البيروقراطية المسيطرة

البيروقراطية المسيطرة

البيروقراطية المسيطرة

 لبنان اليوم -

البيروقراطية المسيطرة

محمد سلماوي

كنت قد كتبت فى هذا المكان عن شركة الصوت والضوء كمثال للتدهور الذى أصاب مؤسساتنا والعقلية البيروقراطية التى تسيطر على القائمين عليها مما يجعلها غير قادرة على التكيف مع الظروف الجديدة التى تواجهها البلاد، وعاجزة عن التفكير خارج الصندوق، كما يقولون، وذلك باتباع سياسات جديدة تحيى أعمالها المعطلة.

وقلت إن شركة الصوت والضوء، التى كانت من أنجح الشركات منذ أسسها شيخ وزراء الثقافة د. ثروت عكاشة، انتشرت أعمالها من أهرامات الجيزة إلى معابد الكرنك وفيلة وأبوسنبل وحورس بإدفو، كما أشرفت على إضاءة شارع المعز بعد ترميمه، وغيره من المواقع الأثرية والسياحية، وكانت أول من استخدم لمبات «الليد» الموفرة والتى لا تضر بالآثار، لكنها أصبحت الآن عاجزة عن إيجاد حلول جديدة ومبتكرة لمشاكلها المالية بعد تراجع معدلات السياحة، مما يجعلها تتسول رواتب العاملين بها من الحكومة.

وقد وصلنى فى ذلك كم هائل من الشكاوى من: عزة عبدالرحيم ومسعود على الدهشورى والدكتور مدحت فوزى ونورا صلاح عبدالحميد، وقالت الكاتبة سلوى الحمامصى إنها لا تجد أى دلائل تشير إلى أن مثل هذه الشركة تشجع السياحة الداخلية كبديل للسياحة الأجنبية، كما طالبت فى مقالى من أجل «التطوير الذى تنتظره مصر» - على حد قولها - كما روى لى المهندس أحمد الشرقاوى واقعة فعلية، فقال إنه كان مع اثنين من أصدقائه فى أسوان، فذهبوا لحضور عرض الصوت والضوء لكنهم فوجئوا بأنه ملغى، لأنه لا يوجد جمهور، وقال لهم المسؤول إن ثلاثة أشخاص لا يبررون تشغيل العرض، وإن الحد الأدنى هو عشرة أشخاص، وأراد الأصدقاء تشجيع العرض فقرروا شراء عشرة تذاكر حتى يشاهدوا العرض، لكن المسؤول رفض ذلك قائلاً إن الموعد الذى جاءوا فيه هو موعد العرض باللغة الإنجليزية، فعليهم دفع التذاكر وكأنهم من الأجانب، أى حوالى مائة جنيه للتذكرة بدلاً من عشرين جنيهاً، وإذا كانوا يريدون العرض باللغة العربية فعليهم الانتظار عدة ساعات، حسب الجدول المقرر للعروض، فقالوا للمسؤول: ولكن من الواضح أنه ليس هناك سائح واحد لحضور العرض الإنجليزى فلماذا لا يتم تشغيل عرض اللغة العربية بدلاً من وقف العرض؟ فقال لهم إن موعد العروض الأجنبية معروف دولياً ولا يمكن تغييره، فقالوا: ولكن لا أحد حضر، فلماذا الالتزام بهذا الموعد الذى لا يوجد له مشاهد واحد؟ ثم إن المصريين لهم سعر خاص فى التذاكر، فلماذا علينا أن ندفع ما يدفعه السائح وهو خمسة أضعاف ثمن تذكرة المواطن المصرى؟

وقال لى صاحب الشكوى إنه خلال هذه المناقشات العقيمة مع العقلية البيروقراطية المسيطرة على الموقع، حضرت عائلة مصرية لمشاهدة العرض، فتصور الأصدقاء أنه إزاء وجود العدد المطلوب كحد أدنى للعرض، وإزاء استعداد الأصدقاء الثلاثة لدفع ثمن التذاكر التى تقل عن عشرة، أنه سيتم تشغيل العرض للمواطنين الذين يمثلون السياحة الداخلية، التى علينا تشجيعها، لكن المسؤول قال لهم: إن ثمن التذاكر العشر لا يكفى لدفع الكهرباء التى سيستهلكها العرض، فأرادوا أن يقولوا له: لابد أنه يكفى طالما أنكم حددتم الحد الأدنى بعشر تذاكر، لكنهم أيقنوا أنه لا جدوى من مناقشة هذه العقلية البيروقراطية لمن لا يريدون أن يعملوا، وهى العقلية التى تسيطر للأسف على مؤسساتنا، وتحول دون تقدم البلاد نحو مصر الجديدة التى نتطلع إليها، والتى من أجلها قامت الثورة، فانصرفوا هم وأفراد العائلة المصرية وتركوا موقع العرض مظلماً، فهل هذه هى العقلية التى سنبنى بها مستقبل البلد؟!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البيروقراطية المسيطرة البيروقراطية المسيطرة



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:09 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 10:12 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 13:32 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 17:30 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن

GMT 19:00 2022 السبت ,14 أيار / مايو

موضة خواتم الخطوبة لهذا الموسم

GMT 04:58 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 12:27 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 15:46 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

مكياج ربيعي لعيد الفطر 2022

GMT 09:02 2022 الخميس ,05 أيار / مايو

لمسات ديكورية مميزة للحمام الصغير
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon