الحنين الدائم يطادر يهود المغرب وسط آمال عريضة بالعودة إلى الوطن
آخر تحديث GMT12:08:51
 لبنان اليوم -

الحنين الدائم يطادر يهود المغرب وسط آمال عريضة بالعودة إلى الوطن

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - الحنين الدائم يطادر يهود المغرب وسط آمال عريضة بالعودة إلى الوطن

يهود المغرب
باريس - لبنان اليوم

يتذكر ألبير، مغربي يهودي مقيم في باريس، منزل العائلة في الدار البيضاء، حيث يجتمع كل أفراد أسرته على طبق الكسكس المغربي الشهير خاصة عندما يكون من يد والدته، ويقول "يعد هذا الطبق من أطباقي المفضلة التي أتناولها من يد أمي. كلما سنحت لي الفرصة أذهب لتناوله في أحد المطاعم المغربية هنا في باريس".

وطبق الكسكس ليس إلا جزءا بسيطا من هوية مغربية يحملها اليهود المغاربة في ذاكرتهم وقلوبهم عن بلدهم في المهجر.

ويحكي ألان، صحفي متقاعد في باريس، مازحا "أتمتع بمزاج مغربي متقلب يميزني عن أصدقائي اليهود الأوربيين، فأنا كالبحر هادئ في معظم حالاتي ودون سابق إنذار يمكن أن أنفعل".

 

فابن حي الملاح بمدينة سلا المغربية، لا تغيب عن ذاكرته صور التعايش والود التي جمعت أبيه بأصدقائه المسلمين، "ترعرعت في حي الملاح، أبي كان تاجرا، كنا نتبادل الزيارات أسبوعيا، ويوم السبت المقدس، كان يتولى المسلمون العاملون في الأفران التقليدية الشعبية توصيل الخبز والأكل المطبوخ إلى منازلنا، كما أن الأعياد الوطنية المغربية كانت مناسبة تجمعنا للاحتفال سويا".

 

 

أما هنري، الذي عاش في قلب مدينة الدار البيضاء، فيروي لموقع "سكاي نيوز عربية" مبتسما، "يجتاحني حنين كبير للمغرب، خاصة تلك الجلسات حيث تعلو صيحات الضحك مع أصدقائي المسلمين المقربين من أيام الدراسة، وتلك الأعراس المغربية التي كنت أحضر بدعوة وبدونها".

 

ويضيف:"يكفي أن أكون صديقا لأحد أفراد عائلتي العرسان وأصبح مرحبا بي، وقد ورثت عنهم خصال الكرم والجود والضيافة".

 

وتابع: "هنا في باريس، تجمعني الصدفة مع سائقي سيارة أجرة مغاربة أمازيغ، أفاجئهم دائما بلهجتي الأمازيغية الممتازة، وأحيانا نلجأ إلى طريق أطول لنربح وقتا أكبر في تقاسم أطراف الحديث عن المغرب وأهله، كونت صداقات عدة عبر هذه الصدف التي يطبعها حب المغرب والحنين إليه".

 

خصوصية تاريخية

ويصعب اختزال خصوصيات اليهودية المغربية تاريخيا في بضع كلمات، بحسب  المؤرخ والباحث في الثقافة اليهودية، محمد كنبيب، الذي يقول إن ذلك يرقى إلى تلخيص تاريخ وحضارة وثقافة المغرب التي كان اليهود جزءًا منها عبر قرون، لكنه يمكن أن يحدد بعض الخصائص، ومنها على وجه التحديد تواجدهم في البلاد لأكثر من ألفي عام، إذ كانوا يتوزعون في كل المدن والأرياف المغربية بدون استثناء.

 

وكان تعداد اليهود المغاربة في عام 1948 حوالي 250 ألف نسمة، فشكلوا بذلك أول جالية يهودية في العالم العربي -أكثر من تلك الموجودة في الجزائر وتونس مجتمعين.

 

ولم يشكل اليهود كتلة عرقية ثقافية متجانسة، فحين استقر أول اليهود في المغرب في القرن الخامس قبل العصر المسيحي، أطلقوا على أنفسهم اسم طوشابيم (أوالبلديين ، السكان المحليين)، ولجأ إخوانهم في الدين إلى المغرب بعد ذلك بوقت طويل، تحديدا بعد طردهم من إسبانيا عام 1492 ثم من البرتغال".

وعلى مستوى المهن، انقسم اليهود المغاربة إلى فئات، منها ما كانت تعيش ظروفا صعبة، تتشكل من صغار الحرفيين والباعة المتجولين والحمالين، وفئة أخرى كانت من التجار الأغنياء الذين امتهنوا تجارة القوافل عبر الصحراء (خلال العصور الوسطى)، ثم التجارة البحرية -خاصة منذ القرن السادس عشر. كما عملت فئة أخرى في الزراعة لاختيارها العيش في الأرياف.

 

واليوم لم يتبق سوى حوالي 2500 يهودي في البلاد، يعيشون بشكل رئيس في الدار البيضاء وفي ثلاث أو أربع مدن كبرى، وذلك راجع بالأساس إلى النزوح الجماعي الذي حدث عامي 1948 و1967، الذي يقول المؤرخ المغربي إنه "يجب وضعه في سياقه الدولي، فقد حدثت اضطرابات سببتها الحرب العالمية الثانية والحروب الإسرائيلية العربية (1948 ، 1956 ، 1967 ، 1973)".

 

كما من الضروري أيضا مراعاة التحولات الاقتصادية العميقة التي ولدها النظام الاستعماري بين عامي 1912 و1956 مما أدى إلى زيادة إفقار الفئات الشعبية من اليهود والمسلمين.

 

ويبقى البحث عن ظروف معيشية أفضل هو السبب الأساسي في هجرة أعداد كبيرة من اليهود في الستينيات إلى أوروبا الغربية وكندا على وجه الخصوص.

 

الممارسات الدينية

ويشير كنبيب إلى أنه "ما يجب التأكيد عليه أولاً هو أن اليهود والمسلمين موحدين، يؤمنون بإله واحد ويشتركون على سبيل المثال في الختان والصوم وما إلى ذلك".

 

ويشترك اليهود والمسلمون المغاربة في عادة زيارة أضرحة الأولياء، التي يعتبرها كنبيب "مخالفة للعقيدة اليهودية والإسلام".

 

إلا أن جزءًا من الدين الشعبي والاعتقاد بأن القديسين لديهم قوى خارقة للطبيعة (البركة) ويمكنهم التوسط إلى الله يدفعهم بحسب قوله دائما للتبرك بهم خلال المواسم عند المسلمين والهيلولة عند اليهود. وقد استمرت هذه الممارسات والطقوس حتى اليوم.

 

ويشكل ضريح عمران بن ديوان ببلدة آسجن، بالقرب من مدينة وزان أحد أشهر الأضرحة ورموز التسامح الديني التي يزورها اليهود المغاربة القادمين من جميع أنحاء العالم.

 

ومن جانب آخر، يستطرد كنبيب، يحرس المسلمون الأضرحة اليهودية،  كما تم إجراء ترميمات للمعابد، لا سيما في فاس، الصويرة ومراكش.

 

لهجة ومطبخ

وتؤكد الصحفية والباحثة في الديانة اليهودية، غزلان الطيبي، أن اليهود كانوا ولايزالون يتحدثون اللهجات المغربية، ما عدا البعض من المغوراشيم وهم يهود الأندلس الذين كانوا يتحدثون اللاتينية.

 

وقد تشبع المطبخ المغربي ببعض الأطباق اليهودية، رغم بعض الاختلاف الحاصل من ناحية الحلال والحرام، عند اليهود عموما.

 

وتقول الطيبي" فيما يتعلق بالأسماك، فلابد أن يكون لديها زعانف وقشور على الجسم حتى يحل أكلها وهذا يعني أن الشريعة اليهودية تحرم فواكه البحر، كما أنها تحرم أكل الأرنب والجمل. وهناك شرطين أساسيين للحيوانات التي يحل لليهودي تناول لحومها، أولها هي أن تكون من المجترات، وأن تكون حوافرها مشقوقة".

 

ذاكرة وتاريخ محفوظ

ويعتبر متحف التراث الثقافي اليهودي بالدار البيضاء، المتحف الوحيد في العالم الذي يهتم بالثقافة اليهودية، والمتحف الوحيد في العالم العربي الذي يهتم بالمكون العبري.

 

وتتحدث زهور رحيحيل، محافظة المتحف المسلمة الديانة قائلة": "يهدف متحف التراث الثقافي اليهودي المغربي الذي جرى تأسيسه سنة 1997 بمبادرة خاصة من مجلس الجماعات اليهودية المغربية، إلى الحفاظ على هذا التراث وصيانته وتعريف المغاربة المسلمين على تاريخ هذه الحضارة، كما أن المتحف يجذب مجموعة من اليهود المغاربة الذين يقطنون في الخارج إلى زيارته لكونه يضم عددا كبيرا من المنحوتات والمنتوجات العبرية التي لا تتجزأ عن الثقافة المغربية".

 

ويلعب المتحف دورا توعويا وتعليميا، إذ يستقبل تلاميذ المدارس الابتدائية والثانوي والجامعات، كما يتعامل مع الجمعيات والمجتمع المدني من أجل إقامة المعارض والمحاضرات واللقاءات الثقافة اليهودية المغربية، بحسب رحيحيل.

 

 

حياة اليهود في الوثائقيات

ويعتبر كمال هشكار الذي ولد بمدينة تنغير المغربية قبل انتقال الأسرة في سن ستة أشهر للعيش في فرنسا، أحد المخرجين المهتمين بالثقافة اليهودية المغربية، إذ سلط الضوء على بعض من روافدها عبر أفلامه الوثائقية.

 

وفي حديثه ، يكشف سر بحثه في هذا الجانب من تاريخ المغرب، "ترعرعت في فرنسا، إلا أنني كنت مغربي الأصل والقلب، دائما حاولت الرجوع إلى جذوري بمدينة تنغير للبحث عن هويتي المغربية، وخلال هذه الرحلة اكتشفت الحضور الكبير للمكون اليهودي في حياة أجدادي وجيرانهم، فقصصهم لا تخلوا من الحنين إلى صور التعايش والعلاقة الطيبة التي جمعت بين اليهود والمسلمين في المنطقة، فقد تقاسموا نفس الأحياء وتشاركوا الحفلات والمناسبات، وعملوا معا في نفس المحلات".

 

وقد تغنى اليهود بالتراث الموسيقي الأمازيغي، وهذا بالضبط ما حاول هشكار نقله في أفلامه، "للتذكير بهذا الرافد المهم المنسي في حضارتنا المغربية، لأن ما تبقى من أثر لحياتهم في المدينة لا يتعدى بعض المنازل المهجورة أو بعضا من مقابرهم".

 

ويرى هشكار أن مهمة الأفلام الوثائقية تتمثل أساسا في تغطية الفراغ الحاصل في هذا الجانب في المقررات الدراسية مع إيصال المعلومة للشباب قليل المطالعة الذي لم تسنح له الفرصة لمعايشة اليهود.

 

 

 

ويعتبر فيلم "تنغير - القدس" أول فليم لهذا المخرج الفرنسي من أصل مغربي، قدمه للجمهور سنة بعد دستور 2011، الذي اعتبر أن اليهود هم أحد مكونات الهوية الوطنية. واستعرض من خلاله شهادات رصدت ملامح التعايش بين الديانتين في مدينة تنغير.

 

أما فيلمه الوثائقي الثاني "في عينيك أرى وطني" الذي عرض سنة 2019 ، فقد سبر أغوار التراث الموسيقي اليهودي المغربي.

 

يقول هشكار: "دوري أن أنفض التراب عن الذاكرة المنسية من تاريخنا وهويتنا".

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحنين الدائم يطادر يهود المغرب وسط آمال عريضة بالعودة إلى الوطن الحنين الدائم يطادر يهود المغرب وسط آمال عريضة بالعودة إلى الوطن



كارمن بصيبص بإطلالات أنيقة تناسب السهرات الرمضانية

بيروت - لبنان اليوم

GMT 21:29 2023 الإثنين ,08 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الاثنين 8 مايو / آيار 2023

GMT 05:06 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 18 مارس/ آذار 2024

GMT 06:58 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

توقعات الأبراج اليوم الإثنين 25 مارس/ آذار 2024

GMT 19:45 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 2 مايو/ أيار 2023

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 15:13 2022 السبت ,07 أيار / مايو

اتيكيت تقديم الطعام في المطاعم

GMT 07:15 2023 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

تخفيف الإجراءات الامنية في وسط بيروت

GMT 23:24 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

طريقة وضع المكياج على الشفاه للمناسبات

GMT 23:19 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

موضة المجوهرات الصيفية هذا الموسم

GMT 20:39 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

أبرز اتجاهات الموضة في حقائب اليد هذا الصيف

GMT 17:21 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

التنورة الماكسي موضة أساسية لصيف أنيق

GMT 22:46 2019 الخميس ,11 إبريل / نيسان

جوسيب يحقق رقمًا قياسيًا ويفوز بالذهبية

GMT 19:41 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وزير الرياضة المصري يستقبل رئيس نادي الفروسية

GMT 15:36 2023 السبت ,15 إبريل / نيسان

إتيكيت إهداء العطور النسائية

GMT 14:00 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

نصائح "فونغ شوي" لسكينة غرفة النوم

GMT 17:30 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن

GMT 23:34 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

إلغاء ماراثون برلين 2020 بسبب كوفيد-19

GMT 15:12 2019 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

مشاركة 14 مصارعا جزائريّا في دورة باريس الدولية

GMT 15:00 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

إتحاد الفروسية يختتم بطولة لبنان لموسم ٢٠٢١

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 09:49 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

عطور تُناسب عروس موسم ربيع وصيف 2022
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon