إنجاز المعاملات الرسميّة في لبنان هدّر للوقت والكرامة واستنزاف للصحّة والعافية
آخر تحديث GMT18:05:22
 لبنان اليوم -

إنجاز المعاملات الرسميّة في لبنان هدّر للوقت والكرامة واستنزاف للصحّة والعافية

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - إنجاز المعاملات الرسميّة في لبنان هدّر للوقت والكرامة واستنزاف للصحّة والعافية

المعاملات الرسميّة في المؤسسات الحكومية اللبنانية
بيروت - لبنان اليوم

ليس منا في بلادنا العربية، من لم يشكُ يوماً خلال محاولته إنجاز معاملةٍ رسميةٍ أو استصدار وثيقةٍ أو استخراج بدل فاقد أو تصديق صورٍ وشهادات، أو غير ذلك من المعاملات الكثيرة التي تقوم بها مؤسسات الدولة حصراً، ولا يمكن إصدارها من أي جهةٍ أخرى بديلةٍ، من سوء المعاملة وطول الانتظار، ورعونة الموظفين وإهمال المكلفين، وفُحش الإدارة وفجاجة العاملين، وتعالي المسؤولين وخشبية القوانين، وتعطيل الأولوية وغياب الشفافية، وتفضيل المحسوبية وتقديم العلاقات الشخصية، واعتماد الرشى ورفض الشكاوى.

لينجز المواطنون معاملاتهم لدى دوائر الدولة الرسمية في بلادنا العربية يجب عليهم أن يذهبوا إليها مبكرين، وأن يقفوا في طوابير طويلة لا تتحرك أحياناً إلا بصعوبة، ولا يقل أعداد المصطفين فيها إلا قليلاً، إذ يتجاوزها المقربون والمسؤولون، والمشاهير والمعروفون، والموصى عليهم والمحظوظون بواسطتهم، واللافتات للنظر بجمالهن أو بثيابهن، والمثيرات للجدل بزينتهن أو أشكالهن، وليس من المستغرب أن يقوم موظفٌ أو عاملٌ باستخدام العصا وضرب المواطنين بحجة تنظيم الطوابير، ولا يترددون أحياناً في إخراج بعضهم من الطابور وحرمانهم من حقهم ودورهم الذي عانوا للوصول إليه كثيراً.

أما عامة المواطنين من الرجال والنساء، سواء كانوا رجالاً مسنين أو شباناً ويافعين، فلا يأبه بهم أحد، ولا يثير انتباه المسؤولين منهم شيخٌ عجوزٌ أو مقعدٌ مريضٌ أو امرأة حامل، أو أخرى تحمل طفلها الصغير الباكي، فأولئك جميعاً من العامة الدهماء ممن لا يدفعون ولا يرشون، ولا يملكون ما يقدمون، ومعهم فئةٌ غير قليلةٍ من خيرة المواطنين الذين يعتبرون الرشى عيباً والواسطة اعتداءً على حقوق الآخرين، ورغم هندامهم الأنيق، وهيئاتهم المحترمة، وسمتهم المؤدب، ولسانهم اللبق، فإن هذه المناقبية الأخلاقية لا تشفع لهم، ولا تؤهلهم لتجاوز الدور أو التعجيل في إتمام معاملاتهم وتسوية ملفاتهم، فيضطرون كغيرهم إلى انتظار دورهم الذي يتأخر غالباً.

أما السماسرة والأذنة والحراس، وصغار العاملين في الدوائر والمؤسسات، والحجاب والسائقون وأمثالهم، الذين يفهمون طبيعة العمل ويعرفون النظام المعمول به وأسرار المكاتب المغلقة والمفاتيح السحرية لكل منها، فهم يصولون ويجولون بين الطوابير، يقتنصون الزبائن ويصطادون الفرائس، ويبحثون عن كل راغبٍ في الدفع وجاهزٍ لأداء الثمن، فيأخذون أوراقهم وينجزونها بأنفسهم، وهذا يكلف أصحابها كلفةً أكثر، أو يسهلون دخولهم إلى الغرف المغلقة والمكاتب الموصدة، بعد أن يحصلوا منهم على “المعلوم”، أو يخبروهم عن قيمته عند الدخول، وإلا فإن عليهم المكوث والانتظار طويلاً حتى يصلهم الدور وتسوى معاملتهم وتنجز، أو يردها المسؤولون لمزاجهم المتعكر أو لخلقهم السيىء بحجة الأوراق الناقصة والمعاملة غير المكتملة.

غالباً لا ينجح المراجعون في إتمام أو إنجاز معاملتهم في اليوم نفسه، إذ يتطلب إنجازها التوقيع من أكثر من مكتبٍ وديوان، والموافقة عليها من أكثر من مديرٍ ومسؤول، وأحياناً لا يجد المراجعون والمستدعون طوابع بريدية، أو أوراقا رسمية يسجلون عليها طلباتهم، كما لا يجدون آلات تصوير واستنساخٍ، إلا عند بعض الموظفين، حيث تكون الأسعار عالية، رغم أن الدقة تكون قليلة، إلا أنه لا سبيل أمام المستدعين وأصحاب الحاجات إلا التصوير عندهم، والخضوع لأسعارهم، وشراء الطوابع وكتابة الطلبات عندهم، وإلا فإن الموظفين والمسؤولين يرفضون طلباتهم، ويجبرونهم على العودة من جديد، كونهم أصلاً شركاء مع أصحاب الأكشاك والدكاكين المجاورة.

يصادف المراجعين لدى الدوائر الرسمية العربية حوادثٌ غريبةٌ وقصصٌ عجيبة، كأن يجد المواطن أن جنسه المثبت في السجلات عكس حقيقته، وحينئذ عليه أن يثبت لدى الجهات المختصة جنسه الحقيقي، أو أن يكون تاريخ ميلاده المثبت في السجلات الرسمية قبل قرنٍ من الزمان، أو أنه ميتٌ وليس حياً، أو أن يقوم الموظف بتمزيق الملفات وإتلافها، وغير ذلك من الحوادث التي تفرض على المواطن أن يعيد إصدار كل أوراقه الرسمية من جديدٍ، وأن يتحمل نفسه كل التكاليف المترتبة على خطأ الموظفين الذين ثبتوا في سجلاتهم بياناتٍ خاطئةً.

ليس فيما قدمت وعرضت أي مبالغة أو تهويل، بل هو أقل بكثيرٍ من حقيقة ما يعانيه المواطن العربي لدى دوائر الدولة الرسمية المختلفة، ولعلنا جميعاً مررنا بواحدة على الأقل من هذه الحالات، فعانينا وقاسينا، وتذمرنا وغضبنا، وشكونا واعترضنا، ولكن أحداً لا يسمع الشكوى أو يأبه بالاعتراض، أو يطالب بالمراجعة والمعالجة، أو التحقيق والمساءلة، وكأننا قد جبلنا على هذا الواقع المزري البئيس، الذي يستنزف قوانا ويضيع أوقاتنا، ويهدر حقوقنا ويمتهن كرامتنا، ورضينا به قدراً، أو سكتنا عنه جبراً، وتميزنا به عن غيرنا من الشعوب لكن لجهة الجهالة والدونية، والتخلف والرجعية.

قد يهمك ايضاً

​وزارة المالية​ اللبنانية تؤكد أن تكاليف الموظفين في القطاع العام تتراجع 2.6%

الموافقة على إخلاء سبيل صغار الموظفين والعمال الموقوفين في قضية انفجار مرفأ بيروت

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنجاز المعاملات الرسميّة في لبنان هدّر للوقت والكرامة واستنزاف للصحّة والعافية إنجاز المعاملات الرسميّة في لبنان هدّر للوقت والكرامة واستنزاف للصحّة والعافية



الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 10:12 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 00:18 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 24 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:00 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 03:08 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض قياسي في عدد الوافدين الأجانب إلى تركيا

GMT 18:58 2022 السبت ,12 شباط / فبراير

طُرق استغلال المساحة في الحمام الصغير

GMT 11:57 2013 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

أمسية للشاعر أحمد الصويري في اتّحاد كتّاب الشارقة

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:04 2023 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان سامو زين يعود للسينما بعد غياب 17 عاماً

GMT 10:33 2013 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيراري" تعلن عن المحركات القادمة للسيارات الفائقة

GMT 06:05 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

جزيرة مميّزة للغولف تعوم في "دي ألين" بايداهو
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon