القارعة

القارعة

القارعة

 لبنان اليوم -

القارعة

أسامة غريب
بقلم : أسامة غريب

فى مباريات كرة القدم قد يقدم الفريق أسوأ أداء، ومع ذلك تخرج جماهيره سعيدة لأنه حقق الفوز. الانتصارات تدارى السوءات، لكن الهزائم هى التى تكشف الأخطاء، والهزائم أنواع وأكثرها وقعا هى الهزيمة بالضربة القاضية، فهى فضلا عما تلحقه بالمهزوم من أضرار مادية فإنها تمس كرامته وكبرياءه الشخصى، وذلك لأنها تذكره بفشله وتقصيره. لهذا فإن الضربة القاضية تملأ نفس المهزوم بالغضب وتشعل رأسه بالحنق والنقمة، وتجعله يعقد العزم على الثأر مهما كلفه الأمر من جهد ومشقة واستعداد وتدريب.

وعلى العكس من هذا فإن الهزيمة بالنقاط أدعى للتراخى والكسل، فهى تجعل المهزوم فى معظم الأحوال راضيا عن أدائه، فيظن أن ما حدث هو تعادل أو نتيجة أقرب للتعادل، وذلك على الرغم من أن الهزيمة بالنقط هى هزيمة كاملة!. وربما أن المثال الأبرز للهزيمة بالضربة القاضية هو ما وقع للدول العربية فى الخامس من يونيو عام ١٩٦٧ عندما باغتنا الإسرائيليون وانقضوا علينا فألحقوا بنا أفدح الأضرار وتمكنوا من تدمير الجيوش واحتلال الأرض. ومن الطبيعى أنّ الغضب الذى صاحب الهزيمة كان هو الوقود الذى ألهب عزيمتنا وجعلنا نثأر فى حرب أكتوبر ٧٣.

مأساتنا فى العالم العربى الآن أننا مهزومون بالنقاط، وهذا لا يجعلنا نشعر بفداحة الحالة التى تردينا إليها رغم السوس الذى ينخر فى البدن ويسحب منه ماء الحياة. وخطورة الأمر هنا أن الشعوب لا تنتبه وتستجيب لدواعى الواقع الردىء إلا عندما يكون القهر والقمع الداخلى على درجة مريعة من الوحشية، فأنظمة مثل نظام الأسد فى سوريا ونظام صدام فى العراق والقذافى فى ليبيا هى أكثر إثارة للوعى من أنظمة أخرى ناعمة تمارس الاستبداد والظلم بهدوء دون أن تجعل الدماء تصل فى النافوخ لدرجة الغليان ودون أن تجعل المواطن راغبا فى الثأر!.

إنى أعتقد أن الألمان واليابانيين قد نهضوا من تحت ركام الحرب العظمى الثانية بسبب أن الهزيمة كانت ساحقة ماحقة لم تترك فرصة لأى متنطع ليجادل ويحاول تحويلها بالمهرجانات الإعلامية إلى نصر! ولقد كان من الممكن أن يستمر جوبلز يسوق أكاذيبه لو أن القوات الألمانية قد استمرت فى تحقيق الانتصارات فى ميادين القتال. ما أوقف الهراء الإعلامى هو الهزيمة الواضحة وليس شيئا آخر. حتى أفكار سيادة الجنس الآرى كان يمكن للشعوب التعيسة أن تتبناها وتصدقها وتظن فى نفسها عدم الجدارة.. ما نسف هذه الأفكار ليس فسادها ولكن الهزيمة العسكرية لأصحابها. ولعلنا نذكر أن صدام حسين قد ظل يحتفل كل سنة من ١٩٩١ حتى دخول الأمريكان بغداد ٢٠٠٣ بانتصاره الذى حققه فى أم المعارك، وكان يمكن أن يظل حتى يومنا هذا يقيم الأفراح والليالى الملاح فى ذكرى انتصاره المزعوم. لم يوقف المهزلة سوى سقوط بغداد وهروب صدام ثم القبض عليه وإعدامه.

يحتاج العرب حكاما ومحكومين إلى الشعور بحقيقة ما هم فيه حتى يسعوا إلى تغيير الواقع بالوسائل السلمية بدلا من أن تدركهم القارعة!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القارعة القارعة



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon