إدارة الصراع السياسي في المرحلة الراهنة 13

إدارة الصراع السياسي في المرحلة الراهنة (1-3)

إدارة الصراع السياسي في المرحلة الراهنة (1-3)

 لبنان اليوم -

إدارة الصراع السياسي في المرحلة الراهنة 13

حسن نافعة
1ــ أطراف الصراع: لكى نفهم طبيعة الصراع السياسى الدائر فى مصر حالياً، علينا أن نحدد أطرافه وأبعاده ووسائل إدارته، ولأن الثورة المصرية كانت بلا رأس يقودها، وبلا تنظيم موحد يحرسها، وبلا بوصلة أيديولوجية توجه حركتها ومواقفها، فقد استحال على صناعها أن يستولوا بأنفسهم على السلطة لتسخيرها فى تحقيق أهداف الثورة. ورغم أن رأس النظام المخلوع هو من قام بنقل السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فإن القبول الشعبى العام للدور الوطنى للمؤسسة العسكرية هو الذى منح المجلس العسكرى فى الواقع الصلاحيات التى تمكنه من إدارة شؤون البلاد خلال مرحلة انتقالية، تعين عليه بعدها تسليم السلطة إلى مؤسسات دستورية منتخبة، وهو اللاعب السياسى الرئيسى على الساحة، إن لم يكن الوحيد، من خلال هيمنته على السلطتين التنفيذية والتشريعية. أما القوى والتكتلات الحزبية والسياسية الأخرى فلم تبدأ فى ممارسة تأثيرها على هيكل صنع القرار إلا بعد إجراء الانتخابات البرلمانية ومن خلال وزنها وثقلها داخل السلطة التشريعية. ولأن حزب الحرية والعدالة حصل منفرداً على ما يقرب من 42% من مقاعد البرلمان، وهو ما يعادل ضعف المقاعد التى حصل عليها الحزب الذى يليه فى الثقل السياسى، فقد كان من الطبيعى أن تبرز جماعة الإخوان المسلمين كأكبر لاعب سياسى على الساحة يتمتع بثقل جماهيرى ويستمد شرعيته من إرادة الناخبين. وهكذا راحت الجماعة تمارس دورها على الساحة ليس فقط باعتبارها القوة السياسية القادرة على كسر احتكار المجلس العسكرى للسلطة، ولكن أيضاً باعتبارها القوة التى تتمتع بهامش أوسع من حرية الحركة والمناورة والقدرة على التأثير على مخرجات المرحلة الانتقالية بما يتناسب مع أهدافها ومصالحها الخاصة. فى سياق كهذا، بدأت تتحدد تدريجياً، ولأسباب مختلفة، معالم خريطة صراعية مركبة ومتعددة الأبعاد، فقد برزت معالم صراع مفتوح بين الجماعة والمجلس العسكرى حول من يقود الحكومة، وهو الصراع الذى أدى مؤخراً إلى تعليق عمل البرلمان. وبرزت معالم صراع مفتوح بين جماعة الإخوان وبقية القوى السياسية الأخرى حول الدستور الجديد، وهو الصراع الذى أدى إلى بطلان الجمعية التأسيسية وأعاد الجهود الرامية إلى صياغة دستور توافقى إلى نقطة الصفر، وبرزت معالم صراع بين المجلس العسكرى وجميع القوى السياسية الأخرى حول كيفية إدارة الانتخابات الرئاسية القادمة. الأخطر من ذلك أن السلطة القضائية أصبحت بدورها، ربما بسبب سوء إدارة المرحلة الانتقالية وارتباكها، طرفاً فى الصراع السياسى الدائر الآن، فهى التى ستحدد فى الواقع مصير البرلمان الحالى من ناحية، ومصير الانتخابات الرئاسية من ناحية أخرى، بعد إحالة قانون مجلس الشعب ثم قانون العزل السياسى إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر فى مدى دستوريتهما. فالحكم بعدم دستورية قانون مجلس الشعب يهدد البرلمان بالحل، والحكم بدستورية قانون العزل قد يؤدى إلى إبطال الانتخابات الرئاسية بعد إجرائها. فى سياق هذا الصراع المتعدد الأطراف والأبعاد، تبدو الانتخابات الرئاسية بمثابة حلقة الوصل الرئيسية التى تلقى بظلالها على بقية الحلقات. والسؤال: ما الأهداف التى تسعى الأطراف المختلفة لتحقيقها من وراء الصراع الدائر الآن على الساحة السياسية المصرية، وما الوسائل التى تملكها كل منها للتأثير على مخرجات هذا الصراع، وما النتائج المحتملة لهذا الصراع فى ضوء موازين القوة القائمة بينها فى اللحظة الراهنة؟ هذا ما سنحاول إلقاء الضوء عليه فى الأيام المقبلة.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدارة الصراع السياسي في المرحلة الراهنة 13 إدارة الصراع السياسي في المرحلة الراهنة 13



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon