رجعوا التلامذة 22

رجعوا التلامذة (2-2)

رجعوا التلامذة (2-2)

 لبنان اليوم -

رجعوا التلامذة 22

عمرو الشوبكي

الصوت الاحتجاجى ظل مرتبطا بالحركات الطلابية فى ظل النظم الديمقراطية وغير الديمقراطية على السواء، مع فارق أساسى أن الأولى قادرة على استيعاب هذه الاحتجاجات ودمجها فى مسار سياسى سلمى وإصلاحى، والثانية تواجهها بالأساليب الأمنية فتعمق من أزمتها وتتحول إلى قوة ضغط قد تفجر المجتمع ككل وتدخله فى مواجهات ثأرية مع النظام القائم، لأنه غير قادر على استيعابها فى مسار سياسى لا يؤمن بجدواه، أو لأنه من الأصل لا يوجد مسار سياسى كما فى النظم الاستبدادية.

وقد ظل الطلبة ضمير هذا البلد، حتى فى نبرته الاحتجاجية، باستثناء السنة السوداء فى العام الماضى، حين مارس كثير من طلاب الإخوان ممارسات مشينة لم تعرفها الجامعات المصرية طوال تاريخها.

ومع ذلك ظل الطلاب هم ضمير المجتمع المصرى وصوته الحى، فقد كانوا صوت الحركة الوطنية التى ناضلت من أجل الاستقلال طوال الثلاثينيات والأربعينيات، كما عبر جيل مظاهرات 1968 الطلابية (الجيل الأعظم والأكثر وعياً فى تاريخ الحركة الطلابية المصرية) عن ضمير المجتمع المصرى حين انتفضوا معترضين على الأحكام الهزيلة لبعض قادة الجيش المسؤولين عن هزيمة 67 (أحكام الطيران)، وطالبوا عبدالناصر بإجراء إصلاحات سياسية وديمقراطية دفعته إلى تقديم بيان 30 مارس الذى فتح الباب أمام تعددية سياسية وديمقراطية، لم يمهله القدر الفرصة لإتمامها.

وتكرر الأمر وإن بصورة أقل مع مظاهرات 1972 الطلابية التى طالبت بأن يحسم الرئيس السادات موقفه من تحرير الأرض بعد خطابه الشهير الذى قال فيه إنه أجل المعركة بسبب الضباب، وهو ما أثار اعتراضات الطلاب.

والمؤكد أن السادات دخل المعركة، وأن خططه فى الخداع الاستراتيجى كانت الأكثر دهاء، وأنه ربما كانت احتجاجات الطلاب فى غير محلها، ولكن ضميرهم الوطنى جعلهم هم فى الصف الأول فى دعم الشعب والجيش فى حرب 73.

صحيح أن الجامعة أيامنا (منتصف الثمانينيات) عرفت تراجعا فى دورها السياسى بعد أن أنهى مبارك أى مشاركة للشباب فى العملية السياسية إلا فقط المؤيدين للتوريث، واستمر الحال تقريبا حتى ثورة 25 يناير، وعادت الجامعة كصوت احتجاج اختلط بقدر من الاستباحة طوال السنوات الثلاث التى أعقبت الثورة، إلى أن تحول الأمر العام الماضى إلى قاعدة لقيام العناصر الإخوانية وحلفائها بعمليات تخريب منظمة وعنف إجرامى طال الأساتذة والطلاب ورجال الأمن الإدارى بل حتى المنشآت الجامعية.

تجربة الطلاب فى مصر مثل كل بلاد الدنيا مثلت نمطا احتجاجيا لا تفضله عادة النظم السياسية، ولكن النظم الحية والديمقراطية هى التى تعمل على دمج هذا الصوت فى مسار إصلاحى، كما جرى فى فرنسا 68، فمن قرأ ماذا كان يقول الطلاب اليساريون من شعارات وهتافات ثورية ضد المجتمع الأبوى والنظام الرأسمالى الذى مثله بالنسبة لهم الجنرال ديجول (بطل فرنسا القومى ومحررها من الاحتلال النازى) وكيف أصبحوا وزراء ومسؤولين كبارا فى أحزاب اشتراكية إصلاحية، سيكتشف الفارق بين نظام سياسى حى يتعامل مع الطلاب باعتبارهم جزءا من الواقع السياسى، تؤثر مقولاتهم فى النظام القائم وتعمل على تجديده وانفتاحه، ويؤثر النظام فيهم بأن يعقلن جانبا من أطروحاتهم ومقولاتهم.

للأسف، هذه الرؤية غائبة فى التعامل مع ملف الطلاب فى مصر، وأن العجز عن التمييز القاطع بين المخربين والمحرضين على العنف، وبين الطلاب السلميين- معارضين أو مؤيدين- ستكون نتائجه وخيمة، وسنشهد عاما طلابيا قد يكون أكثر سوءا وقسوة من العام الماضى إذا تصور البعض أنه يمكن بشركات الأمن فقط أن تحيا الجامعات.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رجعوا التلامذة 22 رجعوا التلامذة 22



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon