تلامذة أوروبا والأستاذ ترامب

تلامذة أوروبا والأستاذ ترامب

تلامذة أوروبا والأستاذ ترامب

 لبنان اليوم -

تلامذة أوروبا والأستاذ ترامب

بقلم:أسامة غريب

المنظر الذى رأيناه للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وقد قام بجمع قادة أوروبا ورصّهم أمامه كالتلامذة بينما جلس هو فى مواجهتهم يصول ويجول منتفخ الأوداج- توضح بجلاء حالة أوروبا وما وصلت إليه من تهافت ساعدت عليه سياسات ترامب ومن قبله بايدن كلٌ بطريقته.

نفس هذه الرصّة تعرض لها الزعماء الأفارقة فى البيت الأبيض، الشهر الماضى، عندما التقى بهم ترامب حزمة واحدة دون أن يكون عارفًا بأى رئيس فيهم، وعندها لم يستحِ من أن يطلب من كل واحد تعريف نفسه بأن ينطق اسمه واسم البلد الذى يرأسه، ثم يتحدث باختصار، لأن سيد البيت الأبيض فى عجلة ولا وقت لديه للاستماع لكلامهم الفارغ!. يتفوه ترامب أثناء اجتماعه بضيوفه بكل أنواع الكلام الخالى من المعنى، ويطلق النكات يمينًا ويسارًا، وبعضها سمج ومهين، ولا أحد يجرؤ على أن يرد عليه مزاحًا بمزاح أو سخافة بسخافة. يشبه الأمر ما نعرفه فى بلادنا عندما يجمع المدير موظفيه، ثم (يتكلم فيهم) لا معهم، لفترة يحددها هو، وينتقل من موضوع إلى موضوع، وقد يهين أحد الموظفين أثناء خطبته أو يفصل أحدهم على الهواء بدون تحقيق، دون أن يجرؤ أحد على أن يرد عليه أو يخرسه!.

المشكلة أن ترامب بأفعاله هذه يرسى أعرافًا دبلوماسية جديدة قد تستقر وتصبح جزءًا من البروتوكول الدبلوماسى الذى ظل راقيًا ومنطقيًا لعشرات السنين. ما الذى يمنع الرئيس الفرنسى مثلًا بعد أن ظل يبتسم بالإكراه طوال الجلسة ويومئ برأسه موافقًا على كلام من الطبيعى أن يكون مرفوضًا بالنسبة لفرنسا.. ما الذى يمنعه من أن يثأر لنفسه ويمارس نفس التجبر على رؤساء من إفريقيا وآسيا يحتاجون مساعدة بلاده فى موضوعات سياسية ومشروعات إنمائية؟. ومن المعروف أن الذى يتعرض لمعاملة غير لائقة من أحد الأقوياء يقوم فى أقرب فرصة بالتعويض فى مواجهة أحد الضعفاء. يحدث هذا فى العلاقات الشخصية بين الأفراد، وليس هناك ما يمنع من انطباقه على العلاقات بين الدول.

ما يرجح ما أقول هو أن السمات الشخصية للزعماء فى أوروبا وغيرها لا تفصح عن نبلاء أو أشراف أو أصحاب علم ورفعة، ولكن بينهم الزلنطحية والمتسلقون الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف، وهؤلاء فى الحقيقة لا يدارى عيوبهم ويظهرهم فى صورة محترمة سوى البروتوكول الذى يلتزمون به، فإذا ضاع هذا سيكونون صورًا من ترامب البلطجى الذى يرفض الامتثال لموظفى البروتوكول فى البيت الأبيض ويتصرف كما يحلو له.

المهم الآن أن موقف ترامب بالنسبة لحرب أوكرانيا يختلف تمامًا عما يريده الأوروبيون، فهو لا تفرق معه حقوق كييف أو أمن أوروبا، بل بالعكس هو يعلم أن كل انتكاسات أوروبا تجعلهم يوغلون فى التبعية والانصياع. هو لا يريد التصدى لأطماع روسيا أو طموحاتها، لكنه يوظفها لتخويف حلفائه حتى يحصل على أموالهم ويبيع لهم أسلحته، ثم يرغمهم على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام التى لا أشك فى أنه سوف يحصل عليها.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تلامذة أوروبا والأستاذ ترامب تلامذة أوروبا والأستاذ ترامب



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon