يا ريس الشعب بيتنفس من «بؤه»

يا ريس الشعب بيتنفس من «بؤه»

يا ريس الشعب بيتنفس من «بؤه»

 لبنان اليوم -

يا ريس الشعب بيتنفس من «بؤه»

معتز بالله عبد الفتاح

لليوم الثانى أشارك فى مبادرة «التعليم أولاً» التى تقوم بتدريب سبعة أشخاص (بين إداريين ومدرسين) من 700 مدرسة على مستوى الجمهورية. وكان لقائى التدريبى بالأمس مع 450 مدرّسة ومدرساً من خمس محافظات، وقبله لقاء آخر مع 450 مدرّسة ومدرساً من خمس محافظات أخرى. وهى تجربة استمرت شهوراً وستستمر شهوراً أخرى، ويتمنى القائمون عليها أن تمتد لكل مدارس مصر تباعاً. طبعاً كان جزء من الحوار مع السادة المدرسات والمدرسين عن المدرسة ودورها، والمطلوب من المدرسين فى هذه المرحلة. اتفقنا أن التحدى يقتضى أن نشخص المرض بعناية. وجوهر المرض فى تقديرى ووافقنى عليه معظم من التقيت من السادة المدرسين الأفاضل لخصته فى جملة «الشعب بيتنفس من «بؤه»، لأن أحداً لم يشرح له فوائد أن يتنفس من «أنفه».

نحن شعب بعيد كثيراً عن آليات التربية والتعلم الحقيقية الموجودة فى معظم المجتمعات المتخلفة. نحن شعب مستعد لأن يكتسب مكارم الأخلاق وأهم المهارات، شريطة أن يكون هذا جزءًا من برنامج وطنى جاد ومتماسك.

كتب الأستاذ عماد أديب ذات مرة عن هذه المعضلة، قائلاً: مصر بحاجة ماسة إلى تحول رئيسى فى ثقافتها الوطنية! الثقافة لم تعد ثقافة، ولم تعد من داخل الوطن! نحن نعيش على بقايا ثقافة ومعلومات الإنترنت والفضائيات العالمية. إنها حالة من «الكوكتيل» الفكرى غير المترابط الذى لا يمثل أى هوية وطنية حقيقية! قليل من الفضائيات الوافدة وكثير من الإنترنت غير معروف الهوية، ولا أحد يعرف الأب أو الأم الحقيقيين لهذه الثقافة.

يسيطر علينا ما يُعرف بثقافة العشوائيات التى أنتجت لنا أغانى المهرجانات وأشعار الجنس وممارسات العنف بالرصاص والسلاح الأبيض وأنابيب الغاز المشتعلة! يسيطر علينا أصحاب السلاح الأبيض و«السنج» و«المطاوى» والحياة بقوة السلاح الأبيض. هذا النوع من الثقافة هو الذى نشأ فى غياب قسم الشرطة ودور المسجد ووعظ الكنيسة. هذا النوع من الثقافة انتشر عندما غابت المدرسة، وماتت النخبة المثقفة، وضاع دور الإعلام التربوى.

هذا النوع من الثقافة يقوم على مبدأ: إذا استطعت أن تخلق أى واقع بقوة المسدس أو المطواة فأنت البطل الشعبى الحقيقى. هذه الثقافة هى التى نشأت فى زمن سيادة القوة وضياع القانون وفوضى الثورة وانحراف الثوار. هذه الثقافة لا تعرف مصلحة الوطن ولا أخلاقيات ابن الحارة وجدعنة الناس الشعبيين. هذه الثقافة لا علاقة لها بأى دين من الأديان السماوية ولا أى مذهب من المذاهب الرئيسية. إنها نبت شيطانى لحالة من الجنون المتأثر بالقوة المفرطة التى يفرضها الأمر الواقع بعيداً عن دولة القانون وثقافة الأخلاق والعادات والتقاليد. لذلك لم يعد غريباً أن يطعن التلميذ أستاذه، وأن يصفع الابن أباه، ولا أن يشتم المذيع جمهوره! هذا زمن انحطاط الفكر وضياع الأخلاق!

انتهى كلام الأستاذ عماد أديب، لأسأل: من يقوم بهذه المهمة؟.

لا بد من أن تكون مسائل القيم والأخلاق على قمة الأجندة الوطنية على مستوى الخطابات الخمسة: الخطاب السياسى، الخطاب الدينى، الخطاب التعليمى، الخطاب الإعلامى، الخطاب الفنى والثقافى.

الرئيس يعانى تماماً مثلما نعانى من مشاكل على مستوى تردى الكفاءة وتراجع النزاهة وندرة التجرد وتراجع العمل لله والوطن دون سواهما.

مصر بحاجة لأن تكون لها بوصلة واضحة؛ فحين نتحدث عن تجديد الخطاب الدينى، فمن هم «النجوم الذين بهم نهتدى» هل هو محمد عبده أو الشيخ المراغى؟ أم هو الشيخ القرضاوى والشيخ عمر عبدالرحمن؟

حين نتحدث عن إصلاح الخطاب الإعلامى، فمن هم «النجوم الذين بهم نهتدى» هل هو مصطفى محمود وطارق حبيب؟ أم هو السائد من غثاء هذه الأيام؟ هذه أسئلة أخطر من أن نتركها بلا إجابة أو أن نفترض أن الإجابة فطرية. ماحدش علّم أو بيعلّم الناس الفرق بين التنفس عبر الأنف والتنفس عبر الفم. لذلك ستظل مناعتنا ضعيفة ضد الشائعات والتشوهات وسوء الأخلاق.

يا ريس الشعب بيتنفس من «بؤه»، وأنت مسئول عن قيادة مشروع وطنى للقيم والسلوك عبر برامج شبيهة بما فعله «لى كوان يو» فى سنغافورة ومهاتير محمد فى ماليزيا وبول كاجمى فى رواندا.

يا رب يا مسهّل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا ريس الشعب بيتنفس من «بؤه» يا ريس الشعب بيتنفس من «بؤه»



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon