ما معنى «اصطفاف» السيسي

ما معنى «اصطفاف» السيسي؟

ما معنى «اصطفاف» السيسي؟

 لبنان اليوم -

ما معنى «اصطفاف» السيسي

معتز بالله عبد الفتاح

قال الرئيس السيسى أكثر من مرة إنه يريد أن نعيش حالة من «الاصطفاف الوطنى» من أجل مصلحة البلد.

الموضوع له أكثر من بعد.

أولاً، الاصطفاف فى المجتمعات المتخلفة والمستبدة هو الأصل لأنه أصلاً «لا صوت يعلو فوق صوت الحاكم أو يوازيه أو ينتقده». لكن الاصطفاف الوطنى، دون تكميم الأفواه أو الدخول فى صفقات سرية أو تأميم الحياة السياسية وتدجين الأحزاب أو قيادات رأى عام على الطريقة الناصرية أو المباركية، موجود كذلك فى أوقات الأزمات فى المجتمعات الديمقراطية. على سبيل المثال عاش المجتمع الأمريكى، حالة من «الاصطفاف»، لكن على الطريقة الأمريكانى، فى الفترة الأولى من حكم الرئيس رونالد ريجان فى الثمانينات.. لماذا؟

واجه المجتمع الأمريكى تحدياً من نوع غريب وهو أربعة رؤساء أمريكان متلاحقين خرجوا من سدة الحكم بالكثير من المشاكل والقليل من النجاحات، أو على الأقل كان هذا الانطباع السائد عند الرأى العام الأمريكى بما أثر على «شعبية» ومن ثم «ثقة» الأمريكان فى مؤسسة الرئاسة أصلاً، وبدأ البعض يطرح فكرة التحول إلى نظام حكم برلمانى برئيس وزراء مسئول أمام البرلمان ويمكن طرح الثقة فيه. جونسون خرج من الحكم وفى رقبته مئات الآلاف من القتلى والجرحى الأمريكان بسبب حرب فيتنام وتزوير حقائق وتشويه خصوم وكذب على الرأى العام، نيكسون خرج من السلطة ومكتوب على جبهته «كاذب، غشاش، غير نزيه» لأنه كذب فى فضيحة «ووتر جيت» بالتجسس ثم إنكار معرفته بالتجسس على مقار الحزب الديمقراطى، فاستقال مضطراً تاركاً رئاسة بدأت قوية وانتهت بفضيحة، ثم جاء بعده نائبه فورد ليكمل آخر عامين فى فترة حكم سلفه نيكسون. ولا يذكر للرجل أنه فعل الكثير إلا أنه أصدر عفواً رئاسياً عن نيكسون. وقد كان قراراً غير شعبى آنذاك لكن معظم المحللين يرون أنه كان حكيماً لغلق هذا الملف تماماً.

ثم جاء كارتر الديمقراطى مع وعود كثيرة وقائمة طويلة من مشروعات القوانين التى تعد بالكثير لكنها لم تكن مدروسة بالقدر الكافى، ليخرج الرجل من السلطة وهو لم يحقق الكثير ومعه مأساة الدبلوماسيين الأمريكان الذين احتجزوا فى سفارة أمريكا فى طهران لمدة 444 يوماً مع إذلال مهين وفشل مريع فى محاولة تحريرهم.

هنا وجد المجتمع الأمريكى نفسه فى أزمة «شرعية» وليس فقط أزمة «سلطة» ومن هنا حدث «الاصطفاف» الوطنى خلف الرئيس الجديد، رونالد ريجان، الذى ظهر معه مصطلح «Regan Democrats»؛ فريجان الجمهورى يجد دعماً كبيراً من كثير من الديمقراطيين سواء الناخبين أو قادة الرأى العام أو حتى أعضاء الكونجرس من الديمقراطيين، ومن هنا ترسخ مصطلح آخر هو «Red Democrats» أى الديمقراطيين الذين قبلوا أن يدعموا رئيساً جديداً من الحزب الجمهورى (الذى يرمز له باللون الأحمر).

«شهر عسل» ريجان كان طويلاً، امتد لقرابة السنتين ونصف السنة وبالذات بعدما تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة.

هنا الاصطفاف ليس من أجل الشخص، لكن من أجل الرمز والدور.

الاصطفاف الوطنى يكون فى الدول البرلمانية بصيغة واضحة للغاية وهى تشكيل حكومات وحدة وطنية. ما خاضت إسرائيل حرباً ضدنا إلا من خلال حكومة وحدة وطنية يشارك فيها حزب الأغلبية ومعه الحزب المعارض صاحب المقاعد الأكثر ثم غيرهما. ذلك أن «وجود» إسرائيل على المحك وليس فقط سياسة حزب أو مصير شخص.

وهكذا.

إذن الاصطفاف الوطنى فى المجتمع الديمقراطى ينبغى أن يتكون من شقين: «أزمة» و«رؤية».

لا بد من إقناع الناس بالأزمة، وليس أن نتركهم يعيشونها ونتصرف كسياسيين وكأنها غير موجودة، لأن جزءاً من الرؤية هو توصيف الأزمة وتوضيح أسبابها ثم تقديم روشتة أو خريطة طريق حول علاجها ثم التواصل مع الناس لإقناعهم بها.

ما يحدث فى مصر له شقان: هناك أزمة، الكل يتجاهلها. شعب أغلبه فقير تحكمه حكومة تتصرف وكأنه شعب غنى مخبى الفلوس.

وهناك رأى يتبناه المسئول الفلانى دون أن نعرف هل هذا «الرأى» جزء من «رؤية» أم هو رد فعل لحظى على مأزق ما.

الاصطفاف يقتضى شعوراً يقينياً بالأزمة ويقتضى تلاحماً وطنياً حول رؤية.

فلما نوقن أن فيه أزمة ولما نعرف الرؤية، هنبقى نصطف. قولوا يا رب.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما معنى «اصطفاف» السيسي ما معنى «اصطفاف» السيسي



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:59 2024 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

أبرز العطور التي تتناسب مع أجواء الخريف

GMT 06:09 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تقرير يكشف فوائد السمسم على صحة الجسم والبشرة

GMT 09:33 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 10:11 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

النواب الجدد

GMT 13:30 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

"التكنولوجيا المريضة" آخر ما حرّف في كرة القدم

GMT 06:51 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

700 جهاز كل دقيقة مبيعات "آي فون" في الصين

GMT 12:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

الجمعيات والمرافق الرياضية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon