نحوٌ جديدٌ

نحوٌ جديدٌ

نحوٌ جديدٌ

 لبنان اليوم -

نحوٌ جديدٌ

مصطفي الفقي

عكفت فى السنوات السبع الماضية على الكتابة أسبوعياً فى «المصرى اليوم»، بدعوةٍ كريمة من ناشر الصحيفة، واقترح علىَّ يومها أن أكتب عن الشخصيات التى عرفتها، على امتداد حياتى الدبلوماسية والأكاديمية والبرلمانية والإعلامية، وقد اكتمل لى منها قرابة (300 شخصية) دولية وإقليمية ومحلية، وقد بدأت أشعرـ رغم الحفاوة التى استقبل بها معظم القرَّاء تلك السلسلة الطويلة من «البورتريهات» لأشخاصٍ من مختلف القوميات والجنسيات والديانات- أنه قد حان الوقت لكى نطرق باب الحياة العامة راصدين ومحللين وملتزمين بأعلى درجات الموضوعية مع أشد مراحل التجرد والحياد، فلا انحياز إلا للوطن، ولا ولاء إلا له، لذلك سوف أسعى إلى رصد المشهد السياسى عالمياً وقومياً ووطنياً، خصوصاً فى ظل هذه الظروف الملتهبة التى تحمل فى طياتها نذر الخطر، حيث تسعى قوى عديدة لاستهداف الكنانة من كل اتجاه. إننى أبدى الآن الملاحظات التالية فى هذا السياق:

أولاً: إن الترابط الواضح بين المشهد الإقليمى والوضع الدولى يؤكد أن الإحساس المشترك بالخطر قد أصبح «عابرًا للقارات» و«مخترقًا للجنسيات» وأننا أمام ظروفٍ معقدة لا تستطيع أن تميز فيها بين التحالفات المختلفة أو الصراعات القائمة، فالغرب- خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكيةـ الذى يدعم سياسة دولة «قطر» هو نفسه الذى يتهمها بتمويل «داعش»، كما أنه ذاته الغرب الذى أظهر من قبل عداءً لنظام «بشار الأسد» وها هو اليوم يسعى للتعاون معه فى مواجهة العدو المشترك وهو «داعش» أيضاً، كما أن «تركيا» ذات الموقف المحيِّر فى السياستين الدولية والإقليمية كانت، ولا تزال هى دولة «المعبر» لعناصر الإرهاب القادمة من «أوروبا» والمشاركة فيما يجرى فى «العراق» و«سوريا»، وهى فى ذات الوقت عضو نشط فى «حلف الأطلنطى» وحليف استراتيجى «لإسرائيل»، ولكنها داعم ظاهرى للمقاومة الفلسطينية وحركة «حماس» تحديدًا! إننا أمام شبكة عنكبوتية تغيب فيها الملامح، وتتوه الأفكار، وتختفى الخطوط الفاصلة بين المواقف المطروحة!

ثانيًا: أصبح التنظيم الدولى المعاصر فى حالة لا تسمح له بأن يكون أداة فاعلة فى تسوية المنازعات وحفظ الأمن والسلم الدوليين، فقد تضخمت محنة «التنظيم الدولى» على مستوى «الأمم المتحدة» ووكالاتها المتخصصة ومنظماتها الفرعية وأيضاً على مستوى «جامعة الدول العربية»، بسبب عجزها عن تجسيد روح العمل العربى المشترك. لقد أصبح هذان النموذجان الدولى والإقليمى تأكيدًا واقعيًا لضعف المنظمات الدولية المعاصرة وتراجع قدرتها عن الوفاء بالتزاماتها كما حددتها مواثيق إنشائها! إننا أمام حالة تغوّل من القوى الكبرى، وفى مقدمتها «الولايات المتحدة الأمريكية» فى جانب والتنظيمات الإرهابية التى تعيث فى الأرض فسادًا على الجانب الآخر، ولقد أدرك الجميع أن الخطر قادم، وأن المستقبل يحمل فى طياته مشكلات غير مسبوقة، فلم يعد الاستقرار الكامل ولا السلام الدائم ممكنين!

ثالثًا: إن مشكلات «الجوع» و«نقص الطاقة» و«ندرة المياه» و«تلوث البيئة» و«تزايد السكان» تقف بالمرصاد أمام الدول والحكومات لتعوق حركتها، وتعطل من قدرتها على الوفاء بمطالب شعوبها، ويكفى أن نتأمل الصراع الدائر على «منابع البترول» والجدل المحتدم حول «الطاقة النووية» والأمل المنشود فى «الطاقة الشمسية»، لكى ندرك حجم المعاناة التى تنتظرها البشرية فى سنواتها القادمة، حيث يختلط الألم بالأمل فى سبيكة عصرية فريدة، ولعلنا نتأمل أيضًا النزاعات داخل أحواض الأنهار، وكيف أن الصراع على المياه لا يقل، بل يزيد على الصراع على مصادر الطاقة. أما «تلوث البيئة» وإجهاد التربة فضلاً على الخلل المحتمل فى التوازن «البيولوجى» بين «الإنسان» و«الحيوان»، فتلك قصة أخرى تجعلنا نشعر بالقلق من مستقبل غامض يحيط بالشعوب وتكتنفه التحديات.

تلك قراءة مبدئية للمنظر العام على المستويات المختلفة، حاولنا أن نقوم فيها بعملية تحريض على التفكير، ولكننا سنفصل الأمر، ونشرح الرؤية، بقدر ما أوتينا من معرفة وما أتيح لنا من متابعة، واضعين فى الاعتبار أننا سوف نمتلك من المرونة ما يتيح لنا الكتابة عن الأشخاص والأحداث والمواقف، فى إطارٍ من الموضوعية والتجريد والحياد الفكرى.

 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحوٌ جديدٌ نحوٌ جديدٌ



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon