الرئيس القادم الفرص والتحديات
آخر تحديث GMT09:36:16
 لبنان اليوم -

الرئيس القادم: الفرص والتحديات

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - الرئيس القادم: الفرص والتحديات

عمرو الشوبكي

قد يرى الكثيرون أن نتائج انتخابات الرئاسة محسومة للمرشح عبدالفتاح السيسى، وقد يرى الكثيرون أيضاً أن التحديات الحقيقية ليست فى نتيجة الانتخابات إنما فى قدرة المرشح الراجح فوزه على تحقيق تغييرات وإصلاحات مطلوبة طال انتظارها، فى ظل تحديات كثيرة لا يبدو أن هناك وعياً كافياً بطبيعتها. والمؤكد أن إدارة الانتخابات بطريقة سليمة وديمقراطية، تضمن حياد الدولة ونزاهة العملية الانتخابية، تمثل فرصة حقيقية للرئيس القادم تساعده على النجاح، فمن المهم التمييز بين الحفاظ على أمن البلد وثوابته الوطنية والدستورية، وبين ربط تحقيق هذه الأهداف بمرشح واحد، لأن كلا المرشحين (السيسى وصباحى) مؤمن بالمسار السياسى الحالى وبالدولة الوطنية وبالدستور المدنى، وأن الخلاف بينهما هو فى الفرص والبرامج وليس على الأسس التى بنى عليها مسار 30 يونيو. وإن أى هجوم غير موضوعى أو حصار للمرشح حمدين صباحى أو غيره من المرشحين سيعنى- فى الحقيقة- خصماً من المسار الحالى، فالمناخ السياسى والإعلامى الذى يربط بين الحفاظ على الدولة الوطنية ومرشح واحد لا يؤسس فى الحقيقة لنظام سياسى قادر على التقدم بالبلد خطوة واحدة للأمام. إن ثقافة اللون الواحد والمرشح الواحد والحزب الواحد تدفع قطاعات واسعة من المجتمع، من خارج الإخوان وحلفائهم، إلى مقاطعة الانتخابات والعملية السياسية برمتها، وهو أمر بالغ الضرر بالمسار الحالى المهدد من أطراف عديدة، فلا يجب أن تدار الانتخابات بطريقة الاستفتاءات وبالطريقة التعبوية القديمة التى خلطت بين المعارضين للمسار والداعين لتخريبه وهدمه على رؤوس الجميع. ومن المهم عدم الخلط بين «نعم» الكاسحة للدستور التى تذكرك بلحظات الاستقلال الوطنى، وبنجاح الأمم فى مواجهة أخطار التفكك والإرهاب، وبين «نعم» لنظام سياسى وإدارة ورئيس، فالأول يقبل الاكتساح ونسب الـ98%، والثانى لا يقبل هذه النسب إلا بالتزوير أو من خلال النظم الشمولية. فمصر قالت نعم للدولة الوطنية فى مواجهة لا دولة، ولكنها لا تحتاج إلى حزب واحد للدولة مرة أخرى، إنما تحتاج إلى أحزاب ومرشحين للرئاسة مؤمنين بالدولة، وهذا فارق كبير بين ثقافة حزب الدولة وثقافة الإيمان بالدولة، وبين نعم الكاسحة والتعبوية للدولة والدستور ونعم النسبية للبرلمان والرئيس. إن إدارة انتخابات الرئاسة بصورة ديمقراطية ونسبية تمثل فرصة حقيقية لنجاح مشروع الرئيس القادم الذى ستواجهه تحديات كبيرة لا يبدو حتى الآن أن هناك وعياً حقيقياً بطبيعتها المركبة ومخاطرها. والحقيقة أن المسار الحالى يفتح الباب أمام إصلاح حقيقى فى بنية الدولة والنظام السياسى لعدة أسباب، منها أن الرئيس الراجح قدومه يأتى من داخل الدولة، وفى نفس الوقت لديه شعبية كبيرة فى الشارع، وبالتالى لديه فرصة أكبر من غيره لإجراء إصلاحات مطلوبة، يدعمه فى ذلك قرار سياسى واستراتيجى جرىء انحاز فيه السيسى للإرادة الشعبية حين تدخل وعزل مرسى فى خطوة لم تعرف عنها أمريكا شيئاً، وحين عرفتها لم ترحب بها، وهو ما داعب فى وجدان كثير من المصريين قضية الكبرياء الوطنى والقدرة على عمل فعل من العيار الثقيل خارج الإملاءات الأمريكية. شعبية السيسى فى الشارع كبيرة، وإيمان عموم المصريين بالجيش كبير، وعلاقة المؤسسة العسكرية بالحداثة وبناء الدولة المصرية أمر مؤكد، وصورة المخلّص والبطل القومى التى قدمها جمال عبدالناصر فى التاريخ المصرى الحديث وارتبطت بالجيش مازالت حاضرة فى نفوس الكثيرين. والمؤكد أن مجىء السيسى من داخل الدولة يجعله أكثر قبولاً وأكثر قدرة على إصلاحها، فلا نستطيع أن نتهمه بأن لديه مشروع تمكين ولا ينوى اختطاف الدولة لصالح تنظيم سرى، مثلما حاول الإخوان، وهو ما يعطيه من الناحية النظرية فرصة أكبر لإجراء إصلاحات حقيقية فى بنية مؤسسات الدولة المترهلة، ولكنه فى نفس الوقت يفرض تحديات ليست سهلة، منها أن هذه المؤسسات تعتبره مرشحها، وبالتالى كثير منها يتصور أنه قادم ليدعمها ويُبقى على شبكات مصالحها ولا يحاسب الفاسدين ومعدومى الكفاءة داخلها، وتبقى البلاد على حالها منذ ما يقرب من 40 عاماً: دولة ضعيفة ومحدودة الكفاءة، ونظام سياسى غير ديمقراطى، عاجز عن تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية. والسؤال: ما التحالف الاجتماعى والسياسى الذى سيدعم الرجل، خاصة أن خبرته الأكبر هى من داخل المؤسسة العسكرية، على خلاف عبدالناصر والسادات اللذين امتلكا خبرة سياسية وتنظيمية ربما مناهضة للتقاليد العسكرية، ومنها بناء تنظيم سرى ثورى اخترق الجيش (وهو تنظيم الضباط الأحرار) وقام بثورة يوليو، على عكس تجربة السيسى التى كانت فى مواجهة أى اختراقات سياسية محتملة للجيش المصرى. والواضح أن المجتمع المصرى عقب حالة الفوضى والاستباحة، التى شهدها فى السنوات الثلاث الماضية، بات يفضل بشكل واضح صورة العسكرى المنضبط والمهنى، أكثر من صورة الثورى أو الاحتجاجى، ناهيك عن أن من أنقذ مصر من المصائر السوداء المحيطة بها من كل جانب هو «الجيش المهنى» المنضبط الذى يحترم الشرعية الشعبية والدستورية، وليس «الجيش المسيّس» الذى اخترقته الأحزاب قبل ثورة يوليو، أو تدخل بصورة مباشرة فى العملية السياسية بعدها، وتعرض لهزيمة 67، فى حين أن الجيش المهنى هو من جلب نصر أكتوبر، وهو من حمى الشعب والدولة فى 25 يناير و30 يونيو. والمؤكد أن تجربة وجود مرشح قادم من الدولة وليس الأحزاب والحركات السياسية (قريبة من حالة بوتين فى روسيا) تختلف عن تجربة بلد مثل إسرائيل التى اعتادت أن يحكمها رئيس وزراء له خلفية عسكرية ويمتلك أيضاً خبرة سياسية وحزبية مضافة لخبرته العسكرية الأولى، وهذا على عكس تجربة السيسى فى مصر فهو ابن المؤسسة العسكرية بامتياز وفقط، وهو ما سيفرض على مشروعه تحديات من نوع: ما شكل التحالف السياسى الذى سيدعمه؟ وهل سينشأ حزب أو تيار سياسى جديد مرشح أن يكون «حزب دولة» يبنى من خلال السلطة، وبالتالى تنتقل إليه أمراض هذا النوع من «الأحزاب» التى تلم الصالح والطالح، أم سيعتمد على قوى حزبية وسياسية موجودة على الأرض وبعضها أعلن عن دعمه له؟ المؤكد أن قوة السيسى فى أن جمهوره الأساسى هم المواطنون المصريون العاديون الذين يشكلون غالبية الشعب المصرى من أبناء الطبقة الوسطى والدنيا وبعض الشرائح العليا، والخطاب السائد لدى الغالبية العظمى من هؤلاء هو خطاب إصلاحى يرغب فى تحسين ظروفه المعيشية والعيش بكرامة على أرض وطنه، وهى تربة أقرب لتركيبة رجل يأتى من خلفية عسكرية ولم يكن منخرطاً فى حزب سياسى ولا فى تنظيم ثورى، وبالتالى يصبح المزاج الشعبى العام فى أغلبيته الساحقة مزاجاً إصلاحياً «بنائياً» يرغب فى إصلاح المؤسسات وإعادة بناء الدولة، وليس ثورياً احتجاجياً (إلا إذا فشل فى إجراء أى إصلاحات) وهو ما يلتقى مع خبرة المرشح المهنية وفرصه. امتلاك هذه الخبرة المهنية والانضباطية والنوايا الإصلاحية لا يعنى النجاح التلقائى فى إصلاح أحوال البلد، فالتحديات كبيرة، والانقسام المجتمعى والسياسى يعطل من فرص نجاح أى إصلاحات جراحية مطلوبة، وتلك تحديات كبرى لا بديل من مواجهتها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس القادم الفرص والتحديات الرئيس القادم الفرص والتحديات



GMT 20:08 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 06:36 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

هوايات مولود برج الجدي الأكثر شيوعاً

GMT 07:25 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

توقعات برج العقرب لعام 2024 من ماغي فرح

GMT 06:20 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

أهم العطور المفضلة لبرج القوس

GMT 09:56 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

أبرز مشاهير برج الجدي العالميين والعرب

GMT 08:22 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

توقعات برج الجدي في عام 2024

GMT 16:19 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

توقعات برج الأسد في عام 2024

GMT 12:32 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

توقعات ليلى عبد اللطيف في 2024 للدول العربية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
 لبنان اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
 لبنان اليوم - موناكو وجهة سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ

GMT 08:59 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

نصائح لتنظيف الستائر دون استخدام ماء كثير
 لبنان اليوم - نصائح لتنظيف الستائر دون استخدام ماء كثير

GMT 20:01 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط تعاقب رئيس الشباب بغرامة 20 ألف ريال

GMT 19:43 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

لجنة الانضباط تعاقب المصري حسين السيد

GMT 15:30 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

لؤي ناظر يكشف أسباب تراجع النتائج ورحيل بيلتش

GMT 03:49 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

هوساوي يكشف أسباب اعتزاله عن "الوحدة"

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

باهبري يحقق رقم مميز في تاريخ المنتخب السعودي

GMT 22:13 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

استقالة جماعية لمجلس إدارة عين مليلة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon