مقاطعة أم مشاركة

مقاطعة أم مشاركة؟

مقاطعة أم مشاركة؟

 لبنان اليوم -

مقاطعة أم مشاركة

حسن نافعة
ندما يقوم رئيس الدولة بدعوة الناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس جديد للنواب، فالوضع الطبيعى أن يستجيب الجميع لهذه الدعوة، وأن تتخذ جميع الإجراءات اللازمة، كى يأتى مجلس النواب المنتخب معبراً تعبيراً صحيحاً عن إرادة الناخبين، ومعبراً عن الأوزان الحقيقية للقوى السياسية المتنافسة. غير أن رفض جبهة الإنقاذ الاستجابة لهذه الدعوة، وقرارها مقاطعة الانتخابات، احتجاجاً على عدم استجابة الحزب الحاكم لمطالبها الخاصة بضمانات النزاهة والشفافية، يثير إشكالية كبيرة سوف تلقى بظلها على مستقبل العملية السياسية الجارية الآن، لاستكمال بناء مؤسسات النظام السياسى فى مرحلة ما بعد الثورة، فليس من الواضح بعد ما إذا كان قرار الجبهة بالمقاطعة نهائياً، أو أن كل الفصائل المنخرطة فيها ستلتزم به، وليس من المؤكد أن النتائج والتأثيرات المتوقعة لهذا القرار ستكون على النحو الذى يأمله المتحمسون له. قرار المقاطعة أو المشاركة فى انتخابات مجلس النواب المقبلة ليس أمراً سهلاً. وربما تكون هناك أسباب كثيرة تدعو جبهة الإنقاذ لاتخاذ موقف مبدئى بعدم المشاركة، فى ظل إصرار واضح من جانب الحزب الحاكم على عدم الاستجابة لمطالب تعتبرها مشروعة ومبررة وضرورية لضمان نزاهة الانتخابات المقبلة. غير أن القضية الأكثر أهمية لا تتعلق بحق المعارضة فى الدفاع عن كرامتها وعن مصداقيتها بقدر ما تتعلق بضرورة قيامها بحسابات سياسية دقيقة حول المكاسب أو الخسائر المحتملة المترتبة على هذا القرار، فقرار المقاطعة يمكن أن يكون مجدياً، إذا توافرت له شروط محددة، فى مقدمتها: 1- الالتزام به من جانب القوى المشاركة فى اتخاذه، دون أن يؤثر ذلك على تماسكها الداخلى. 2- اقتناع قطاع مهم ومؤثر من الناخبين به وبمبرراته. 3- تمكنها من التأثير الفعلى على نسبة المشاركة فى هذه الانتخابات، إلى الدرجة التى تمس فعلاً بشرعية ومصداقية تمثيل مجلس النواب الذى ستفرزه هذه الانتخابات للإرادة العامة. فإذا لم تتوافر هذه الشروط بالكامل فسيرتد قرار المقاطعة بالخسارة على القوى التى اتخذته. ذلك أن توجه أعداد كبيرة من الناخبين للإدلاء بأصواتهم، رغم المقاطعة، سيكون معناه أن القوى التى قررت أن تقاطع لا تتمتع بثقل جماهيرى يحسب له حساب، وبالتالى ستحكم على نفسها بالموت. المشكلة الحقيقية بالنسبة لانتخابات مجلس النواب المقبلة لا تتوقف على من سيفوز فيها بقدر ما تتوقف على ما إذا كانت ستشكل محطة على طريق الخروج من الأزمة السياسية الراهنة، وتحقيق حد أدنى من الاستقرار السياسى، الذى يعد شرطاً رئيسياً لوقف الانهيار الاقتصادى الحادث الآن. ولأن لدى شكوكاً كثيرة فى أن تتمكن الانتخابات المقبلة من تحقيق هذا الحد الأدنى من الاستقرار السياسى المنشود، أتوقع أن تكون خطوة على طريق تعميق الأزمة الحالية، وليس خطوة على طريق حلها. لذا نصيحتى لجبهة الإنقاذ أن تسعى أولاً لضمان أوسع مشاركة ممكنة للمقاطعة، وإلا فعليها أن تخوض الانتخابات، حتى لو لم تكن كل الضمانات الخاصة بالنزاهة والحياد متوافرة. القرار السليم هو إما أن تقاطع جميع القوى المعارضة للحزب الحاكم، بما فيها التيار السلفى، أو أن يدخل الجميع الانتخابات. أما المقاطعة الجزئية فهى الطريق الأقصر للخسارة واستمرار الأزمة دون حل، وربما التمهيد لانقلاب عسكرى لن يكون فى مصلحة أحد.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقاطعة أم مشاركة مقاطعة أم مشاركة



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon