بقلم:أسامة غريب
يبدو أن إيران قد حصلت بالفعل على كنز معلوماتى يتعلق بالبرامج والمنشآت النووية السرية لإسرائيل. لم تؤكد إسرائيل أو تنفى الأخبار التى أذاعتها إيران وتصريحات مسؤوليها حول الاستيلاء على حمولة ضخمة من الوثائق تتعلق بمعلومات حساسة عن البرنامج النووى للدولة العبرية، ومع هذا فإن رافائيل جروسى، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال إن هذه الوثائق تتعلق فيما يبدو بمركز الأبحاث النووية «سوريك». يعلم جروسى إذًا بشأن المراكز النووية لإسرائيل، ولديه معلومات عن نشاطاتها، ومع ذلك فإن معظم اتصالاته مع تل أبيب تعلقت دائمًا بمباحثات حول إيران وبرنامجها النووى، ولم يحدث أن فكر فى الحديث عن الرؤوس النووية التى يحوزها الجيش الأكثر وحشية فى العالم!. المهم أن إيران أعلنت من خلال المجلس الأعلى للأمن القومى أن الوصول لهذه المعلومات الثمينة يسمح لإيران أن ترد فورًا على أى استهداف لمنشآتها النووية من خلال قصف المنشآت النووية السرية لإسرائيل بعدما أصبحت مكشوفة ومعروفة للاستخبارات الإيرانية. وفى ذات السياق أعلن إسماعيل بقائى، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أن الوثائق التى فى حوزة إيران كشفت عن دعم أوروبى صريح ومباشر للبرنامج النووى العسكرى الإسرائيلى بما يشى بازدواجية مقيتة تمارسها أوروبا، إذ أن أعلى الأصوات تنديداً بالبرنامج السلمى الإيرانى هى الأطراف التى تساهم فى صنع السلاح الذرى الإسرائيلى وتطويره!.
ويمكن النظر إلى هذا الإعلان الإيرانى والذى تزامن مع عدة اعتقالات قامت بها إسرائيل ضد جواسيس من الداخل الإسرائيلى يعملون لصالح إيران، على أنه موجّه للأمريكان أيضًا وليس فقط للإسرائيليين، حيث إن المفاوضات النووية التى يرعاها ترامب كانت تضغط على العصب الإيرانى المكشوف، ولم يتورع المفاوض الأمريكى عن بث رسائل الترويع المحمولة إلى عباس عراقجى وزير الخارجية الإيرانى بأن صبر واشنطن ينفد وأن البديل لاستسلام طهران للطلبات الأمريكية هو استعمال القوة. لقد شعر الجميع بأن المفاوضات على وشك الانهيار لأن إيران ترفض أن تستسلم لطىّ صفحة التخصيب وبدء صفحة جديدة تكون فيها تحت رحمة القوى الدولية كلما احتاجت إلى بعض الوقود النووى لإدارة مشروعات توليد الكهرباء وغيرها. تعاملت الميديا العالمية مع إيران على أنها الرجل المريض الذى لا يحق له الحصول على اتفاق متوازن لأن كل ما يملكه هو أن يوافق ويبصم على أى اتفاق يقدم له، لأن هذا هو الطريق الوحيد لمنع القاذفات الأمريكية والمقاتلات الإسرائيلية من دك منشآت التخصيب الإيرانية وزلزلة قواعد دولة الملالى. الآن يبدو أن منطلقات التفاوض قد دخل عليها عامل جديد لا أدرى مدى تأثيره، وهذا المدى يتوقف على دقة الوثائق التى صارت فى أيدى الإيرانيين، فإذا كان الأمر يتعلق صدقًا بكنز معلوماتى حساس فإن إيران ستستطيع مبادلة القصف الإسرائيلى بقصف مماثل، وهذا من شأنه أن يبرّد رؤوس صقور ترامب الذين يتوعدون إيران بالويل والثبور، وقد تمضى الأمور فى سكة اتفاق متوازن. أما إذا كانت إيران تجعجع وتبالغ فى قيمة ما لديها فإنها ستخسر فى التفاوض وفى الحرب.