفكيك الجيش أو خلخلته رغم أن من بينهم وزير الدفاع ووزير الداخلية؟ لم يحدث، رغم شعورهم اليقينى بأنهم حراس الثورة والمعبرون عن خط قائدها جمال عبدالناصر.

لقد أقصت السلطة تيارات كثيرة بطرق غير ديمقراطية، ولم يقم أحد منهم برد فعل واحد شبيه بما يفعله الإخوان الآن، فقد كره البعض السلطة وليس الشعب، ورفض البعض الآخر ما سموه «الحكم العسكرى» ولم يفعلوا ما يفعله الإخوان الآن رغم شعورهم بالغبن والظلم.

مشكلة الإخوان ومأساتهم أنهم لم يغيروا حجراً واحداً فى بنائهم الفكرى والتنظيمى على مدار 85 عاماً، فهو تنظيم عقائدى مغلق، وهى جماعة ربانية فوق خلق الله بنيت على أساس الولاء المطلق والثقة المطلقة فى القيادة، وهو ما سبق أن وصفه سيد قطب بأنه «يجعل نظام الجماعة عقيدة تعمل فى داخل النفس قبل أن تكون تعليمات وأوامر ونظماً».

والحقيقة أن قناعة عضو الإخوان المسلمين أن مجرد انتمائه للجماعة «جهاد فى سبيل الله»، وأن الحفاظ على الجماعة أهم من الحفاظ على الوطن والشعب، جعل صورتها تخرج بهذا الشكل: شماتة فى مصائب الشعب المصرى وكراهية غير مسبوقة لكل مخالف فى الفكر والرأى لأنها اعتبرت نفسها جماعة دينية فوق الناس والوطن والدولة وتلك حالة غير مسبوقة فى تاريخنا الحديث.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقيدة الكراهية عقيدة الكراهية



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon