في الظلمة تتفتّح الأحلام عن ثورة مجهضة ونظام بلا أفق
آخر تحديث GMT12:01:54
 لبنان اليوم -

"في الظلمة تتفتّح الأحلام" عن ثورة مجهضة ونظام بلا أفق

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - "في الظلمة تتفتّح الأحلام" عن ثورة مجهضة ونظام بلا أفق

"في الظلمة تتفتّح الأحلام"
بيروت - لبنان اليوم

 

شكّل شهر آذار من العام 2011 منعطفاً مفصلياً في تاريخ سوريا المعاصر. في ذاك الشهر هُدم جدار الخوف ودق الربيع أبواب النظام البعثي بعد تهاوي الأنظمة في تونس وليبيا ومصر. من درعا بدأت الثورة، وبدأت نهاية بشار الأسد، على الرغم من استمرارية نظامه بقوة الدعم الروسي واحتضان الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودخول أذرعتها الميليشياوبة في حرب بقاء الأسد.

المستعرب النرويجي بنديك سورفيغ الذي أقام في بيروت طيلة عقدين، وزار سوريا عشرات المرّات، والتقى ناشطين وثوّاراً، كتب وروى من خلال متابعته، ومن خلال سيَر ناشطين، سيرة الثورة السورية حتى أواسط العام 2017، بأحلامها وانكساراتها وتبدّلات مشهدها، وقد نشر ما جمعه وعاشه وتابعه من كثب في كتاب "في الظلمة تتفتّح الأحلام" الصادر عن مؤسسة دار الجديد (حارة حريك) وقد ترجم نصّه عن اللغة النروجية محمد الحاج صالح.

يبدأ سورفيغ الفصل الأول وشخصيات الكتاب تتابع كل في موقعها خطاب الرئيس السوري بشار الأسد في 30 آذار 2011 عقب تظاهرات المعارضة الشعبية الأولى وأحداث درعا. عبيدة أبو قويدر (23 سنة) من درعا، مارسيل شحوارو من حلب، مروان عبد الحميد (18 عاماً) من كفرومة محافظة إدلب، وطالب الطب الكردي كاوا (20 عاما). ياسين الحاج صالح وزوجته سميرة من الرقة سمعا الرئيس وهتافات مجلس الشعب. يومها فهم صالح من كلام الأسد "أن النظام ذاهب بلا تردد إلى مواجهة كاملة مع المتآمرين والمعارضين أمثاله"... وصالح الذي أمضى في السجن الإنفرادي 17 عاماً لم يكن مستعداً للعودة إليه، فتنقل متخفياً من مكان إلى آخر في بلده فهرب عبر الغوطة الى دوما ثم الرقة ثم تركيا إلى أن صار المنفى وطنه بعدما خطفت زوجته سميرة الخليل ورزان زيتونة وناشطون آخرون موثقون لانتهاكات حقوق الإنسان في دوما وفقدت آثارهم، وزهــران علـــوش أبـرز المتهمين بالخطف.

إضطرابات درعا أطلقت شرارات الثورة في دمشق وسائر المحافظات، غيرت حياة عبيدة الرياضي والمثقف البعيد عن السياسة وهو على بعد خطوة للتخرج مهندس اتصالات. إنخرط في التظاهرات، والشرارات نفسها ألهبت حلب مدينة الأعراق والأجناس المتداخلة والمتجانسة والتي شهدت مذابح في عهد الأسد ـ الأب،هناك ولدت المدونة مارسيل شحوارو، وكانت مدوناتها محط متابعة الثوار والمخابرات في آن. وقد أسست شحوارو مدونة "كش ملك"، وشهدت على حلب غربية وحلب شرقية. ناضلت. أحبطت. هاجرت. عادت ولم تنس للحظة أنها ابنة قضية.

أما كاوا طالب الطب في جامعة دمشق فقد اعتقل في أحد سراديب الجامعة وعُذّب على يد زملائه في الكلية كما نقل إلى فرع الخطيب وقبله الى القسم 215 وهي اسماء للرعب والقتل كما شهد الناجون ووثّق الفارون.

واكب بنديك سورفيغ في كتابه تحولات الثورة السورية وقد مثّلها بدايةً مجلس وطني رأسه أستاذ علم الإجتماع في السوربون برهان غليون وكان لـ "الإخوان المسلمين" فيه الحصة الأكبر، كما مثّل "الجيش السوري الحر" الذراع العسكرية لثورة تخلت مرغمة عن سلميتها، لكن هذا الجيش الفتي تراجع أمام نفوذ الألوية المنبثقة من رحم القاعدة والحركات الإسلامية السلفية المتعددة الولاءات لتركيا ودول خليجية فباتت "النصرة" و"جيش الإسلام" و"داعش" و"أحرار الشام" في مواجهة مباشرة مع نظام توضع أفعاله في خانة "جرائم ضد الإنسانية" بمرتبة متقدمة. ففي شهر آب من العام 2016 نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً أكدت فيه أن 17 ألف سوري عذبوا حتى الموت ووثائق قيصر( عسكري منشق) وهي كناية عن آلاف صور لضحايا التعذيب في السجون نموذج عن فظاعات يندى لها جبين الإنسانية. ومن لم يقض في السجن قضى تحت ركام أحدثتها البراميل المتفجرة ما هو أدهى وأفظع فباتت سياسة الأرض المحروقة معطوفة على شعار "الأسد أو نحرق البلد" هي السائدة ولم تزل وإن تراجعت نتيجة تبدّل الموازين العسكرية لمصلحة إيران وروسيا والأسد استتباعاً. ويذكّر بنديك بأن بعد مجزرة الغوطة الكيماوية ( ذهب ضحيتها 700 مدني ) تزايد عدد المقاتلين الأجانب 3 مرات، وقد اتهمت ميليشيات النظام المتمركزة في مطار المزة العسكري، ومنصات "الفرقة الرابعة" في جبل قاسيون، بإطلاق صواريخ محملة برؤوس معبأة بغاز الأعصاب؛ السارين في يوم لا يُنسى من العام 2013، وغاز السارين طاول أيضا قرية خان شيخون في نيسان 2017 فأضيف "سبعة وثمانون شخصاً، بينهم أطفال، ماتوا اختناقاً!" الى يوميات حرب قد تطول بقدر الحرب على لبنان أو أكثر.

على الرغم من بناء كتابه على شهادات مناصري الثورة السورية السلمية، فالكاتب يضيء على ارتكابات "الدولة الإسلامية" وإعدام المراهق "سلمو" في حلب بتهمة تلفظه بكلمة عدّوها كفراً وإهانة للنبي، جعلت الناس ينتفضون مجدداً ويعلنون " لحد هون وبس"، وبعضهم صار يفاضل بين العيش في ظل ديكتاتور والعيش تحت حكم الراية السوداء.

في الصفحة الأخيرة من "في الظلمة تتفتّح الأحلام" الذي أنهاه بنديك في أوسلو العام 2017 كتب بنديك: سوريا ما قبل "الثورة" لم تعد موجودة. وسوريا الأسد سقطت، وإن ظل الديكتاتور في منصبه. لقد قسّمت الحرب الأرض والناس إلى أقاليم، ومجتمعات سياسية جديدة، ولا يمكن أن يتحد السوريون في ظلّ نظام مسؤول عن جرائم خطيرة في حق الإنسانية". ومع كل ما تفضل به السيد بنديك ففي لبنان من يتفانى في حب الأسد ويفعلها "بالروح بالدم نفديك يا بشار" ولا يكتفي بالعبارة هتافاً أجوف في مجلس الشعب.

قد يهمك ايضا:طرح كتاب جديد لـ"برايان غرين" لمناقشة موضوعات فلسفية فيزيائية في شباط الحالي

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الظلمة تتفتّح الأحلام عن ثورة مجهضة ونظام بلا أفق في الظلمة تتفتّح الأحلام عن ثورة مجهضة ونظام بلا أفق



GMT 18:18 2021 السبت ,27 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 12:53 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 11:07 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

الفري يعلن عن تأجيل معرض الكتاب 46

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
 لبنان اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 06:34 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

نصائح لتنسيق ألوان الملابس بشكل جيد
 لبنان اليوم - نصائح لتنسيق ألوان الملابس بشكل جيد
 لبنان اليوم - موناكو وجهة سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ

GMT 08:59 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

نصائح لتنظيف الستائر دون استخدام ماء كثير
 لبنان اليوم - نصائح لتنظيف الستائر دون استخدام ماء كثير

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 16:11 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الاثنين 10 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 09:34 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

بريطانيا تُحقق في اغتصاب جماعي لفتاة بعالم ميتافيرس

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 20:21 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 3 مايو/ أيار 2023
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon