رفض الابتعاد عن الصناعة السياسية كلمة السرّ في تغيّر استراتيجية القوات
آخر تحديث GMT09:55:26
 لبنان اليوم -

اختلف دورها على الخريطة السياسية اللبنانية منذ العام 2005

"رفض الابتعاد عن الصناعة السياسية" كلمة السرّ في تغيّر استراتيجية "القوات"

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - "رفض الابتعاد عن الصناعة السياسية" كلمة السرّ في تغيّر استراتيجية "القوات"

القوات اللبنانية
بيروت - لبنان اليوم

أيّ مراقب لدور "القوات اللبنانية" منذ العام 2005 يخرج بانطباع مفاده انّ دورها في السنوات الأخيرة اختلف عن دورها في السنوات الأولى لعودتها إلى الحياة السياسية، فماذا تبدّل؟ وأي دور أفضل؟ وكيف حققت هذا الانتقال؟ ولماذا؟عندما خرج الدكتور سمير جعجع من المعتقل بفِعل خروج الجيش السوري من لبنان، وليس بفضل هذا الفريق أو مِنّة من ذاك الفريق، أدرك انّ أمامه سنوات لإعادة بناء الجسم القواتي على رغم حضور "القوات" المعنوي وشعبيتها التي ترجمتها في الانتخابات وفي ظل قانون المحادل الذي كان قائمًا، وراح يتعامل بواقعية مع الأحداث، فلم يرفض المشاركة في الحكومات التي لم تعط "القوات" حقها، لأنّ وضع "القوات" المتجدد والانقسام السياسي والاغتيالات المتواصلة حالت دون تقييم العلاقة الناشئة بين مكوّنات الجبهة الجديدة.

وفي الوقت الذي أعطى "حزب الله" تفويضًا مسيحيًا كاملًا للعماد ميشال عون والاتّكاء على فيتو الحزب لتحصيل ما يريد تحصيله، جاء من يقول لـ"القوات" انّ ما ينطبق على "التيار الحر" مع الحزب لا ينسحب عليها مع 14 آذار، لأنّ الحزب بحاجة لمقايضة فيمنح الدور مقابل منحه الغطاء للسلاح، فيما العلاقة بين مكونات الجبهة السيادية هي علاقة شراكة لا مقايضة، ولكن هذه المقاربة ظلّت مُنتقصة لثلاثة أسباب جوهرية:

السبب الأول لأنّ الشراكة الحقيقية في رسم السياسات الداخلية والخارجية لم تكن قائمة، هذا فضلًا عن الإجحاف في التمثيل تِبعًا للأوزان والأحجام.

السبب الثاني غياب التفهُّم لجهة ضرورة تغيير قانون الانتخاب وتحسين التمثيل المسيحي، خصوصًا انّ السبب الأوحد للفوز الكبير الذي حققه عون في انتخابات العام 2005 مردّه إلى الشعور المسيحي العام بأنّ الوضع السياسي للمسيحيين لم يتغيّر بين ما قبل الخروج السوري وما بعده، على رغم كل نضالهم لإخراجه.

السبب الثالث لأنّ الجانب السلطوي طغى على جانب المواجهة مع "حزب الله"، فإذا كانت مواجهة الحزب متعذرة من مربّع شيعي بسبب ضعف المعارضة الشيعية، فإنّ مواجهته الوحيدة يجب ان تكون من مربّع مسيحي من خلال إضعاف من يغطّيه مسيحيًا، لأنه بقدر ما تضعف الحالة العونية بقدر ما يضعف الحزب وبقدر ما تقوى الجبهة السيادية، فيما الطرف الوحيد القادر على قيادة هذه المواجهة لجملة اعتبارات تاريخية وموضوعية وسياسية هي "القوات اللبنانية"، إلا انّ هناك من كان يريد منها قيادة هذه المواجهة ولكن شرط أن يقطف هو ثمارها السياسية على طريقته.

وبالتزامن مع استعادة "القوات" تنظيمها وحضورها كانت الجبهة السيادية على غير ما يرام، وطريقة إدارة الدولة لا تعكس إرادة الناس الساعية إلى التغيير، فيما لا نية بتصحيح الجانب الميثاقي. ومع إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى وابتعاده لسنوات عن البلاد دخلت 14 آذار في موت سريري بفِعل انقطاع التواصل المباشر، بخاصة انّ رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط كان قد أعلن الخروج من هذه الحركة على أثر أحداث أيار 2008، وشارك في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية.

وقد أدّى تزامن تشكيل حكومة ميقاتي مع ارتفاع منسوب التعبئة السنية ربطًا بالحرب السورية إلى إعادة خطوط التواصل بين "حزب الله" و"المستقبل" على قاعدة عودة الطرف الثاني إلى السلطة مقابل ان يأخذ على عاتقه مواجهة الإرهاب وتبريد التعبئة السنية، فكانت حكومة الرئيس تمام سلام ومن ثمّ الفراغ الرئاسي وترشيح جعجع للرئاسة قطعًا للطريق على أيّ ترشيح لا يأخذ في الاعتبار حَيثية "القوات" التمثيلية ورأي المكوّن الذي ينبثق منه رئيس الجمهورية.

وفي الوقت الذي اعتبر فيه الحريري حكومة سلام انتقالية كتمهيد لعودته إلى رئاسة الحكومة، وَجد في ترشيح جعجع العائق أمام هذه العودة نسبة لتعذّر انتخابه، علمًا انّ الهدف من الترشيح هو ربط النزاع الرئاسي، وقد فاتَح الحريري رئيس "القوات" مرارًا بضرورة انتخاب شخصية من 8 آذار لإنهاء الفراغ الرئاسي. وأمام رفض جعجع انتقل رئيس "المستقبل" إلى الخطوات العملية، فانفتح على رئيس "التيار الحر" محاولًا جَس نبض المملكة العربية السعودية، فسارَع جعجع إلى إقفال طريق الرياض على الحريري-عون، ومع إقفالها انتقل الحريري إلى ترشيح فرنجية مؤمّنًا له دعمًا ثلاثيًا أميركيًا وفرنسيًا وسعوديًا بحجّة انّ استمرار الفراغ سيؤدي إلى عدم استقرار سياسي، ودعمًا ثلاثيًا داخليًا تمثّل بالرئيس نبيه بري وجنبلاط وهو شخصيًا، ولولا ترشيح جعجع لعون لكان "حزب الله" اعتذر من عون بسبب استحالة انتخابه مقابل عدم جواز تفويت فرصة انتخاب رئيس من 8 آذار.

ولا يتّسع المقال طبعًا للكلام عن المفاضلة بين عون وفرنجية، لأنّ المقصود هو المبدأ لجهة انّ الحريري يجب ان يتّفق مع جعجع على مرشّح رئاسي لا ان يتفرّد بقرار يتعلق بـ"القوات" بالدرجة الأولى وارتداداته ستكون عليها أكثر من غيرها، وذلك على نسق "حزب الله" الذي وضع القرار الرئاسي بيَد عون، وكلّ من كان يُفاتحه بالأمر كان يحيله على عون.

وحيال عدم تفهُّم الحريري لـ"القوات" نيابيًا ولا رئاسيًا ولا على مستوى إدارة الدولة، وحيال التباعد الذي أوجَده غياب الحريري عن لبنان، وحيال إعطاء جنبلاط الأولوية لجبل لبنان الجنوبي على أيّ أولوية أخرى، ولأنّ "القوات" لا تستطيع مواصلة سياسة حراسة المبادئ والابتعاد عن الصناعة السياسية حرصًا على هذه المبادئ، إنتقلت إلى المرحلة الثانية أو إلى دورها الجديد بفِعل ما تقدّم أعلاه من ظروف موضوعية تتعلق مباشرة بـ"القوات"، ومداورة بالوضع الذي غيّب التنسيق وجَعل كل مكوّن من مكونات الحركة الاستقلالية يتحرك باستقلالية عن الآخر.

ففي دورها الأوّل كانت تمارس الصلابة السياسية وصياغة المواقف المبدئية، وتترك لغيرها مهمة "التَكتكة" السياسية التي غالبًا ما انعكست سلبًا على المناخ السيادي العام من خلال تسويات لزوم ما لا يلزم، ولكنها في هذا الدور كانت حدودها السياسية بمعناها الرمزي طبعًا "معراب"، فترفع السقوف وغيرها يفاوض ويحسِّن شروطه، ومع انتقالها إلى الدور الثاني الذي يستند إلى التقاطعات وفق الملف المطروح، نجحت في تسجيل النقاط السياسية من دون أن تتنازل قيد أنملة عن ثوابتها وقناعاتها.

فعلى رغم أهمية المبدئية السياسية التي من دونها تفقد الحياة السياسية مرتكزاتها القائمة على منظومة قيَم وأخلاق ومبادئ، إلّا انّ المبدئية وحدها تضع أصحابها في عزلة وتُبعدهم عن الواقع، وعلى رغم ضرورة التحلّي بالبراغماتية السياسية من أجل تجاوز ظروف معينة وفتح قنوات محددة، إلّا انّ الأهم يبقى في جَعل البراغماتية في موقع تكاملي مع المبدئية لا تناقضي، لأنّ البراغماتية المجرّدة من المبدئية تحوِّل أصحابها إلى روّاد في مدرسة الغاية تبرّر الوسيلة، بمعنى فِعل أيّ شيء وتقديم أيّ تنازل وإبرام أيّ تسوية مقابل استمرارهم في السلطة، فيما القاعدة الذهبية التي يجب اتّباعها وتتبعها "القوات"، تكمن في التوفيق الدقيق بين المبدئية والبراغماتية، فلا يكون الطرف السياسي أسير مبدئيته، ولا يسمح بالمقابل في الانقياد وراء براغماتيته من دون الضوابط المبدئية.

فالبراغماتية تبرر التقاطعات السياسية، والمبدئية تحدد السقف السياسي لكل تفاوض وانفتاح، والتقاطع على القطعة الذي اعتمدته "القوات" جعلها في صلب الحياة الوطنية والسياسية، فتتقاطع مع من يجب ان تتقاطع سياديًا وإصلاحيًا وميثاقيًا، فلا تأسر نفسها ضمن جبهة يتوافق أركانها على ملف واحد وتضطرّ إلى غَض نظرها عن خلافها معهم في الملفات الأخرى، وترتكز في كل ذلك على حَيثيتها التمثيلية التي وحدها تجعلها رقمًا صعبًا يصعب تَخطّيه عند كل ملف واستحقاق، بل يشكّل التقاطع معها حاجة للآخرين بقدر ما هو حاجة لها أيضًا، وما خَطف جعجع للأضواء السياسية في اجتماع بعبدا الحواري إلّا ترجمة لهذه السياسة التي توفِّق بين ثلاثية قوامها عدم النقاش في الثوابت، ورفض مسايرة صديق أو شَيطنة خصم، والالتقاء مع كل من يوسِّع حضور الدولة السيادي ودورها الإصلاحي وقاعدتها الميثاقية.

قد يهمك ايضا:لهذه الأسباب تغيرت استراتيجية «القوات اللبنانية» 

 سعد الحريري "يتفهّم ظروف" اللقاء بين الرئيس اللبناني وجنبلاط في "بعبدا"

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رفض الابتعاد عن الصناعة السياسية كلمة السرّ في تغيّر استراتيجية القوات رفض الابتعاد عن الصناعة السياسية كلمة السرّ في تغيّر استراتيجية القوات



نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 20:45 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 11 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:08 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

ربيع سفياني يكشف أسباب تألقه مع التعاون

GMT 19:29 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نائب رئيس الشباب أحمد العقيل يستقيل من منصبه

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 22:12 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجدي الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:14 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 03:49 2024 الأحد ,17 آذار/ مارس

"Dior" تجمع عاشقات الموضة في حفل سحور بدبي

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 09:48 2022 الأحد ,17 تموز / يوليو

تيك توك ينهى الجدل ويعيد هيكلة قسم السلامة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon