في كل أغنية ذكرى

في كل أغنية ذكرى

في كل أغنية ذكرى

 لبنان اليوم -

في كل أغنية ذكرى

بقلم : الإعلامي علي حياصات

لكل منا ذكرياته التي يحتفظ بها  ولكل منا خصوصيته في الحياة ، وفي العشق والفرح ، وحتى في  الوجع  ، ولا يمكن لهذا الجيل من الشباب أن يتوه في كلمات أغنية صاغها عاشق أو موجوع أو إنسان قتله ، الشوق محبة أو تاه في الحياة "بلا عنوان لأن جريمته الحب" ، وكانت كل كلمة وكل حرف هي بمثابة شهقة في دواخلنا .
 
والاستمتاع العيون السوداء ، ونستمع بحزن وبعتاب كل ليلة وكل يوم ، كانت هي أغاني جيل ، عشق حتى الثمالة وأخلص في الحب وتلذذ بوجع المحبة .

كنا نفهم مايدور في قلب من حولنا بمجرد أن نستمع لتلك الأغنية التي تراوده عن نفسها  ، وكانت أمل حياتي هي قمة الحب والعطاء ، وأنت عمري سنام الفداء ، وكانت إنت الحب قمة السعادة .
أما عودت عيني على رؤياك ، وأنها مخصصة لانتهاء العام الدراسي أو عطلة الجامعة ، وأسفر وعودة المغتربين إلى الدول الأخرى  ، وكانت أم كلثوم لأولئك الشباب الذين تجاوز بهم العمر حد الثلاثين ، يستمعون للأطلال ، وحب إيه عندما يشعرون بالإحباط أو عندما  يضيع الحب من بين أيديهم أو إذا غاب خيال من يحبها عن ناظرية لأن أمها عرفت تفاصيل العلاقة من خلال أختها الصغيرة  ، أو من خلال الجارات النكديات .

ومع ساعات كل مساء كل محب يغني على ليلاه ، وكل يستمع لقصة عشقه ، ومنهم يستمع لـ"حرمت أحبك" ، بعدما صدم بمقلب من معشوقته ، التي كانت تحب إبن جيرانهم بالخفاء ، أو أغنية حكايتي مع الزمان التي غنتها وردة الجزائرية ، لذلك الشاب الذي تركته معشوقته ، وتزوجت إبن أم تميم لأن وضعه المادي أفضل بكثير ، ويستمع بقهر  ليسمع ويوصل لمن يعرفها  عن حكايته مع الزمان لعلها تعود إليه ، على الرغم من محاولات معشوقته  أن تثبت له إنها مجبورة وغصب يافلان ، حتى لا يتحدث عن تلك العلاقة الخفية بينهما.

ولكن الحب كان كبراءة الطفولة لايشوبه شائبة ، ولا يتعدى حدود الحب البريء  ، كلًا من يستمع لـ"ماعندكش فكرة" ، "هو جديد على الهوى" ، أو "أحضنوا الأيام" ، أو "من يستمع" لأم كلثوم ، "اغدا القاك" ، هم جدد في بحر الهوى التي تاهت فيها مراكب الصيادين ، من قبلهم فوقعوا هم في الفخ ، وألا لما كانت هنالك أغاني للثكلى من الحب والعشق ولضحايا الحب  ، ويبقى يستمع حتى يحتاج إلى معجزة .

"هي أغاني" ، ولكنها تؤرخ الوجع بين العشاق والمحبين في زمن كان الحب دستورًا وكان السر مقدسا وكان الشوق اكثر الامراض فتكا بالبشر وكان اللقاء أجمل ساعات العمر  ، وكانت المشاعر حقيقية لم يمسها زيف ولم ترتدي ثوبا لتواري عورتها .

كان البوح حقيقة ، والحب حقيقية والعشق حقيقة ، هكذا كنا ، وهكذا أحببنا حتى الثمالة ، فلا تستغربون شهقة من أحدهم بمجرد أن استمع لأي من هذه الأغنيات ، ولاتستغربون إذا استرقنا السمع إلى أغنية  عندما ننفرد بأنفسنا مع أنفسنا.

 عندما نستمع للأغنية نرتدي أجمل ماعندنا من ملابس ، ونرتب تصفيف الشعر ، وننشر عطر الـ"ون مان شو" ، أو "الدافدوف" أو عطر "لابيدوز" إيذانا باقتراب اللقاء عندما تكون هذه العطور من معشوقته التي لايرى غيرها ، وأحب الدنيا لأجلها وأحب عطر المونتانا على يديها وعلى ملابسها ، وأهداها إياه من مصروف جيبه.

وارتبط العطر بالأغنية ، حتى صار وجعًا على مر السنين ، لا يشعر به إلا ذلك الجيل ، لأن تلك الأغاني غابت ، وتلك العطور تبخرت وبقيت الزجاجات فارغة أمام ناظرينا ، وأصبحت هوايتي الاحتفاظ بزجاجات العطر الفارغة ، لأن فيها بوحًا أكبر من محطات السنين وأكبر من قصائد الشعر  ، وعذب الكلام  ، ومازلت محتفظًا ببعض الزجاجات الفارغة التي أخاف أن استنشقها فتقفز الذكرى منها إلى نفسي كما يقفز المارد الأسير من داخل  القمقم  ، ساتركها بعيدة ، وأبقى مع أيامي هذه أحكي لنفسي قصة أغنية ، وتفاصيل رشة العطر.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في كل أغنية ذكرى في كل أغنية ذكرى



GMT 16:56 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيديو كليب صورة افتراضية

GMT 22:44 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

مروان خوري يطرح "مش غنية" لمحاربي كورونا

GMT 14:02 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

يشبهنا صراع العروش

GMT 08:04 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

" ابو العروسة " والعودة للزمن الجميل

GMT 07:59 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

محمود مرسي

GMT 08:06 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

أحمد زكي

GMT 10:34 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

مديحة كامل

GMT 10:00 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

سعيد عبد الغني

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:05 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الطيبة جنوبي لبنان
 لبنان اليوم - غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الطيبة جنوبي لبنان

GMT 10:52 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 13:47 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 09:19 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

آبل تُطلق قريباً ميزة لهواتف آيفون

GMT 15:13 2022 السبت ,07 أيار / مايو

اتيكيت تقديم الطعام في المطاعم

GMT 10:51 2020 الأحد ,26 إبريل / نيسان

انضمام هند جاد لـ "راديو9090" خلال شهر رمضان

GMT 20:33 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 6,6 درجات يضرب غرب إندونيسيا

GMT 11:49 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في الكويت الإثنين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon