لبنان يودّع مُخترع المسرح الفرنباني الفكاهي بعد صراعه مع مرض السرطان
آخر تحديث GMT12:13:04
 لبنان اليوم -

لبنان يودّع مُخترع "المسرح الفرنباني" الفكاهي بعد صراعه مع مرض السرطان

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - لبنان يودّع مُخترع "المسرح الفرنباني" الفكاهي بعد صراعه مع مرض السرطان

المسرح اللبناني الفكاهي
بيروت - لبنان اليوم

بقي سامي خياط حتى اللحظات الأخيرة متسلحاً بديناميكيته، وطاقة جسدية هائلة يستخدمهما لتفجير الضحك عند مشاهده. لكن قلبه خانه مساء الأربعاء بعد صراعه مع مرض السرطان الذي فتك بعظامه. فصاحب عبارة «أوراق الشجر تتساقط ولكن الضحك يعلو أكثر» رحل، مودعاً الحياة من دون تحقيق حلم راوده كثيراً، وهو الاحتفال بيوبيله الـ60. فبسبب الجائحة يومها في عام 2020 لم يستطع إقامته. فأجله على أمل أن يكون عنوانه «اليوبيل الـ65» ويحتفي به مع محبيه على طريقته في عام 2025. وقال يومها : «سأقيم حفلاً كبيراً فيه كثير من الموسيقى واللوحات الاستعراضية شبيهة إلى حد كبير بفنون مسارح لاس فيغاس. حتى إني أنتظر تطورات إيجابية يشهدها لبنان قريباً لأقدم مفاجأة مسرحية أخطط لها أيضاً. سيكون عملاً يحمل مزيجاً من الألاعيب والمؤثرات الصوتية ولباس التنكر».

يعدّ الفنان اللبناني الراحل سامي خياط من أهم ركائز المسرح اللبناني الفكاهي، وأحد رواده. فهو على مدى 60 عاماً، غرف من الطرافة والسخرية ما يكفي لسرد اعوجاجات وأخطاء ترتكب في حق وطنه الصغير. فحمّل مسرحه رسائل مباشرة وعكسها، واضعاً إصبعه على جرح ينزف، ومسلطاً الضوء على المضحك المبكي في بلاد الأرز. استحدث نوعية مسرح خاصة به سماها «المسرح الفرنباني». مزج بين الفرنسية واللبنانية في حواراته واسكتشاته الضاحكة.

لم يستخف خياط يوماً بمسألة الذوق العام، فتمسك بتقديم الأعمال الساخرة النظيفة التي لا ترتكز على عبارات وكلمات مسيئة. فاستطاع الحفاظ على جمهوره الواسع، وغالبيته من خلفية فرنكوفونية. فاستخدامه «الفرنسية» في عناوين يلعب فيها على معنيين تتراوح بينها وبين العربية، كان بارزاً في أعماله ويميزها في عالم المسرح الهجائي الساخر. في عام 1960، قدم مسرحية بعنوان «موليير هوغو وسوفوكول»، لتكرّ سبحة أعماله بعدها التي لم تتوقّف حتى في أيام الحرب اللبنانية. وتميّزت عناوين مسرحياته باللعب على الكلام ذي الطابع الفرنسي مثل «يس فور لياس»، و«بعبدا بوم»، و«أبو كليبس»، و«ستار إيبيديمي»، و«مين دريان (mine de rien)»، و«قرف (karafe)»، و«كوما سافا» وغيرها.

وفي لفتة تكريمية من فرنسا، في عام 2020 منحه المركز الثقافي في لبنان وسام الفنون والآداب من رتبة ضابط. وذلك في مبنى المركز في بيروت، وقلدته الوسام مديرة المعهد فيرونيك أولانيون. سامي الذي لم يكرمه لبنان على الصعيد الرسمي كان سعيداً بهذه اللفتة الفرنسية. وهو منذ صغره أُغرم بالفرنسية، واستخدمها بشكل رئيسي في أعماله المسرحية. وبسبب انجذابه لطريقة اللبناني في حديثه الذي يمزج فيه بين الفرنسية والعربية، شكّلت هذه الظاهرة عنواناً لأطروحته الجامعية.

لم يكرمه لبنان رسمياً، ومع ذلك مشواره الفني تلوّن بحفلات تقدير، كناية عن مبادرات خاصة من قبل جمعيات ومؤسسات. لم يعتب على لبنانه لعدم تكريمه «لا أنتظر ذلك من دولتي، ويكفيني أن أكون مكرماً من قبل جمهور يحبني ويستمتع بمشاهدة أعمالي».

رحل سامي خياط بعد صراع مع المرض، كان يلونه بين وقت وآخر بأعمال مسرحية. أما آخر نشاط قام به قبل وفاته فقد جرى في 16 فبراير (شباط) الماضي. وكان كناية عن لقاء ثقافي وفكاهي في الوقت نفسه، وقّع خلاله أحدث منشوراته «Franbanais en goguette».

لم يشأ خياط أن يرحل قبل أن يروي لمحبيه قصة حياته منذ ولادته إلى حين تحقيقه الشهرة. فأصدر في عام 2011 كتابه «تعرّف إلي بنفسك (connais –moi toi meme)». وتناول فيه أهم محطات حياته منذ ولادته، بارزاً مدى تأثره بوالده ألبير الذي كان يحب الفكاهة وإجراء المقالب.

تأثر خياط ببلدته الأم، دلبتا الكسروانية، وكذلك بمنطقة الأشرفية في بيروت، حيث السكن الشتوي لعائلته. ففي الأولى كان يتحدث مع النجوم المضيئة في سماء صافية، ويخزّن في ذاكرته خطوط شخصيات تزور والده. وفي الثانية، حيث المشهدية مغايرة تماماً عن القرية، استمتع بتفاصيل مدينة عشق أزقتها، وشوارع منطقتي السراسقة والجميزة.

توأم روحه كانت زوجته نايلة التي رافقته في مجمل أعماله المسرحية، ومن ثم ترك غيابها عن الخشبة معه غصة كونها لم تعد تملك القوة البدنية والصحية للقيام بذلك. وعلى الرغم من ذلك فإنه كان يسميها «الغائبة الحاضرة» في أعماله. فيستعين بصوتها في إعلانات مسرحياته المصورة.

فكر في تنظيم حفل يتضمن لمحة تاريخية عن مشواره الفني، مترجماً بمقاطع من مسرحياته. فـ«الأفكار موجودة وأنا شخصياً جاهز، تماماً كما الرياضي الذي ينتظر صافرة الحكم للانطلاق».

فنانون وسياسيون نعوا سامي خياط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واصفين وفاته بـ«خسارة كبيرة للبنان». فغرّد النائب ميشال معوض: «بوفاة سامي خياط يخسر المسرح الفكاهي عرابه، هو الذي زرع الفرح في قلوب اللبنانيين في أصعب الظروف».

أما الممثل وسام صبّاغ فغرّد يقول: «كم أدهشني حضورك على المسرح وأنا في بداياتي. موهبة لن تتكرر. لروحك السلام أستاذي». بينما اعتبره الإعلامي يزبك وهبي: «الفكاهي اللبناني الفرنكوفوني الذي ترك بصمات كثيرة في عالم المسرح والتمثيل، والدفاع عن حقوق الحيوان».

ومع رحيل سامي خياط تطوى صفحة فرح تأثر بها المسرح اللبناني على مدى أجيال. فالكبار كما الصغار سيفتقدون مَن قدم لهم كوميديا من رحم أوضاعهم اليومية، بأسلوب ذكي بعيداً عن الابتذال.

قد يهمك ايضاً

ماغي بدوي تُشكل عنصراً فنياً أساسياً على مسرح الراحل روميو لحود عندما كان يستعان بها في أدوار كوميدية وساخرة

الممثلة اللبنانية جناح فاخوري تستعيدّ بداياتها المنبثقة من روح العائلة

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان يودّع مُخترع المسرح الفرنباني الفكاهي بعد صراعه مع مرض السرطان لبنان يودّع مُخترع المسرح الفرنباني الفكاهي بعد صراعه مع مرض السرطان



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 16:11 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الاثنين 10 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 09:34 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

بريطانيا تُحقق في اغتصاب جماعي لفتاة بعالم ميتافيرس

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 20:21 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 3 مايو/ أيار 2023
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon