ساستنا مأساتنا

ساستنا مأساتنا

ساستنا مأساتنا

 لبنان اليوم -

ساستنا مأساتنا

بقلم : حسام الخرباش

تزداد الحرب تعقيدًا في اليمن الذي يشهد حربًا منذ أكثر من 3 أعوام، حيث أصبح المواطن اليمني مسجونًا بين جدران من نار وقضبان من الأوبئة القاتله في زنزانة اسمها "المأساة". اليمن هو البلد الفقير اقتصاديًا والغني بالموارد النفطية والغازية والمعدنية، وهو البلد الذي يمتلك أراضي زراعية متعددة المناخ والخواص، ما يسمح بزراعة معظم المحاصيل من خضروات وفواكة. كما أنه البلد الذي يقع على مضيق باب المندب وعلى البحر العربي والبحر الأحمر، ويسمح له موقعه الجغرافي أن يكون محطة للتجارة العالمية.

لقد أخرست أصوات المدافع والغارات "كركرة البطون" الجائعة. وتعالت هتافات الحرب على آنات شعب تعذبه الحرب تقتله الأمراض تكبله السياسة تنحره الرصاص والقذائف. يا لها من جريمة ارتكبها ساستنا، لم نعد بلد فقير بل بلد مفلس تمامًا لم نعد نمتلك احتياطي نقدي في البنك المركزي، وطرفا الصراع غير قادرين على دفع رواتب الموظفين في القطاع العام منذ 10 أشهر، نعم غير قادرين على دفع رواتب القطاع العام، لكنهم قادرون على دفع أجور المقاتلين ليواصلوا تدميرنا.

ويمثل راتب الحكومة لموظفين القطاع العام مصدر عيش وحيدًا لأسر الموظفين، بل وتمثل مصدر إسناد اقتصادي لأفراد أسر الموظفين الذين كانوا يعملون في القطاع الخاص وخسروا أعمالهم بسبب الحرب، نعم 3 ملايين يمني خسروا أعمالهم في القطاع الخاص نتيجة الحرب.

ساستنا يبررون الحرب الطاحنة أنها من أجل المستقبل، جميل حين يدمرون الحاضر من أجل المستقبل وجميل حين أن يحدثونا عن المستقبل، في حين كنا نملك قليلًا من الكهرباء التي تنقطع ساعات وتعمل لساعات، وأصبحت الآن معظم المحافظات بلا كهرباء، جميل حين يتحدثون عن المستقبل وقد كنا نمتلك قليلًا من المياه الموصلة إلى منازلنا، وأصبحنا الآن نبحث عن مياه نظيفة للاستخدام والشرب. جميل حديثكم عن المستقبل في واقع المجاعات التي صنعتها أطماعكم، حدثوني يا ساستنا عن المستقبل هل هو العودة للوراء لعقود إلى زمن الكوليرا والحصبة والطبخ على الحطب وقضاء الليل على الشمعة!

الكوليرا قتل حتى 8 يوليو/تموز الجاري 1706 يمنيين منذ تفشيه في 27 أبريل/نيسان من هذا العام، وأصاب 297 ألفًا و438 حالة موزعين على 21 محافظة يمنية، بحسب منظمة الصحة العالمية. وأدى انهيار أنظمة الصحة والمياه والصرف الصحي إلى حرمان 14.5 مليون شخص من الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي بشكل منتظم، مما زاد من انتشار المرض، كما أدى ارتفاع معدلات سوء التغذية إلى تدهور صحة الأطفال وجعلهم عرضة للمرض بسبب هشاشة وضعهم الصحي، فيما لم يتلق نحو 30 ألفًا من العاملين في مجال الصحّة من الكوادر المحليّة رواتبهم منذ 10 أشهر.

ويعد الكوليرا أحد الأمراض التي عفا عليها الزمن، فهو يسبب إسهال حاد ويستنزف سوائل الجسد حتى الموت في حال لم يتلق المصاب الرعاية الصحية التي عادة ما تكون بحقن السوائل وريديًا، وينتشر مرض الكوليرا في البلدان التي تعاني من انهيار البنية التحتية، ويأتي نتيجة شرب المياه الملوثة وتناول الطعام الملوث ..مئات الملايين ينفقها ساستنا يوميًا في جبهات القتال للذخائر والقذائف الذي دمرت شبكات المياه وشردت الناس وجعلتهم يشربون مياهًا ملوثة ويأكلون طعامًا ملوثًا .

ساستنا لايستطيعون شراء السوائل الوريدية لمرضى الكوليرا بالرغم من أن قيمة السوائل لعلاج شخص لا تتجاوز قيمة الذخيرة التي يحملها مقاتل في خصره في المعركة ويستهلكها بخمس دقائق، ساستنا يهتمون بالمستشفيات كثيرًا فقد جعلوها مكتضة بالمصابين بالكوليرا وضحايا الحرب دون أن يوفروا لها أبسط وسائل العلاج.

يحدثنا ساستنا أن حربهم من أجل المستقبل حاولت تصديقهم، ولكني فكرت بطريقة العبور إلى المستقبل فكرت بالطرق البرية فوجدتها مدمرة إما بالحرب أو الفساد الذي ارتكبوه بمناقصاتها ماجعلها تنتهي بعد أشهر من استكمال عملها، وفكرت أنهم ربما ينقلونا إلى المستقبل عبر الجو لكن اليمن لم يعد لديها إلا طائرة واحدة تعمل ولم يعد هناك دولة في العالم تمتلك طائرة واحدة إلا اليمن، والانتقال للمستقبل عبر طائرة واحدة مستحيل ولن تسع حتى السياسين أنفسهم، وفكرت أنهم سينقلونا إلى المستقبل عبر البحر، ولكن لا توجد لدينا سفينة واحدة حتى، وحرصت على عدم ظلم ساستنا وإيجاد تصور للمستقبل ووصلت الى نتيجة أن المستقبل المشرق الذي يقصدونه هو الجنة الذي سيذهب لها الضحايا الأبرياء لصراعهم، ويسعى الساسة لتحويل أرضنا إلى مقبرة لنكون جميعًا في الجنة، إلا هم، نعم هم يضحون من أجلنا ونحن نظلمهم بأحكامنا !
كل هذه التضحيات يجب أن نقدرها ونقول للعالم"ساستنا مأساتنا"

نحن حمقى حين نراهم يقتلوننا يسرقوننا ونكذب الواقع ولا نصدق...

يستمرون بنحرنا باغتيال أحلامنا ونحن من يهتف لهم ويصفق.. إنه الغباء الذي زرعوه في عقولنا وأصبحنا بين الوطنية والخيانة لا نفرق، نموت بالكوليرا وبدخان الحرب نختنق...نهتف للحرب لنحترق...

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساستنا مأساتنا ساستنا مأساتنا



GMT 07:10 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

سياسيون اعتنقوا الإرهاب

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:07 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منافسة قوية بين ريال مدريد وأرسنال على ضم فلاهوفيتش

GMT 14:58 2021 الثلاثاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

هيفاء وهبي تضج أنوثة بملابس كاجوال ناعمة

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 21:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

الأهلي المصري يعلن شفاء بانون من كورونا

GMT 15:59 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل أولمبياد طوكيو يكلف اليابان 2 مليار دولار

GMT 05:55 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هزة أرضية قوية تضرب وهران الجزائرية

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 15:58 2023 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل العطور الرجالية لهذا العام

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أحذية مسطحة عصرية وأنيقة موضة هذا الموسم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon