جبهة ضمير من

جبهة ضمير من؟

جبهة ضمير من؟

 لبنان اليوم -

جبهة ضمير من

حسن نافعة
أعلنت مجموعة من الشخصيات العامة، معظمها ينتمى إلى أحزاب سياسية قائمة بالفعل، عن تأسيس حركة أو تيار سياسى جديد حمل هذه المرة اسم «جبهة الضمير لحماية الثورة». وفى مؤتمر صحفى عقد بساقية الصاوى، يوم السبت الماضى، للإعلان عن قيام هذه «الجبهة»، برر المتحدثون باسمها أسباب قيام هذه الجبهة بالحاجة إلى تكوين «ضمير وطنى يدافع عن استمرارية الثورة وعن حق المصريين فى الحرية والكرامة والعدالة»، وطالبوا «بعدم إعادة إنتاج النظام السابق، والتعاون من أجل وقف العنف الذى تشهده البلاد». أول ما يلفت النظر هنا أن هذه المجموعة استولت على فكرة ليست هى صاحبتها وقامت بتحريفها وحرفها عن المسار الأصلى، الذى كان أصحابها الحقيقيون قد رسموه لها. فمنذ أسابيع عدة تلقيت رسالة من الدكتور سمير عليش تدعونى لحضور اجتماع لبحث فكرة وإمكانية تشكيل «تيار ضميرى» يشخص أسباب وجذور الأزمة العميقة التى يعيشها الوطن فى المرحلة الراهنة، ويقترح سبل وآليات تجاوز هذه الأزمة. ورغم أن ظروفى الشخصية لم تسمح لى بحضور الاجتماع الأول أو أى من الاجتماعات اللاحقة، والتى عقد آخرها يوم الجمعة الماضى، فقد حرص الدكتور سمير على إخطارى بموعد جميع الاجتماعات التى عقدت لهذا الغرض وبما تم إنجازه فيها. ولأن العمل لبلورة وإعلان قيام «تيار ضميرى» كان يسير على قدم وساق وبدا واعداً ومثمراً، فقد أدهشنى كثيراً أن «تستعير» جهة أخرى فكرة ليست هى صاحبتها، وأن تبتذلها على هذا النحو، وتعلن من ناحيتها «قيام جبهة الضمير لحماية الثورة»، وكأن هدفها الأساسى إفساد الفكرة الأصلية وقطع الطريق عليها. إذا نحينا جانباً هذا البعد «الأخلاقى»، رغم أهميته، وبحثنا فى الفكرة نفسها فسوف نجد أنها نبيلة فى ذاتها. فحين يكون الوطن فى حالة استقطاب تام بين معسكرين يدعى كل منهما أنه يملك الحقيقة كاملة، ويتسبب الصراع المشتعل بينهما فى مأزق يهدد بإشعال حرب أهلية، يصبح من الضرورى والواجب أن يتقدم آخرون ممن لا ينتمون إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء بأفكار ومقترحات تساعد على الخروج من حالة الاستقطاب الخطرة هذه. لكن لكى تنجح الفكرة وتتحول إلى حركة قادرة على التأثير على أرض الواقع يتعين توافر شرطين رئيسيين: الشرط الأول أن تكون للأعضاء المؤسسين للحركة أو للتيار الجديد مصداقية لدى الرأى العام، يشترط لتوافرها تمتع هؤلاء الأعضاء باستقلال فكرى وتنظيمى كامل عن الأحزاب والحركات الداخلة فى الحالة الاستقطابية التى تسببت فى الأزمة. الشرط الثانى أن يطرح هؤلاء أفكاراً غير منحازة تعكس هذا الاستقلال وتساعد بالفعل فى العثور على مخرج لا يصب بالضرورة فى شراع سفن أحد المعسكرين المتصارعين. لا يتوافر أى من هذين الشرطين، للأسف، فى «جبهة الضمير». فمن ناحية، تضم قائمة الأعضاء المؤسسين قياديين فى جماعة الإخوان المسلمين وفى عدد من الأحزاب المتحالفة معها، أو شخصيات شاركت حتى النهاية فى الجمعية التأسيسية، التى تولت صياغة الدستور الذى أشعل الأزمة، وكوفئت من جانب الحزب الحاكم بتعيينها فى مجلس الشورى المطعون فى شرعيته. ومن ناحية أخرى، تبنت الجبهة مواقف سياسية تبدو منحازة تماماً لموقف أحد المعسكرين. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تحدث البيان التأسيسى عن ضرورة الحفاظ على الدم المصرى باعتباره أحد أهم الأهداف التى تسعى الجبهة لتحقيقها، لكنه لم يتحدث عن ضرورة تشكيل لجان تحقيق مستقلة للكشف عن المتورطين فى سفك هذا الدم وتقديمهم للمحاكمة. وفى المؤتمر الصحفى تحدث بعض الأعضاء المؤسسين عن أن الصراع السياسى يجب أن يدار «تحت القبة» و«عبر صناديق الاقتراع» وليس فى الشوارع والميادين، لكنهم لم يتحدثوا عن الضمانات المطلوبة لتصبح «القبة ممثلة للشرعية» والانتخابات «نزيهة وشفافة»، أو عن «حكومة محايدة» تضمن للانتخابات القادمة نزاهتها وشفافيتها. لذا بدت الجبهة منحازة لموقف الحزب الحاكم، فولدت ميتة. وهنا مربط الفرس. بوسع أى جماعة أن تدعى أنها تتحدث عن «الضمير»، لكن عليها أن تسأل نفسها أولاً عن أى «ضمير» تتحدث؟. فلكل جماعة «ضمير» يميزها، وبوسعها أن تتحدث عنه، لكن ليس بوسع أحد أن يدعى أنه يتحدث عن «الضمير الوطنى».. الرأى العام وحده هو الحكم.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جبهة ضمير من جبهة ضمير من



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon