صمود وليس نصرًا

صمود وليس نصرًا

صمود وليس نصرًا

 لبنان اليوم -

صمود وليس نصرًا

أسامة غريب
بقلم : أسامة غريب

هل انتصرت غزة؟. لقد تحول القطاع إلى تراب وأحجار وركام، ومع كل هذا الخراب يصعب أن نصف الحالة الحالية بالنصر. غزة صمدت واستعصت على الكسر، ويحق لنا أن نحتفى بصمود الغزاويين لكن دون أن نصف ما حدث بالنصر حتى لا تتوه منا المصطلحات ويزيغ منا الطريق.

لقد نجح اليهود فى تحويل الهولوكوست الذى تعرضوا له إلى نعمة، واستطاعوا تحويل التعاطف إلى دولة أقاموها فوق جماجم أهل الأرض التى سرقوها. فى الوقت نفسه فشل الفلسطينيون فى اكتساب عطف العالم، وفى المرات القليلة التى تفاعل معهم المجتمع الدولى فإنهم فشلوا فى تحويل التعاطف إلى مكاسب يستفيد منها اللاجئون الذين هربوا والصامدون الذين بقوا؟.

عندما قام هتلر باضطهاد اليهود فإن الناجين من المحرقة لم يعلنوا أنهم انتصروا على النازى.. لهذا فإننى أرجو أن نتوقف عن الحديث عن النصر لأن هذا من شأنه أن يسحب التعاطف المستحق بعد الإبادة التى تعرض لها الفلسطينيون، فالناس لا تتعاطف مع المنتصر الذى يزهو بنصره، وإنما تقدم الدعم المادى والمعنوى للطرف الذى تعرض للإبادة إذا أحسن إدارة مأساته. يبقى فقط أن نتوقف عن الاحتفال، لأن مقتل وإصابة عشرات الآلاف ليس مناسبة تستحق الابتهاج، ولئن قيل إن هذه المظاهر تهدف إلى شد عصب المقاومة ورفع الروح المعنوية للشعب فإن هذا وإن كان به بعض الوجاهة فإنه يضر بالأهداف النهائية للتغريبة الفلسطينية ويجعل السردية الإسرائيلية هى التى تسود. ولننظر إلى الإسرائيليين الذين يتصرفون الآن وكأنهم فى مأتم رغم كل ما حققوه فى غزة وفى لبنان وفى سوريا وضد إيران. أقول هذا من باب الرفق بالشعب العربى الذى اعتاد أن يصف الهزائم بأنها انتصارات، لأن الشعوب أصبحت لا تستريح لاستمرار هذا النهج العبثى. ولعلنا نذكر أن حرب عام ١٩٥٦ أعقبها الاحتفال بعيد النصر فى ٢٣ ديسمبر من كل عام، رغم أن إسرائيل احتلت سيناء ثم فازت بحق المرور فى مضيق تيران، ومع ذلك ظللنا نحتفل بعيد النصر إلى أن تلاشت المناسبة مع الزمن. نفس الأمر حدث فى العراق عندما ظل صدام يحتفل بالانتصار فى أم المعارك إلى أن عُثر عليه داخل حفرة!. ولا ننسى كذلك أن هزيمة ٦٧ المروّعة حولها الإعلام إلى نكسة بمذاق الانتصار، ذلك أن إسرائيل أرادت أن تتخلص من عبدالناصر، لكنها فشلت فى تحقيق هذا الهدف وبذلك لم تنتصر!!.

لقد خاض الغزاويون حربا شريفة غير متكافئة مع أشرس وأحط أنواع البشر مدعومين من حلف الناتو ومن معظم العرب، لكنهم صمدوا وتحملوا الخسائر وأوجعوا العدو، ومع ذلك لا أحب أن نستمع إلى أسطوانة النصر الذى من دلائله أن إسرائيل لم تحقق أهدافها من الحرب!. يا سادة لقد حققت إسرائيل الكثير، وهذا ليس حديث التيئيس، لكنه حديث المصارحة، وبصراحة لقد آن الأوان أن يجنى أقارب الشهداء ثمرة تضحيات ذويهم فى غزة بدلا من أن نكابر ونحتفل ثم تفوز إسرائيل بالغنيمة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صمود وليس نصرًا صمود وليس نصرًا



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon