غرابة رجل وعذاب امرأة

غرابة رجل.. وعذاب امرأة!

غرابة رجل.. وعذاب امرأة!

 لبنان اليوم -

غرابة رجل وعذاب امرأة

الحسين إدريسي
من أغرب ما سمعت عن الخيانة الزوجية في حياتي، قصتان. الأولى تتعلق برجل والثانية بجمل. ستكون قصة الجمل موضوع الحلقة المقبلة. تقول القصة الأولى وهي واقعية، إن رجلا ضبط زوجته متلبسة بالخيانة مع عشيق لها في فراش الزوجية. فقرر الانتقام منها بشكل غريب. تعج المحاكم في كل المعمور بمثل هذه القضايا. حصل هذا في مدينة وسط المغرب، قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، وتحديدا في العام 1976 بعد المسيرة الخضراء بعام حسب الحكاية. ربما جرت العادة أن يغتنم العشيق خروج الزوج من البيت باتجاه عمله، ليتسلل حيث تكون الخائنة بانتظاره. والعهدة على الراوية، فقد حصل ذات يوم أن عاد رب البيت أدراجه، لسبب ما، أو ربما من دون سبب إلا لأن الله أراد ألا يستر بعد ذلك اليوم على مغفلين أمهلهما لمدة، فتماديا حتى أهملهما. دخل الزوج الشرعي، فرأى بأم عينيه ما يجعل أحدا آخر مكانه، يقتل الخليلين، لكنه تملك نفسه، وهنا مكمن الغرابة، ووقف غير بعيد يرى فضيحة، فقد بطلاها القدرة على الحركة لفترة، كما لو أنهما أصيبا بالشلل التام. لم ينطق الرجل أمام ما وقع ولا بكلمة، ليستمر مسلسل الغرابة لا التشويق، وبينما كان الخدن يرتدي ملابسه، سقطت من جيبه قطعة نقدية بقيمة 20 سنتيما في ذلك الوقت، أي 4 ريالات فقط. ثم غادر مذهولا. وفيما كانت الزوجة أو الأصح المرأة، تعتقد أن الرجل سيتصرف بجنون إزاءها، ظل صامتا على غير عادته. وظلت الخائنة متسمرة في مكانها عارية وكإني بها تخمن أنه سيقتلها أو يضربها أو يتصل برجال الأمن أو يرفع بها فيما بعد دعوى قضائية، إلا انه لم يتصرف على أي نحو مما ذكر. كل ما قام به هذا الرجل، أنه أخذ القطعة النقدية من الأرض وبدأ يتلهى بها. يقذف بها بإبهامه في السماء، لتسقط في كفه، وأحيانا يتركها تسقط على الاسمنت ليكسر صوتها الصمت الرهيب في أركان البيت. وهكذا يكرر الرجل العملية عدة مرات. وعندما يتوقف يدس القطعة في جيبه. من سوء حظ المرأة أنها حالتها العائلية أشبه بمن يقال لها باللسان العامي "مقطوعة من شجرة" لا من يأويها غير الشارع، وحتى إن كان لها أهل، فبأي وجه ستعود إلى الأهل. مر اليوم الأول، الذي جرت فيه الفضيحة، بسلام، لا خصام ولا كلام. وكان اليوم الموالي نسخة لسابقه، وكذا اليوم الثالث والرابع لا شيء يعكر هدوء المنزل إلا اللعب بالقطعة النقدية الصفراء. كان الرجل يحضر وجبات أكله بنفسه، ولا يلتفت إلى أي شيء تقدمه هي. ومع كل يوم تغيب فيه الشمس، كانت المرأة البيضاء الجميلة والمكتنزة تفقد وزنها من دون حمية. "الريجيم" الوحيد والمرير هو استمرار الرجل في صمته ولهوه في نفس الآن بنفس القطعة النقدية كلما دخل إلى داره أو قبل الخروج. باتت المرأة قليلة الخروج، والنشاط على غير المعتاد. وأضحت بنيتها الجسمية تذوب تحت طنين ذات القطعة النحاسية، إلى أن صارت المسكينة أشبه بقصبة أو الأصح، أشبه بشبح يمشي على رجلين نحيفتين. كانت حالة المرأة محط استغراب الجيران. ووحدها صديقة لها علمت بحقيقة ما جرى. فهل أحسن الرجل فعلا، بهذه الطريقة التي تعامل بها مع امرأة خانت ثقته، وفي عقر داره؟ هنا قد تختلف الأجوبة، قد يقول البعض كان عليه أن يقتل الرجل الذي اعتدى على شرفه، أو يقدمه على الأقل للمحكمة. قد يقول البعض، لماذا لا يتجاوز على امرأة ضعيفة أغواها الشيطان. ويقول القضاة والفقهاء عن عمق العلاقة بين الزوج وزوجته، الله تعالى وحده، يعلم بخباياها. من يدري أن الرجل الذي قرر الانتقام لشرفه بهذه الطريقة الغريبة، خمن في كل الاحتمالات وقرر أن يتصرف بحكمته هو. ماذا لو أدانتهما المحكمة بالسجن، وخرجا بعد العقوبة ليعلنا زواجهما تحت أنظاره. كيف سيكون عليه حاله، إن استصدر الخائن حكما بالبراءة له ولعشيقته، ونحن بعد عقود ما زلنا نطالب بنزاهة القضاء، واستقلال القاضي عن التعليمات وإغواء الرشاوي الكبرى التي تغير الأحكام بين الأولي والاستئنافي والنهائي، حيث يصبح المظلوم أحيانا هو الظالم الجائر.    باختصار، بعد 3 شهور من العذاب أو التعذيب النفسي، ماتت المرأة وانتهى شكلها الذي كان يغري إلى شبه هيكل عظمي، لا يكسوه لحم. لم يعد الوجه نضرا، ومُسخ الجمال، ووهنت الصحة، وذبُلت المرأة بالكامل. من الواضح، أن الديدان لم تجد فيها وليمة مناسبة.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غرابة رجل وعذاب امرأة غرابة رجل وعذاب امرأة



GMT 09:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيهما الأهم القيادة أم القائد ؟

GMT 12:22 2023 الخميس ,18 أيار / مايو

كبار السن بين الألم و الأمل

GMT 17:59 2022 الخميس ,03 آذار/ مارس

الطلاق التعسفي

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

العقوبة بمن يستغل الاطفال في يوميات مشاهير السوشال ميديا

GMT 20:03 2021 السبت ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الطلاق المبكر..أليس منكم رجل رشيد ؟

GMT 18:10 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الطلاق المبكر..أليس منكم رجل رشيد ؟

GMT 19:13 2021 الأحد ,25 تموز / يوليو

النفس الإنسانية ودورها الفعّال

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon