الإسلام أصغر من المسيحية 600 سنة

الإسلام أصغر من المسيحية 600 سنة

الإسلام أصغر من المسيحية 600 سنة

 لبنان اليوم -

الإسلام أصغر من المسيحية 600 سنة

معتز بالله عبد الفتاح

طيب، نرجع من يومنا هذا حوالى 600 سنة إلى الوراء أى إلى الفترة حول سنة 1400، وهذه هى فترة العصور الوسطى والعصور الظلامية التى عاشتها أوروبا، حيث كانت الكنيسة الكاثوليكية تحجر على الأفراد الحق فى التفكير أو الإبداع أو الانتقاد أو التأمل إلا فى حدود ما يسمح به القساوسة، ولنتذكر أنه لم تكن بعد قد ظهرت البروتستانتية التى سيولد مؤسساها مارتن لوثر وجون كالفن بعد حوالى 150 سنة من هذا التاريخ.

هذه المجتمعات التى كانت تعيش فى تلك الفترات الظلامية دخلت فى حروب ومذابح بشعة لا يعرف تاريخ المسلمين لها نظيراً لا على مستوى عدد الضحايا أو على مستوى نوعية التنكيل. ولكنها الآن هى المجتمعات الأكثر تقدماً فى العالم، على الأقل بالمعايير المادية. والدليل أنه لم تنج من احتلال الغرب لكل المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة إلا المملكة العربية السعودية التى خدمتها جغرافيتها الصحراوية. ولكن حتى تصل الحضارة الغربية إلى ما وصلت إليه مرت بعشرات الحروب والثورات والابتكارات الأيديولوجية والتكنولوجية حتى انتصرت قوى العلم والتفكير السببى المادى على قوى التغييب والمتاجرة بالدين.

إذن يمكن الوصول إلى عدد من النتائج المبدئية التى يجوز اختبارها بمزيد من الدراسة على عدد أكبر من الحضارات:

أولاً، الحضارات، سواء التى تستند إلى دين أو التى تخترع الدين، تقوى وتضعف، تصح وتمرض، تتقدم وتتخلف رغماً عن أن نصوصها الدينية المقدسة تظل ثابتة عادة على مر الزمن، وإن تفاوتت الأفهام فى التعامل مع هذه النصوص.

أو كما كتبت فى مقال الأمس: نص + عقل = تفسير.

ثانياً، الحضارات تصاب بأمراض مثلما تصاب الأجساد بأمراض، بل إن بعض هذه الأمراض يمكن أن تكون معدية وتنتقل من مجتمع لآخر من خلال الترجمة والسفر والغزو.

ثالثاً، الحضارات كذلك تتعافى من أمراضها إذا ما نجح رواد الفكر والثقافة والعلم فى أن يشخصوا المرض وأن يحسنوا وصف الدواء، الذى عادة ما يأتى من خلال الترجمة والسفر والتعلم من الحضارات الأخرى. وبالتالى الحضارة التى تتوقف عن التفاعل والتعلم من الحضارات الأخرى على نحو فعال تتكلس وتتجمد وتفقد قدرتها على التخلص من مشاكلها.

رابعاً، المسلمون منقسمون بين أولئك الذين يعيشون فى مجتمعات ما بعد الحداثة الاقتصادية (post modern) مثل ماليزيا وإندونيسيا وعدد من دول الخليج، ودول تعيش على حافة الحداثة (modernity) مثل تركيا وألبانيا والأردن، ودول تعيش فى مرحلة ما قبل الحداثة (pre modern) مثل المجتمعات التى تواجه الإرهاب والعنف القبلى فى آسيا وأفريقيا. والأمر ليس بعيداً عن الحداثة السياسية بنسب متفاوتة. وبالتالى التعميم من خلال حكم واحد يناسب ويتطابق مع كل المسلمين غير واقعى وغير صحيح.

خامساً، إن لم تكن هناك حرب ثقافية وصراع أفكار بين المسلمين أى بين أولئك الذين يريدونه معتدلاً وأولئك الذين يريدون اختطافه، فستكون هناك حروب وصراعات دموية كثيرة بين المسلمين وغير المسلمين.

سادساً، المسلمون ليسوا بحاجة لتكرار التجربة الغربية بحذافيرها، كما أنهم لن يحتاجوا ستمائة سنة حتى يدركوا الحداثة التى بدأها الغرب فى أواخر القرن السابع عشر مع كتابات بيكون وديكارت ومكيافيللى. المسلمون قد يدخلون حداثتهم الخاصة بهم بطريقتهم وكأنه قطار طويل، ستدخل عربته الأولى إلى الحداثة فى عام 2015 وقد تدخل عربته الثانية بعد ذلك بعدة سنوات أو عقود وهكذا.

سابعاً، قوى «الفرامل» الحضارية من الحرس القديم أقوى من قوى «البنزين» الحضارية من المجددين والمبدعين الذين يريدون دفع الأمة دفعاً إلى الأمام. لذا مهما كانت البذرة قوية، فهى ميتة لا محالة فى أرض غير عفية. والدليل ابن رشد ومحمد عبده اللذان كان يصلح كل منهما فى عصره أن يكون مارتن لوثر لكنهما كغيرهما ممن حاولوا أن يحيونا، فأمتناهم.

ربى لا تؤاخذنى إن نسيت أو أخطأت.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسلام أصغر من المسيحية 600 سنة الإسلام أصغر من المسيحية 600 سنة



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon